توقيت القاهرة المحلي 17:18:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا لن يقبل بوتين "ثورة ملونة" أخرى تُطيح بحلفائه في كازاخستان ؟

  مصر اليوم -

لماذا لن يقبل بوتين ثورة ملونة أخرى تُطيح بحلفائه في كازاخستان

عبد الباري عطوان
بقلم ـ عبد الباري عطوان

تجسد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي سادت معظم مدن كازاخستان، وتصدت لها قوات الامن الحكومية بالقمع والرصاص الحي، احد فصول الصراع المتفاقم حاليا بين المحور الروسي الصيني من ناحية، والمحور الغربي بزعامة الولايات المتحدة من ناحية أخرى على مناطق النفوذ سواء في اوروبا الوسطى (أوكرانيا) او آسيا الوسطى (كازاخستان).
كازاخستان التي تعتبر تاسع اكبر دولة في العالم من حيث المساحة، وتملك اكبر احتياطات نفطية في منطقة بحر قزوين، وتنتج 1.1 مليون برميل يوميا، ولا يزيد عدد سكانها عن 19 مليون نسمة معظمهم من المسلمين، كازاخستان باتت ضحية امرين أساسيين: الأول الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي حصرها بين قوتين عظميين هما الصين وروسيا، والثاني الزواج شبه الكاثوليكي بين الفساد ونظام الحكم الديكتاتوري المستبد وغير الرشيد.
الاحتجاجات بدأت سلمية ولمعارضة غلاء المعيشة، وتفاقم معدلات الفقر في دولة تعتبر من اغنى دول وسط آسيا، وارتفاع معدلات البطالة، والفساد الحكومي، وهذه الوصفات، منفردة او مجتمعة، هي البوابة الاوسع التي تتسلل عبرها المؤامرات الغربية، والأمريكية على وجه الخصوص، وتفجير الثورات في الدول غير الحليفة.
أميركا تريدها “ثورة ملونة” لإشغال روسيا عن أوكرانيا، وتحويل قواتها واهتماماتها الى كازاخستان، حليفتها الأبرز، والأكثر استقرارا في المنطقة، وكادت ان تنجح في مخططها هذا، لولا سرعة التحرك الروسي الذي تمثل في الاستجابة لنداء الإغاثة الذي وجهه اليها، الرئيس الكازاخستاني قاسم جومرت توكاييف وارسال اكثر من الفي جندي دفعة أولى باعتبارها، أي روسيا، زعيمة معاهدة الامن الجماعي، الذي يضم ست دول من بينها كازاخستان وارمينيا وبيلاروس وقرغيزستان، الى جانب روسيا، وهي المنظمة التي تجسد “ناتو مصغر” تملك قوة تدخل سريع تعدادها 20 الف جندي وتأسست عام 2009، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان.
الرئيس بوتين لن يسمح بنجاح “ثورة ملونة” على غرار نظيرتها السورية، وقبلها في أوكرانيا، تؤدي الى قيام نظام موالي للغرب في خاصرة روسيا الجنوبية، مهما كان الثمن، والتصدي بحزم للضربات الاميركية “تحت الحزام” لحلفائه في آسيا الوسطى، وهذا ما يفسر أيضا مسارعة الرئيس الصيني شي جين بينغ لسياسة القبضة الحديدية التي اتبعتها قوات الامن الكازاخستانية لقمع الاحتجاجات واستخدام الذخيرة الحية، تطبيقا لنهجها (الصين) في التعامل مع احتجاجات ميدان تيانانمن المماثلة في بكين.
الرئيس نور سلطان نزار باييف الذي حكم كازاخستان لأكثر من 30 عاما منذ استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بالحديد والنار، وحولها الى مزرعة عائلية، هو رمز الفساد في البلاد، ويتحمل المسؤولية الأكبر عن حالة البؤس التي يعيشها مواطنيها، ولعل مسارعة خليفته توكاييف بتخفيض أسعار الغاز عنصر التفجير للمظاهرات والتعهد بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية احد ابرز الأدلة على استيعابه لدروس الثورات الملونة السابقة التي تقف خلفها أمريكا والدول الغربية لمنع انجرار البلاد الى مستنقع الفوضى وعدم الاستقرار والتفكك.
بعض النظر عن النهاية التي ستأوول اليها هذه الاحتجاجات، فإنها علقت الجرس، وعكست الإرادة والمطالب الشعبية المشروعة في الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتحقيق العدالة والمساواة، واجتثاث الفساد من جذوره.
أينما يحل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (كان مستشارا لحكومة الرئيس السابق نزار باييف)، فهذا مؤشر على استفحال الفساد وبداية التمهيد للثورات الملونة، بصورة او بأخرى، ولنا في “استشاراته” للكثير من الدول الخليجية وغير الخليجية، الكثير من الدروس.. والله اعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لن يقبل بوتين ثورة ملونة أخرى تُطيح بحلفائه في كازاخستان لماذا لن يقبل بوتين ثورة ملونة أخرى تُطيح بحلفائه في كازاخستان



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني

GMT 06:01 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

طريقة عمل صلصة الكشري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon