توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قناع السلطة

  مصر اليوم -

قناع السلطة

بقلم - مصطفي الفقي

تمر بخاطرى من حين إلى آخر انطباعات حول بعض الشخصيات وهى فى السلطة، ثم أوضاعها بعد زوال تلك السلطة، وقد اخترت بهذا المقال الموجز نماذج ثلاث لشخصيات كبرى فى واحدة من أهم فترات العصر الجمهورى، وأعنى بها سنوات حكم الرئيس الراحل عبدالناصر فأعترف اليوم بملاحظاتٍ أدركتها من خلال شخصيات ثلاث عاصرتها وتحدثت معها وأرتبط بتقدير خاص لكل منها رغم اختلاف المشارب والمآرب إلا أنها تبقى فى ذاكرتى رصيدًا متجددًا للمقارنة السياسية بين الأشخاص فى مواقع مؤثرة وبينهم بعد رحيل السلطة وتراجع الأضواء والإحساس بخواطر من يعيشون على هامش الحياة.

وأعطى لذلك نماذج ثلاثة من ذلك العصر الحالم، ففى أحد الأيام من نهاية تسعينيات القرن الماضى دخلت محلًا تجاريًا فى منطقة صلاح الدين بمصر الجديدة، فإذا بى وجهًا لوجه أمام السيد (عبدالحميد السراج) ابن الإقليم الشمالى للجمهورية العربية المتحدة، كما كانت تسمى أيام الوحدة وكان من المناصرين والمؤيدين للراحل عبدالناصر، كما كان رجله القوى فى سوريا بحكم رئاسته لمكتب الاستخبارات والذى كان يطلق عليه أحيانًا تعبير المكتب الثانى، وقد أرهقت الإجراءات التى اتخذها (السراج) فى سوريا خلال سنوات الوحدة بعض العناصر من بقايا الحكم السابق الذين لم ترق لهم الأساليب المعمول بها فى الإقليم المصرى.

فبادرنى السيد (عبدالحميد السراج) بالتحية وبدأنا حديثًا جانبيًا استغرق عدة دقائق، سألته خلالها لماذا لم يكتب مذكراته؟ فأجابنى بأنه إذا فعل ذلك فقد يسىء إلى بعض من أحبهم، وكان شديد الولاء لهم، ثم تطرق إلى ما جرى يوم الانفصال وتهريبه هو وحارسه (منصور الرواشدة) إلى مصر بواسطة السلطات المصرية، أما الشخصية الثانية فهى (شمس بدران) الذى كان وزيرا للحربية بترشيح مشترك من عبدالناصر وعامر، وكانت سطوته كبيرة لما كان يحظى به من ثقة عبدالناصر وعامر فى ذات الوقت، حتى إنه هددهما مازحًا ذات مرة، قائلًا إنه يستطيع أن يقوم بانقلاب على الرئيس عبدالناصر والمشير عامر معًا.

وكان متزوجًا من سيدة فاضلة تعمل فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد ذكر لى أن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب كان يزوره فى بيته ويداعب آلة العود معه ويدندن بموسيقاه الساحرة ليخفف عنه وطأة العمل وهموم الحياة، وقد التقيته فى لندن فى سبعينيات القرن الماضى عندما أطلق سراحه الرئيس الراحل السادات ورأيته على حقيقته شخصية متواضعة ومثقفة يتحدث عن ماضيه فى السلطة بحيادٍ كامل، وأذكر أنه اتصل بى يوم مصرع زميله فى مكتب المشير عامر وأعنى به العقيد على شفيق، وقد سألنى شمس بدران يومها: هل حادث القتل جنائى أم سياسى؟، وعندما قلت له إنه فى الغالب جنائى استراح كثيرًا.

فقد كان يخشى تصرفات انتقامية من بعض من قام باعتقالهم فى السجن الحربى، وانقطعت صلتى به عبر السنين، لكننى كنت أقارن دائمًا بين موقعه فى السلطة وبين حياته العادية بعد زوالها، ولم أكن أعلم أنه رحل عن عالمنا حتى صحح لى معلومة رحيله، منذ عامين، واحد من كبار ضباط القوات المسلحة عندما كان رئيسًا لهيئة العمليات.

أما الشخصية الثالثة فهى السيد (سامى شرف)، سكرتير الرئيس عبدالناصر الشخصى للمعلومات لسنوات طويلة، والذى ظل على وفاء للزعيم حتى آخر سنوات حياته وكان يتصل بى بشكل منتظم يناقش رأيًا أو يلفت النظر لأمر معين أو يصحح معلومة عايشها هو مباشرة، وكان ودودًا، حسن المعشر كريم الخلق، إلى أن رحل عن عالمنا منذ فترة وجيزة وكان الرئيس السادات قد اعتقله ضمن المجموعة التى سميت مراكز القوى، وتخلص منها بحركة مفاجئة فيما سمى ثورة التصحيح عام ١٩٧١.

إننى أذكر هذه النماذج الثلاثة كمثال للذين يقبضون أحيانًا على أعنة السلطة، وتكون لهم الكلمة العليا فإذا برحوها غاب ذكرهم واختفت الأضواء حولهم وأصبحوا بشرًا عاديين بعد أن زالت الأقنعة واختفت المظاهر، وأدرك الجميع أن تلك الأيام نداولها بين الناس!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قناع السلطة قناع السلطة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon