توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوبر ماركت إسلامي

  مصر اليوم -

سوبر ماركت إسلامي

بقلم : سحر الجعارة

خلال الأعوام الماضية شهدت مصر جدلاً واسعًا، من وسائل الإعلام إلى السوشيال ميديا، ومعظمها كان حول فتاوى وآراء فقهية طاردة للبشر من دائرة الإيمان إلى الإلحاد الذى أصبح هو أيضا ظاهرة متزايدة تناقشها الميديا.. ولم يُحسم الجدل فى كثير من الفتاوى رغم أنها متعلقة بحياة الناس ومنظمة للأحوال الشخصية تحديدا.

فى دولة خارجة من صدمة «الفاشية الدينية للإخوان» كان لابد أن يكون «القانون سيد الموقف»، بكل ما خلفه من مراحل بحث ودراسة واستشارة للمرجعية الدينية.. لكن حتى قانون الأحوال الشخصية الجديد أصبح محلا للجدال والخلاف ما بين مشروعى «الأزهر الشريف» و«المجلس القومى للمرأة»، وبالتالى تجمد القانون داخل الأدراج، وأصبحت حياتنا تدار بمعرفة بعض هواة الشهرة وجنى الأموال من «اليوتيوب».. من الذبابة التى تسقط فى كوب الماء إلى العزوف عن تكفير تنظيم «داعش»!.

خلال هذه الفترة قدم الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مشروعه الفكرى «الرشد الدينى»، الذى تحدث عنه عبر 30 حلقة فى برنامجه «كن أنت» على التليفزيون المصرى.

يقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الرشد الدينى حق لكل إنسان، وليس منحة من أحد، ولكنه عطية وتكليف من الله- عز وجل- لكل إنسان بلغ سن الرشد.. لأن الإنسان له رشد دينى مثلما له رشد مالى.

«الرشد الدينى» مشروع فكرى لا يمكن اختزاله فى مقال، لأن د. «الهلالى» أسهب فى تعريف مفاهيمه وآليات تطبيقها والهدف من كل آلية.. ولكن يمكن الإشارة إلى بعض النقاط الهامة فيه، لنتوقف أمام إجراءات الرشد الدينى: (1- إقامة دولة مدنية بالمواطنة، 2- إنهاء التنظيمات الفكرية، 3- تفويض الدين لله كما أمر، 4- تفرغ الأزهر للعلم وتخليه عن الشؤون العامة للدولة، 5- إلغاء الوصف الإسلامى للهيئات والمؤسسات المدنية، 6- نشر الوعى بتاريخ الأوطان والأديان، 7- تصحيح مسار الوعظ والدعوة لله وليس لجماعات، 8- التزام العلماء بالتعددية الفقهية، 9- محو الأمية الفقهية والابتداء بالنفس). قد يكون اختصار مشروع «الهلالى» مخلاً.. لكنى اخترت هذا المقطع لنطرح بعض الأسئلة حوله: هل هناك دولة مدنية تضع «خانة الديانة» فى الرقم القومى؟.. أو تسمح باستخدام نص قرآنى فى مواجهة المسيحيين لإرهابهم بفتاوى التكفير، من حين لآخر: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون) سورة البقرة، الآية 22.

هذا غير العديد من الدعاة الذين احترفوا تكفير الأقباط، «بدون مناسبة»، بنفس الآية، ولم يُعاقب أى منهم بتهمة «ازدراء الأديان»، ولا حتى بتهمة تهديد السلم الاجتماعى وتكدير الأمن العام!!. هل يجوز فى دولة تتخذ إجراءات «إصلاح اقتصادى» أن يكون لديها «ازدواجية» فى المعايير ما بين البنوك المسماة بالإسلامية، (على أساس أنها قائمة على المرابحة)، فى مقابل بنوك لا تضع «صناعة إسلامية» كلافتة لمنتجاتها.

وقس على ذلك، لدينا تعليم إسلامى بالكامل «التعليم الأزهرى»، وتعليم آخر أجنبى «كافر».. ولدينا سوبر ماركت إسلامى وفراخ حلال ولحوم مذبوحة على الطريقة الإسلامية.. وفى المقابل كان لدينا هجمة شرسة لقتل الخنازير لأن لحمها حرام (خلال أزمة إنفلونزا الخنازير)!. هل لو ألغينا اللافتات الإسلامية سينهار الإسلام؟.. هل سيفقد المسلم هويته ويقينه وإيمانه بالله عز وجل؟.. ما هذه الهوية المستمدة من «السوبر ماركت»؟، ومن المستفيد من تسويقها لنا وغزو عقولنا لنتخبط فى أسئلة من عينة: مدة الحمل فى الإسلام تمتد إلى أربع سنوات؟.. وكيف نقبل بزواج المسلم من مسيحية وبعض العلماء يكفرونهم؟.. وإذا كنا نعتبر اختلاف الفقهاء رحمة، فهل نقبل بتطبيق رأى الإمام الشافعى الذى (يجيز فيه زواج الرجل من ابنته من الزنا)؟!. كيف نفوض أمرنا لله وقد جعلت مقولة: «ضعها فى رقبة عالم» بعض المواطنين «فاقدى الأهلية» لا يتحركون خطوة إلا بفتوى، فمتى نصبح شعباً متجانساً بالفعل.. كلنا خاضعون للقانون ولسلطة الدولة المدنية، متساوون فى الحقوق والواجبات!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوبر ماركت إسلامي سوبر ماركت إسلامي



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon