توقيت القاهرة المحلي 05:46:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من وراء النافذة

  مصر اليوم -

من وراء النافذة

بقلم - هالة العيسوي

تظل ذاكرة الشعوب يقظة ومتقدة رغم رهانات البعض علي تمتع بعضها بذاكرة السمكة. بعض المانحين يتوهمون انهم أمسكوا برقاب الشعوب الأقل حظا في الوفرة والثروة. ما أقحم هذه الفكرة علي ذهني مشهد وموقف لا يربطهما سوي الفكرة العامة. المشهد قادم من غزة حين صعد الشاب الغزاوي إلي سطح احدي البنايات الحكومية وبجرأة منقطعة النظير قام بتنكيس علم قطر الذي تم رفعه ترحيبا بزيارة السفير القطري لقطاع غزة احتفالا بتقديم الدوحة مساعداتها الإنسانية. وفي مستشفي الشفاء الشهير بقطاع غزة قام عمال النظافة بطرد السفير القطري محمد العمادي الذي زار غزة وعقد فيها مؤتمرا صحفيا أعلن فيه بمنتهي التباهي عن تقديم مساعدات بمبلغ تسعة ملايين دولار لسكان غزة.

الصورة المنشورة فضلا عن فيديوهات توثق الحدث وتركز علي وجه السفير القطري وهو يعود ادراجه إلي سيارته تكسو وجهه كل علامات الغضب والحرج. المشهد يدل بما لا يدع مجالا للشك او التأويل علي ان شعب غزة رغم احتياجه الشديد للمعونات التي تدفعها قطر إلي حكومته فإنه لا يقبل المّن القطري ولم يعد يتحرج من إبداء استيائه، ورفضه للثمن الذي يمكن ان تدفعه حكومته بتبعيتها لقطر مقابل معونات تظن الدوحة انها تحمل ماء الحياة لشعب غزة.

أما الموقف فقادم من موسكو ولا بد ان يثير دهشة المصريين من غموض موقف الصديق الروسي إزاء التأجيل المتكرر وغير المبرر لتنفيذ وعد الرئيس بوتين بعودة الطيران الروسي إلي مصر، بعد انقطاعه لما يربو عن العامين إثر حادث سقوط الطائرة الروسية قرب سماء العريش في 2015.. يبدو ان تلهف المصريين علي مصالحة الصديق الروسي وطمأنته لمعايير التأمين المعمول بها من اجل عودة السياحة الروسية أوهم الصديق الروسي بأن سعي المصريون لتنشيط السياحة الأجنبية لزيادة الدخل القومي يسمح له بالتحكم في مصير وأقوات المصريين. إن غياب المبرر المنطقي لعدم عودة الطيران الروسي العارض ورد الفعل المشابه الذي جاء من الشركة الوطنية المصرية بتأجيل الطيران المصري إلي روسيا حتي الموسم الصيفي القادم ينبئ بأن هناك »مسكوتا عنه»‬ لا يرغب الصديق الروسي في البوح به، وان هذا المسكوت عنه لا يلقي ارتياحاً من الشركة المصرية ما يضطرها لإعلان المعاملة بالمثل.

من الطبيعي ان يتساءل المصريون عن السر الكامن وراء مماطلة الصديق الروسي، وعن الدوافع التي تشجعه عليها. هل هي حساباته السياسية مع اطراف أخري تربطه بمصالح أقوي من مصالحه مع مصر، أم أنها ربما تتعلق بمقايضة ما مع مصر تخص مزيدا من الامتيازات يرغب في الحصول عليها من مشروعات استراتيجية أخري؟ المؤكد ان دوافع الصديق الروسي لن تتعلق -بأي حال- بمآخذ أو قصور في معايير الأمان التي تطبقها مصر للطيران في المطارات بعدما قام خبراؤه بمعاودة التفتيش والفحص أكثر من مرة.

يبدو ايضا ان الصديق الروسي يتمتع بذاكرة انتقائية تحتفظ فقط بارتماء مصر في أحضانه إبان فترة بناء السد العالي بعد ان خذلها الأمريكان في مرحلة البناء والتنمية وما بعدها، ونسيت تلك الذاكرة أو تناست فترة الاستغناء عن الخبراء السوفييت حين رغب الحليف السوفييتي في التحكم في القرار المصري قبل حرب اكتوبر وفي فترة الاستعداد لها استنادا إلي اعتمادنا علي السلاح السوفييتي.

ولأن علاقات الدول تقوم دائما علي اعتبارات المصالح المتبادلة ولا مكان فيها للعواطف أو الحب والمقت، فمن الطبيعي ان يبحث المصريون عن مصالحهم ولا يتحرجون من إبداء استيائهم من المماطلة والغموض اللذين يحيطان بالأداء الروسي. وعلي الصديق الروسي إن لم يرغب في الاستماع او تفهم الموقف المصري أن يدرس جيدا موقف شعب غزة من »‬شقيقه» القطري، وأن يذاكر مادة تاريخ العلاقات مع مصر ليدرك جيدا ان الحاجة لا تعني التبعية او التحكم في المصائر

 

 

 

عن الاخبار القاهري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من وراء النافذة من وراء النافذة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon