توقيت القاهرة المحلي 23:55:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات لبنان: الارتباط بـ«محور المقاومة» أو الإلغاء

  مصر اليوم -

انتخابات لبنان الارتباط بـ«محور المقاومة» أو الإلغاء

بقلم:حسام عيتاني

هدف الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان لا يقل عن تشديد ارتباطه بـ«محور المقاومة» ومشروعه للمنطقة. صعوبات عدّة تقف أمام تحقيق الهدف هذا، ما يرفع من مستوى المخاطر التي قد تطيح العملية الانتخابية في اللحظة الأخيرة.

ولا تُفهم الحملة الشرسة التي يشنها «حزب الله» وحلفاؤه على المعارضين المسيحيين لـ«التيار الوطني الحر»؛ خصوصاً حزب «القوات اللبنانية»؛ إلا في إطار وقف تآكل الغطاء المسيحي الذي يوفره «التيار» للتنظيم المسلح الأقوى لكن المحتاج في الوقت ذاته إلى تأمين حضور في ساحات الطوائف الأخرى، للحيلولة دون عزله وتطويقه على المستوى الوطني اللبناني.
اعتمد «حزب الله» الاستراتيجية هذه منذ 2006، عندما وقَّع على «تفاهم مار مخايل» مع التيار العوني، وفعل منذ ذلك الحين كل ما في وسعه لضمان نفوذ العونيين في مؤسسات الدولة وضمن الطوائف المسيحية، وهو ما أظهر فوائده السياسية في كل المغامرات التي دفع «حزب الله» لبنان إليها، من حرب يوليو (تموز) 2006، إلى التورط الواسع والدموي في الحرب السورية، ابتداءً من 2012، وصولاً إلى التدخل في الحرب اليمنية بأشكال عدة؛ ليس فتح محطات تلفزيونية للحوثيين في لبنان، وتوفير مساحة لعملهم الإعلامي والمالي واللوجستي، سوى بعض مظاهرها.
يضاف إلى ذلك، أن مهمة ربط لبنان بالمشروع النووي الإيراني، من خلال تكرار التهديد بضرب إسرائيل في حال تعرض المشروع إلى هجوم عسكري مفتوح، ما زالت على جدول الأعمال اليومي لمحور الممانعة الساعي إلى تجديد إمساكه بالمجلس النيابي، على غرار ما فعل في انتخابات 2018. وفي ظل تصاعد التشاؤم تجاه إمكان إحياء اتفاق عام 2015 بين الولايات المتحدة وبين إيران حول نشاط طهران النووي، فإن إيران لن تتخلى عن أدوات حماية مشروعها التي يشكل «حزب الله» عنصراً مهماً من بينها. ولا بأس، في السياق عينه، من إعادة إنتاج كتلة نيابية من الطائفة السنّية توالي الحزب، على غرار «اللقاء التشاوري» الذي أسفرت عنه الانتخابات السابقة للمجلس النيابي، بما يكفل توسيع «الغطاء الوطني» الذي يحرص «حزب الله» من خلاله على تكريس الاعتقاد بوجود أنصار ذوي وزن بين الطوائف الأخرى توالي سياساته.
 

في المقابل، يعيق استكمال هذه الاندفاعة عمق الكارثة الاقتصادية– الاجتماعية التي ما زالت تتحكم في حيوات اللبنانيين، بعد عامين ونصف عام على وقوعها، من دون أي بوادر بقرب علاجها أو رؤية للخروج منها.
غني عن البيان أن التحالف الحاكم في لبنان الذي يوفر سلاح «حزب الله» درعه الحامي الأول، سعى بكل ما أوتي من قدرة إلى نزع أي محتوى سياسي عن الأزمة الاقتصادية، ومنع وصولها إلى حالة التناقض الكامل مع النظام. وبُذلت جهود هائلة لرسم الحدود بين الجانب الاقتصادي- الاجتماعي، وبين المعنى السياسي لما يحصل منذ 2019، بحيث ترفض الجماعة الحاكمة ربط السياسات التي أفضت إلى الانهيار الكبير بالتوجه العام المفروض على لبنان منذ سنوات سبقت وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة، والتي أخذت شكل الاغتيالات والترهيب والإصرار على مناصبة الدول العربية العداء.
بهذا المعنى، تشكل لوائح المرشحين إلى الانتخابات، والحاملين لبرامج ورؤى إصلاحية، خطراً مباشراً على مجمل المشروع المُعدّ للبنان في السنوات المقبلة، وقوامه انتخاب رئيس جمهورية جديد يُبقي البلد في مداره السياسي الحالي، ويتيح في الوقت ذاته فرصة التقارب مع العالم العربي إذا سمح المناخ الإقليمي بذلك. بكلمات ثانية: ستكون مهمة رئيس الجمهورية المقبل هي رصد التبدلات في العلاقات العربية– العربية، والعربية– الإيرانية، والاستفادة منها من دون الخروج من «محور المقاومة».
وتتطلب هذه السياسة وجود مجلس نيابي مطواع، قد تعرقل ظهوره كتلة من النواب غير المؤطرين في المهمة المنشودة، والمصرين على طروحات إصلاحية جذرية. والغالب على الظن أن المعارك الانتخابية الجارية في عدد من المناطق اللبنانية -من بينها الشمال وبيروت وبعض مناطق الجبل- تنطوي على عناصر «غير منضبطة» قد تغير المشهد الانتخابي الذي يأمل تحالف «حزب الله» والتيار العوني في الوصول إليه.
على هذه الخلفية، يمكن وضع التلميحات بإمكان إجهاض العملية الانتخابية إذا تأكدت خسارة «التيار الوطني الحر» لقدرته على توفير الغطاء المسيحي الملائم للحزب، وإذا حملت استطلاعات الرأي التي تجري بعيداً عن الأضواء، ويطَّلع على نتائجها عدد محدود من القيادات السياسية، مفاجآت غير سارة للمحور. في اللحظة هذه سترتفع درجة الخطر المحيطة بمسار العملية الانتخابية، وقد يصل الأمر إلى افتعال أحداث أمنية تطيح بها، وتضع البلاد أمام فراغ إضافي، يضاف إلى الفراغ في العلاجات الاقتصادية والمالية.
وكل ما رُوّج له في الأعوام القليلة الماضية عن انتفاء العلاقة بين الانهيار الحالي الذي يراد إقناع اللبنانيين بأن أسبابه محض اقتصادية وتتحمل مسؤوليتها حفنة من الموظفين الفاسدين، وبين حقيقة الترابط العميق بين خيارات خاطئة للسياسات اللبنانية أفقدت البلد دوره ووظائفه وبين الهاوية التي انحدر إليها، سيتعرض لامتحان قاسٍ يوم الانتخابات. وحتى اليوم لا يزال «الحاكم الفعلي» مطمئناً إلى أن روايته عما جرى، ومشروعه لما سيجري، في أمان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات لبنان الارتباط بـ«محور المقاومة» أو الإلغاء انتخابات لبنان الارتباط بـ«محور المقاومة» أو الإلغاء



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل

GMT 05:07 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف عن كمية القهوة لحياة صحية مديدة

GMT 11:21 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

وزيرة الصحة المصرية تؤكد حرص مصر على دعم لبنان ومساندته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon