توقيت القاهرة المحلي 11:17:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساعة.. وفيلم

  مصر اليوم -

ساعة وفيلم

بقلم - سليمان جودة

صدفة عجيبة أن تُباع هذه الساعة اليابانية فى مزاد، وأن يقام المزاد الذى بيعت فيه الساعة هذه الأيام بالذات.. أما الساعة المقصودة فهى ساعة يد رأيتها فى مدينة هيروشيما اليابانية حين زرتها قبل سنوات، وكانت محفوظة فيما يشبه المتحف، وكان اليابانيون يأخذون كل زائر للبلاد إليها، ليرى بعينيه ماذا جرى فى المدينة فى الثامنة والربع من صباح يوم ٦ أغسطس ١٩٤٥.

ففى ذلك اليوم أقلع طيار أمريكى بتكليف من الرئيس الأمريكى هارى ترومان، وكان التكليف أن يُقلع بطائرته فى اتجاه هيروشيما، وأن يُحلق فوقها قليلًا، ثم يُلقى فى سمائها حمولته، ومن بعدها يعود إلى الولايات المتحدة.

ولم تكن الحمولة سوى قنبلة نووية اخترعتها أمريكا للمرة الأولى فى تلك السنة، وقررت أن تجربها على الفور، وأن يكون تجريبها إنهاء للحرب العالمية الثانية.. فكأنها قد ضربت عصفورين بحجر واحد.. ولكن ما فاتها أنها وهى تضرب العصفورين قد قتلت فى طريقها ١٢٠ ألف يابانى فى لحظة إلقاء القنبلة فوق المدينة!

أذكر أن مرافقى خلال الزيارة أشار إلى ساعة اليد وقال: انظر.. إن عقاربها لاتزال تشير إلى الساعة الثامنة والربع صباحًا!

وكان هذا التوقيت هو بالضبط التوقيت الذى ألقى فيه الطيار حمولته وعاد إلى بلاده، ولم يكن يعرف أن عقارب ساعة يد فى المدينة سوف تظل شاهدة على جريمته وجريمة بلده فى حق مدينة بكاملها.. فالساعة توقفت تمامًا فى لحظة إلقاء القنبلة، وهى لم تتوقف وفقط، ولكن عقاربها تجمدت فى مكانها فلم تتحرك بعدها، ولا كان من الممكن تحريكها فى أى اتجاه، ونستطيع أن نقول إنها ماتت شأن الضحايا من أبناء المدينة.

ماتت ساعة اليد يومها ولم تتوقف كبقية الساعات، لأن توقفها فى الظروف العادية ينتهى بشحن بطاريتها، ولكن لأنها توقفت بقنبلة نووية، لا بنفاد طاقة البطارية، فإنها توقفت إلى الأبد، وبقيت على مدى سنين من بعدها شاهدًا حيًا، وإذا شئنا قلنا شاهدًا ميتًا، على هول ما عاشته هيروشيما.. وإذا كان الشخص الذى اشتراها قد دفع فيها ٣١ ألف دولار، فهو يعرف أنها تستحق هذا الثمن وأكثر، لا لأنها من الساعات الثمينة التى نتابع أخبارها هذه الأيام، ولكن لأنها تسجل بعقاربها المتجمدة فى مكانها ما لم تسجله ساعة أخرى سواها.

أما الفيلم الذى صادف عرضه فى دور السينما بيع الساعة فى المزاد، بل وحصوله على سبع جوائز من أكاديمية السينما البريطانية، فهو فيلم «أوبنهايمر» الذى يحكى قصة حياة جوليوس روبرت أوبنهايمر، مخترع القنبلة التى جمدت عقارب الساعة وأفقدتها الحياة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعة وفيلم ساعة وفيلم



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 04:58 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

هوجة «تكوين» !

GMT 02:23 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٩)

GMT 02:20 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

ولتسويفسكي!

GMT 02:15 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

«فتنة تكوين».. تساؤلات مشروعة

GMT 02:13 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

نصر رمزي

GMT 02:12 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

مصائر بائسة لوطنيّات المشرق العربي

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:47 2024 السبت ,11 أيار / مايو

طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة
  مصر اليوم - طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة

GMT 00:28 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة
  مصر اليوم - نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة

GMT 00:22 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية
  مصر اليوم - عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية

GMT 11:39 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

GMT 17:34 2021 الإثنين ,19 إبريل / نيسان

مركز الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار في أسبوع

GMT 09:07 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

مجموعة تاتو لا يناسب الا شخصية برج الميزان

GMT 09:02 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على فوائد فول الصويا الصحية لمرضى السكر من النوع 2
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon