توقيت القاهرة المحلي 08:16:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا تُشيدُ روسيا بسَيفِ الإسلام القذّافي وتتحدَّث عَن شَعبيّته فَجْأةً؟

  مصر اليوم -

لماذا تُشيدُ روسيا بسَيفِ الإسلام القذّافي وتتحدَّث عَن شَعبيّته فَجْأةً

بقلم - عبد الباري عطوان

عادَت “المَسألة” الليبيّة لتتصدَّر العَناوين الرئيسيّة مُجدَّدًا، ويُجَسِّد مُؤتَمر باليرمو الذي دعَت إلى عَقدِه الحُكومة الإيطاليّة بالتَّنسيقِ مع الأُمم المتحدة أحدَثَ المُحاوَلات لإيجادِ صيغةٍ سياسيّةٍ تُنقِذ البِلاد مِن حالة الفَوضى الدمويّة التي تَعيشُها وتُزعْزِع استِقرارَها.
ثَلاثةُ تَطوُّراتٍ رئيسيّةٍ يُمكِن التَّوقُّف عِندَها مِن خِلال قراءَتنا الأوّليّة لِما يَجرِي داخِل كواليس مُؤتَمر باليرمو المَذكور:
ـ الأوّل: تأكيد ليف دينغوف، رئيس مجموعة الاتصال الروسيّة لتسوية الأزمة الليبيّة، الذي يُرافِق رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف في المُؤتَمر “أنّ حُكومَته تُجرِي اتِّصالاتٍ مع سيف الإسلام القذّافي الذي يتَمتَّع بوزنٍ سياسيٍّ كبيرٍ ودَعمٍ شَعبيٍّ في البِلاد لذلِك سيَكون ضِمن الأطراف المُشارِكة في العمليّة السياسيّة.
ـ الثّاني: عَقد اجتماعٍ “غير رسميّ” صباح اليَوم في باليرمو شارَك فيه الجِنرال خليفة حفتر قائِد الجيش الوطنيّ الليبيّ الذي قاطَع مُؤتَمر باليرمو لرَفضِه الجُلوس إلى جانِب وفود تُمَثِّل الإسلاميين الذين يُسيطِرون على العاصِمة طرابلس، مِثلَما شارَك فيه الباجي قايد السبسي، ورئيس الوزراء الجزائري أحمد اويحيى، ونظيره الروسي ميدفيديف، ووزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لورديان، إلى جانِب فايز السراج، رئيس حُكومة الوِفاق، والدكتور غسان سلامة، المبعوث الدولي، وترأس الاجتماع جوسيبي كونتي، رئيس وزراء إيطاليا، ورئيس المجلس الأوروبيّ دونالد توسك.
ـ الثّالث: تَغييبُ كُل مِن قطر وتركيا ومُمثِّلي الجماعات الإسلاميّة ذاتُ الثُّقل العَسكريّ الكَبير في غرب ليبيا، ممّا يَعنِي تهميشها وشَطبِ أيّ دَورٍ لها في أيِّ عمليّةٍ سياسيّةٍ مُستَقبليّة في البَلد، وهو تَهميشٌ خَطيرٌ، قد يُؤدِّي إلى صِداماتٍ عسكريّةٍ لاحِقًا، ورُبّما عَرقَلة الانتخابات التي جَرى التَّوافُق على إجرائِها في الربيع المُقبِل بصُورةٍ أو بأُخرَى.
***
التَّفاهُمات التي جَرى التَّوصُّل إليها في الاجتماع غير الرسميّ الذي انْعَقد صباح اليوم في باليرمو وجَرى استبعاد مُمثِّلي إسلاميي طرابلس عَنه وداعِميهم في قطر وتركيا، رُبّما تُشَكِّل خريطةَ طريقٍ للتَّسويةِ السياسيّة المُرجَّحة، لأنّ المُشارِكين يُمَثِّلون دُوَلًا عُظْمَى إلى جانِب دُوَل الجِوار الرئيسيّة لليبيا، أي مِصر وتونس والجزائر، إلى جانِب الجِنرال حفتر المدعوم عَربيًّا مِن مصر والإمارات، ودَوليًّا مِن روسيا وفِرنسا وإيطاليا.
السُّؤال هو عَن المَلامِح الرئيسيّة لهَذهِ التَّفاهُمات واحتِمال فُرَص نَجاحِها؟ وهل سيَتِم فَرضُ خريطة الطَّريق هَذهِ بالقُوّة على الغَربِ الليبيّ والميليشيات العَسكريّة التي تُسيطِر عليها، وهُناك سُؤالٌ أهَم وهو عَن الدَّور الذي تَطْبُخُه روسيا، ورُبّما بعض الدُّوَل الأُوروبيّة الأُخرَى لسيف الإسلام القذّافي في المَرحلةِ المُقبِلة؟
عَودَةُ الرُّوس إلى ليبيا تَطوُّرٌ على وَجهٍ كَبيرٍ مِن الأهميّة، ليسَ لأنّ روسيا دَولةٌ عُظمَى، وإنّما أيضًا لأنّ رئيسها فلاديمير بوتين لا يُمكِن أن يَنْسَى الخَديعة الكُبرَى التي مُنِي بِها مِن الأمريكان وحُلفائِهم الفِرنسيين والبِريطانيين، وتَمثَّلت في استصدارِ قَرارٍ عَن مجلس الأمن الدوليّ بإعطاءِ الضَّوءِ الأخضَر لتَدخُّل حِلف الناتو لإسقاطِ نِظام معمر القذّافي بِذَريعَة حِمايَة المَدنيين.
الرئيس بوتين يتَحرَّك بطَريقةٍ ذكيّةٍ جِدًّا في المِلَف الليبيّ، ويتَطلَّع للثَّأر مِن الأمريكيين والأُوروبيين الذين أهانوه وبِلاده، وأطاحوا بنِظام كانَ حَليفًا قَويًّا لروسيا، وكانَ قراره بمَنحِها امتيازات تِجاريّة ونِفطيّة بعَشَراتِ المِليارات مِن الدُّولارات، أحَد أبْرَز أسباب هَذهِ الإطاحَة.
***
هل سَيكونُ العُنوان الأبرَز للطَّبخةِ الروسيّة، المَدعومةِ أُوروبيًّا، إيجاد صيغة حُكم تَجْمع بين المُشير حفتر وسيف الإسلام القذّافي؟
لا نَمْلُك الإجابَة على هذا السُّؤال المُهِم، ولكن ما نَعرِفه أنّ أوروبا التي انعَكَست عليها الأزمة الليبيّة سَلبًا، وخاصَّةً بتَدفُّق مِئات الآلاف مِن المُهاجِرين وأطنانٍ مِن المُخدَّرات، تُريد حُكومةً قَويّةً يَلعَب المُشير حفتر دَوْرًا رَئيسيًّا فيها، باعتبارِه الرَّجُل القَويّ الذي تَصَدَّى للجماعات الإسلاميّة المُتشدِّدَة في شَرق ليبيا، مِثلَما أكَّد لنا مَصْدَرٌ روسيٌّ قَريبٌ مِن الوَفدِ المُشارِك في مُؤتَمر باليرمو.
في مَدينَة باليرمو مُؤتَمَران، الأوّل رَسميٌّ عَلنِيٌّ ويُشَكِّلُ واجِهةً غَير فاعِلَة، والمُشارِكون فيه “شُهود زُور” ومَصيرُه الفَشَل حَتْمًا مِثل نظيره الذي انعقَد في فرنسا في أيّار (مايو) الماضي، أمّا الثّاني غير الرسميّ الذي استَبعدَ الإسلاميّين المُتَشدِّدين، وضَمْ دُوَل الجِوار اللِّيبيّ ومُمَثِّلهُم المُشير حفتر، فهُوَ المُؤتَمر الحَقيقيّ وقَراراتِه الأكثَر فاعِليّةً لأنّها ستَأتي بتَوافُقِ الأطرافِ الرئيسيّة عَرَبيًّا ودَوليًّا.
هَل هذا يَعنِي أنّ حَلَّ الأزمَةِ الليبيّة باتَ وَشيكًا؟ هُناك صُعوبات كبيرة في الطَّريق.. ومِن الصَّعبِ الإغراقُ في التَّفاؤُل.. واللهُ أعْلَم.

نقلا عن السودان اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تُشيدُ روسيا بسَيفِ الإسلام القذّافي وتتحدَّث عَن شَعبيّته فَجْأةً لماذا تُشيدُ روسيا بسَيفِ الإسلام القذّافي وتتحدَّث عَن شَعبيّته فَجْأةً



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon