توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوجة الشهيد وزملاؤه

  مصر اليوم -

زوجة الشهيد وزملاؤه

بقلم -نهاد ابو القمصان

خرج الضابط الشاب فى مهمته متمنياً النصر، مستعداً للشهادة وقد اختاره الله فعلاً لطريق الشهادة والجنة، وقد أوصى أن أول اتصال للتبليغ يكون لزوجته، لكن الاتصال الثانى جاء لكتيبته من والده طالباً تسليم متعلقاته وسيارته له، أصر الزملاء على تنفيذ الوصية والذهاب للزوجة لتسليمها أولاً خطاباً لها من الشهيد، ثم متعلقاته وسيارته لأسباب أخلاقية وقانونية، فهى أم ابنه ولهما الميراث الأكبر فى كل ما ترك، جاءت لى الزوجة / الأرملة الشابه متشحة بالسواد، ما إن تراها حتى يضرب قلبك الألم، فقد حرمت من حب حياتها لكنها قوية وصابرة ولديها يقين بأنه فى المكان الأفضل، فتحت الجواب وكانت لحظة مهيبة، وكأنك ترى الشهيد حياً أمامك ينطق على الورق، كتب كلاماً كثيراً يقطر حباً وإيماناً ورحمة لا أستطيع ذكره، لأنه يخص صاحبته، كتب الشاب «زوجتى الحبيبة وأم ابنى، ما دام هذا الخطاب معك الآن فتأكدى أنى فى مكان أفضل...»، شكرها كثيراً على الفترة القصيرة التى أمضاها معاً، وأوصاها كثيراً على ابنهما، طلب منها أن تعيش مع أهلها لفترة وأن تتزوج لأنها صغيرة وأن تحسن الاختيار لتكون سعيدة، وأنه سيكون سعيداً لسعادتها، لكن طلبه الوحيد ألا تترك ابنهما أبداً، وأن يعيش معها حتى بعد أن تتزوج، ألا يفارقها يوماً واحداً، وألا يربيه غيرها، لا من أهله ولا من أهلها مهما كانت الأسباب.

أتت الشابة لى تريد العون لأن والد زوجها الشهيد طلب متعلقات ابنه وسيارته التى تسلمتها من زملائه طبقاً لوصيته وللوضعية القانونية، وعندما رفضت استولى عليها، بل الأكثر طلب منها ترك الولد لهم وشقة الزوجية وكل شىء وأن تعود لأهلها، فقد مات ما يربطهم بها، هنا ظهر المعنى الحقيقى للحزن والألم، بعد أن كان الاستشهاد هو المعنى الحقيقى للفخر والسعادة، غطت الثقافة البائسة والطمع على كل قيمة حقيقية، فأهل الحفيد يرون أن الأم عنصر زائد فى الحياة، لا مكان لها ولا فائدة، وأن الطفل وميراثه تحت يد جده فلتذهب هى للجحيم، وتخرج من هذه العائلة وليعانى ابن الشهيد من يتم الأب والأم معاً، معركة تدخلها زوجة الشهيد ما بين دعاوى مجلس حسبى ودعاوى إسقاط حضانة واعتداء بالضرب لطردها من شقتها ودوامة مرعبة،

والسؤال هنا إذا كان لدى البعض ثقافة وضيعة أن الزوجة الشابة مصيرها للزواج يوماً ما فتذهب الآن وتترك كل شىء ساحقاً ابن الشهيد، أو أن يرى البعض أن الأرملة الشابة لا تستحق الميراث، وهذا الابن الصغير الذى سيستولى على كل شىء ولم يكن منذ عام أو عامين له وجود فى الحياة أصلاً، ألا ينبهنا ذلك إلى النظر إلى القانون لحماية المستضعفين من هذه الثقافة المبنية على الجشع والرغبة فى الاستيلاء على ميراث الشهيد، ألا يجعلنا نعيد النظر فى تعقيدات المجلس الحسبى الذى يئن تحت أعداد هائلة من الملفات فى أغلبها لا يلقى العناية اللازمة ليس لتقصير وإنما لطبائع الحال، القضية هنا ليست شخصية لفرد، القضية قضية وطن، قضية روح معنوية لمقاتلين يذهبون للشهادة تاركين حبيباتهم وفلذات أكبادهم أمانة فى عنق وطن يموتون من أجله، فهل نحن نصون الأمانة؟ لكى نصون أمانة الشهداء لا بد من تعديل قانون الولاية على النفس والمال لتكون الأم مع الأب أولياء على أبنائهما، وأن تكون إجراءات الحماية للمستضعفين أفضل، وأن تؤخذ التهديدات بالإيذاء أو خطف الأطفال أو القتل بجدية شديدة، إن لم يكن من أجل شهداء رحلوا، فليكن من أجل شهداء مقبلين يخرجون بتفانٍ وحب من أجل وطن لا بد أن يكون أميناً على زوجاتهم وأولادهم.

نقلا عن الوطن القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة الشهيد وزملاؤه زوجة الشهيد وزملاؤه



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon