توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا سيحدث في طهران؟

  مصر اليوم -

ماذا سيحدث في طهران

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

الاحتجاجات التي عمَّت - تقريباً - كل المدن الإيرانية، توحي بأنَّها أخطرُ ما عرفته البلادُ في أربعين عاماً. وعلى الرغم من أنَّها كذلك، فمن المستبعد أن تؤديَ إلى تقويض النظام، بخلاف احتجاجات عام 1979 التي أدَّت إلى سقوط الشاه. فالنظام الحالي أكثر عنفاً، إلا أنَّه وإن لم يسقط، فهو يتآكل وهو واقف. عودة الاحتجاجات تؤكِّد أنَّ الدولة في محنة، وقد أصبحت المظاهرات الشعبية ضدَّها حالةً مزمنةً. لم يمر عامٌ في عقدين، من دون أن يخرج الناسُ إلى الشارع ضد الحكومة رغم تبديل الوجوه: خاتمي، ونجاد، وروحاني، ورئيسي.
السبب الحقيقي يكمن في عجز القيادة الإيرانية عن التعامل مع الواقع المتغير في مجتمع الشباب، الذي يهدّد بقاءَ النظام في نهاية المطاف. طبعاً، ليس سهلاً على الأنظمة المؤدلجة أن تتراجعَ عن خطابها ومنهجها. ففي روسيا، تبنَّى الحزب الشيوعي الثورة من داخله، عام 1991، عندما أصبح على حافة الانهيار. وتبنت الصين، تدريجياً، منهجاً حديثاً مرناً في الإدارة، حيث أبقت على الحزب، وخلعت الممارسات الشيوعية. فقد كانت حتى الملابس موحدة، والدراجات هي المواصلات الرئيسية، ونصف نهار الناس يملأه وعاظُ الحكومة عن فضائل الشيوعية ضد المادية والرأسمالية. كل العالم تغيّر ولم يبقَ فيه سوى بلدين: إيران، وكوريا الشمالية.
وبدلاً من التغيير، وهروباً من المسؤولية، فإنَّ طهران تُروِّج لحكاية المؤامرة في تفسير ما يحدث للناس، ملقية اللومَ على الأميركان والجيران والإعلام، في حين أنَّ المشكلة داخلية، وستكبر مع الوقت ما لم تعترف طهران بأنَّ العلَّةَ والعلاج في داخلها. فالإعلام الذي تلومه طهران مجردُ صدى، بدليل أنَّ لديها نحوَ سلسلةٍ من الوسائل الإعلامية موجهة ضد خصومها باللغة العربية، لم تتسبَّب في ظهور مظاهرة واحدة في تلك البلدان.
وهذا لا يعني أنَّ إيران تستطيع أن تعيش في بيت زجاجي في منطقة مضطربة. وقيل قديماً: «من يزرع الريحَ يحصد العاصفة»، فالفوضى التي تعمُّ إيرانَ، من عدوى الفوضى التي زرعها نظام خامنئي في المنطقة.
منذ وصول رجال الدين إلى السلطة، وهم متمسكون بإدارة تفاصيل حياة سبعين مليونَ إنسانٍ تعسفاً.
الذي أشعل الانتفاضة الجديدة، مقتل فتاة كردية ضربها رجال شرطة الإرشاد الدينية حتى الموت، بحجَّة أنَّ حجابَها «لم يكن كافياً»، وكان الشرارة التي حرَّكت غضب الإيرانيين الذين طفح بهم الكيل. احتجاجهم على نظام فشل في تأمين معيشة كريمة، ولا يكفُّ عن البطش بهم.
التطور الملحوظ في المواجهات المصورة، أنَّ بعضَ المتظاهرين كانوا يقفون في وجه قوات الأمن ويهاجمونها. والتطور المضاد أنَّ النظام، فعلاً، لجأ، هذه المرة، إلى عزل الشعب الإيراني، بإغلاق وسائل التواصل وشبكات الإنترنت. ومن المستبعد أنْ يفعلَ النظام شيئاً حاسماً لتهدئة الشارع، سوى اتهام المتظاهرين بأنَّهم «دواعش» و«عملاء».
الرئيس إبراهيم رئيسي في البداية، خاطب الجمهور ساعياً لاسترضائه، قائلاً إن ما فعلته الشرطة الدينية كان خاطئاً، وسيتمُّ التحقيق فيه، وإنَّه يتعاطف مع أهل الفتاة القتيلة، كما لو أنَّها واحدة من بناته. ولو كانت احتجاجات الناس بسبب هذه الجريمة، فلربما تمكَّن النظامُ من تهدئة الخواطر بإعلانه التحقيق ومعاقبة المتورطين، إنَّما أزمة النظام وجودية، وليست فقط معيشية أو مخالفات وممارسات فردية. النظام الثيوقراطي لم يعد مقبولاً ولا فعالاً، فقد انتهى زمن تقديس المرشد ورجال الدين، وأصبحوا في نظر المتظاهرين رمزاً للفساد والتسلط. إيران اليوم بلدٌ فقير، يفاخر بإنجازاته العسكرية التي لا تطعم مواطنيه خبزاً.
والاحتجاجات الحالية سلسلةٌ مترابطة، من مظاهرات جامعية، إلى احتجاجات ضخمة في العاصمة، عام 2009، قادها رجال دين متمردون على نظامهم. ثم اندلعت بعنف في 2017 لأسباب معيشية. وعادت في 2019 واستمرت لأشهر طويلة في الأرياف والأقاليم البعيدة، والحالية اندلعت في كردستان ووصلت طهران. وستستمر المظاهرات ترهق النظام وستجبره في الأخير على تقديم التنازلات التي يرفض تقديمها اليوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا سيحدث في طهران ماذا سيحدث في طهران



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt