توقيت القاهرة المحلي 06:21:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (28).. الرؤساء وأنا

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 28 الرؤساء وأنا

بقلم - مصطفي الفقي

يعنُّ للمرء بين حينٍ وآخر أن يتأمل علاقة المواطنة بحكام مصر فى العقود المختلفة، إذ إن نمو الوعى واكتمال النضج بالنسبة لجيلنا قد برز مع العصر الجمهورى، بدءًا من الرئيس عبدالناصر، الذى تحددت علاقتى به مواطنًا شابًا فى ظل رئيس له كاريزما كاسحة. وتمثلت علاقتى كمواطن بالزعيم الكبير من خلال زمالتى الجامعية بالإنسانة المتميزة علمًا وخلقًا د. هدى جمال عبدالناصر، التى رأينا من خلالها صورة مشرقة لابنة الحاكم.

وبذلك أستطيع أن أقول إن عبدالناصر فى ذاكرتى الشخصية هو زعيم متفرد خرج على العالم العربى بمواقف مصرية فى ظل حركة التحرر الوطنى، حتى تأثر مشروعه القومى فى حرب ١٩٦٧ التى لازالت آثارها على الخريطة العربية، وقد اتسمت شخصية السيدة الجليلة قرينته بهالة من الاحترام الدائم.. وعندما جاء السادات إلى الحكم، كنت أعمل فى لندن - القنصلية ثم السفارة - وكانت همزة الوصل بينى وبين الرئيس الراحل السادات هى علاقتى الوثيقة بصهره الأستاذ محمود أبووافية، ابن مركز الدلنجات فى محافظة البحيرة التى أنتمى إليها.

وقد كان إنسانًا خلوقًا رقيقًا مهذبًا، وأتذكر أن الكاتب الكبير محمود السعدنى استقبل أبووافية معى فى مطار لندن وهو قادم للعلاج، وبادره السعدنى قائلًا: هل ورثتم مصر أنت وصهرك السادات؟ وأبو وافية يأخذه بالأحضان، فقد كانا صديقين فى وقت كان الخلاف السياسى فيه لا يمثل سببًا للخصومة أو مبررًا للعداء.. رحم الله الجميع.. وكان أبووافية يداعبنى قائلًا: لماذا مازلت ناصريًا ولم تحاول أن تكون قريبًا من الرئيس السادات؟ وجاء ذات يوم بصورة كبيرة للرئيس الراحل والتقط لى معها صورة أخرى، فى دعابة سياسية، لتأكيد احترامى لصهره الرئيس.

ثم حانت الفرصة للتعامل مع أسرة الرئيس السادات من خلال قرينته العظيمة جيهان السادات التى جاءت إلى لندن عدة مرات والتقيتها فى حضور القنصل العام محب السمرة والصديق الراحل د. فكرى سويلم، حيث كانت تتميز دائمًا بالذكاء الاجتماعى والبساطة الشديدة، وقد امتدت علاقتى الطيبة بها على امتداد سنوات حياتها، وكانت تحضر احتفال عيد ميلادى كل عام فى منزل الصديق عمرو بدر.

وأتذكرها دائمًا مصرية (بنت بلد) فى كل الأحوال، وعندما قذفت بى الظروف للعمل مع الرئيس الراحل مبارك لمدة تصل إلى ثمانى سنوات قضيتها سكرتيرًا سياسيًا للمعلومات، رأيت فيها الكثير، وتعلمت منها ما يبقى معى ما دمت حيًا، كما تعاملت مع السيدة الفاضلة قرينته التى تتميز بالعقلية المرتبة والتفكير المنظم، فهى سيدة متحفظة بطبيعتها، معتزة بذاتها.

أما المشير طنطاوى فقد كان عسكريًا، ربطتنى به صلة قوية بحكم عملنا بمؤسسة الرئاسة عندما كنت سكرتيرًا للمعلومات، وكان هو قائد الحرس الجمهورى، وتوطدت بينى وبينه صداقة ومحبة حتى رحيله، وكان له الفضل فى ترشيحى لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية عام 2011، وهو أمر لم يتحقق بسبب ظروف تلك الفترة، والسيدة قرينته تتميز بالتواضع الشديد والإقبال على الناس فى حبٍ ومودةٍ يذكرها لها الجميع.

أما الرئيس محمد مرسى، فقد عرفته فى البرلمان لسنوات طويلة، وقد تدخلت بناءً على طلب منه للتوسط عند دكتور زكريا عزمى رئيس الديوان الجمهورى للإفراج عن نجل مرسى الذى يحمل الجنسية الأمريكية، وكان محبوسًا احتياطيًا بعد إحدى المظاهرات، ولم نعرف عن زوجته الكثير غير أنها كانت تعمل فى إحدى المؤسسات التعليمية خلال تواجدها مع زوجها فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تترك بصمات قوية فى فترة رئاسة زوجها التى لم تزد على سنة واحدة.

أما المستشار عدلى منصور، فهو أكثر من عرفت احترامًا وتوازنًا، وقد كان حريصًا على مجاملتى فى كل مناسبة تشرفت فيها بلقائه، وعندما رآنى فى أحد الاجتماعات الصغيرة بالرئاسة، طلب من كبير الأمناء إبلاغى بأنه كان يود استقبالى منفردًا، ولكن المناسبة كانت تفرض وجودى ضمن مجموعة من المثقفين، وعندما ترك منصب الرئاسة وذهب إلى المحكمة الدستورية العليا أصر فى يومه الأخير بالمحكمة على أن يدعونى لزيارتها.

ولقد شرفت بتفقدها فى معيته ولازلت حريصًا على إعطائه حقه من الاحترام والتقدير فى كل مناسبة، وقرينته سيدة محترمة وزوجة قاض كبير قبل كل شىء، أما الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى فهو يتحمل أعباءً تنوء بحملها الجبال، فَصِلتى به بدأت من يوم أن تولى منصب مدير المخابرات الحربية واتصل بى ضمن مجموعة من الأصدقاء ليدعونا على العشاء تكريمًا لسلفه اللواء مراد موافى، الذى عُين وقتها محافظًا لشمال سيناء.

وقد التقيت اللواء عبدالفتاح السيسى بعد ذلك مندوبًا عن المشير طنطاوى تلبية لدعوة صديق راحل هو اللواء نبيل بباوى، الذى كنت أناقش إحدى رسائله للدكتوراة ضمن لجنة برئاسة د. أحمد فتحى سرور ومعنا د. محسن العبودى الأستاذ بكلية الشرطة، وكان البابا شنودة الثالث من بين الحاضرين، ولازلت أحتفظ بصورة لتلك المناسبة.

يبدو فيها اللواء السيسى إلى جانب البابا الراحل وكبار الضيوف، وقد امتدت صلتى بالرئيس بعد ذلك من خلال الفريق العصار - رحمه الله - الذى كان زميل دراستى، أما السيدة الفاضلة قرينته فقد استقبلتها وأنا مدير لمكتبة الإسكندرية، وقد حرصتْ هى على أداء صلاة العصر قبل الاجتماع، وظلت نموذجًا مصريًا خالصًا للبساطة والتواضع.

هذه جولة سريعة حول نقاط التماس التى جمعت مواطن ببعض حكام مصر فى العقود الأخيرة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 28 الرؤساء وأنا اعترافات ومراجعات 28 الرؤساء وأنا



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon