توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العمل بين الوظيفة والرسالة

  مصر اليوم -

العمل بين الوظيفة والرسالة

بقلم: مصطفي الفقي

أستطيع أن أميز بسهولة بين مَن يؤدى عمله بأسلوب روتينى يخلو من الدوافع الذاتية التى تجعله على الوجه الأكمل، فهو يؤدى وظيفته لمجرد تسديد خانة دون رغبةٍ فى التجويد أو دافع للإصلاح، بينما نجد النموذج الثانى يحمل وظيفته على كتفيه باعتبارها رسالة إنسانية وأخلاقية والتزامًا تتعين عليه تأديته على الوجه الأكمل، بل إن صاحبه فى هذه الحالة يشعر بالرضا الحقيقى والسعادة الغامرة لأنه يستجيب لنداء ضميره ولا يقف عند حدود الحد الأدنى للتكليفات التى يتلقاها. والمقارنة بين النموذجين تُذكرنى بقصة تتردد فى «أدب الجاسوسية» عن دولة أرادت تجنيد شخصية مهمة من دولة خصم، وبالفعل قامت الأجهزة المعنية فى تلك الدولة بالتقاط الصيد الثمين، الذى قبل التعاون معهم مقابل مبالغ مالية وعدد من المزايا والتسهيلات،   

وفى أول جلسة مع العميل الجديد سألهم عن الدور المطلوب منه وعن أسلوب التراسل بالمعلومات بينهم، فإذا بالمفاجأة أنهم يقولون له: لا نريد مراسلات بيننا ولا اتصالات يتم تداولها بين الجانبين، علمًا بأننا ملتزمون بدفع ما اتفقنا عليه فى حسابك البنكى سنويًا، ولنا مطلبٌ واحد، وهو أنك بحكم وظيفتك الكبيرة فى ذلك الجهاز كبير الأهمية شديد الحساسية نطلب منك عندما يتم ترشيح مساعديك جميعًا فى المستقبل عليك أن تختار الأسوأ وليس الأفضل، ونحن نعرف كيف نستفيد من هذا الاختيار، وما هى إلا سنوات قليلة إلا وكان ذلك الجهاز الخطير الذى يترأسه ذلك العميل قد أصبح مسطحًا بالكامل، خاليًا من الكفاءات، مليئًا بالتفاهات، وبذلك حققت الجهة التى جندته هدفها ببساطة لأنها اختارت من خلاله فى كل موقع نموذج الحمار بدلًا من نموذج الحصان، ولقد أغْرَتْنى تلك القصة الحقيقية أو الخيالية بأن أُصدر فى مطلع هذا القرن كتابًا بعنوان: (الرهان على الحصان)، الذى قارنت فيه بين النموذجين، نموذج الحمار الذى يمضى فى طريقه بلا وعى ويكرر المشوار كما هو تمامًا ولا يجتهد عقليًا أو نفسيًا لتحقيق تطوير أو إحداث نقلة فى مهمته، فالحمار يتصرف كما تعوَّد دون تفكيرٍ أو مراجعة، وهو مطِيّة لمَن ركبه يحمل الأثقال لمَن يقوده، أما الحصان فحيوان رشيق ذكى بطبيعته يذكر لصاحبه الجميل ويتصرف وفقًا للمعاملة الطيبة ولا يمتطيه إلا فارس ويقبل التلقين ويتأثر بالتدريب والتعليم، لذلك فهو النموذج المطلوب والاختيار الأفضل لمَن يشغل وظيفة، وهناك نموذج ثالث يقع بين الاثنين الحمار والحصان، وأعنى به نموذج «البغل»، الذى لا يهتم إلا بمصلحته الذاتية والسطو على حقوق الغير وتخزين دهن الإهمال واكتناز الطعام، الذى يُقبل عليه بشراهة دون نظام محدد أو توقيت معروف، وعندما أتأمل نماذج مَن يعملون فى دواوين الحكومة ودوائر العمل أشعر أن هذه النماذج كلها موجودة، وأن الرهان على الحصان يكون لمصلحة الوطن، وأن الرهان على الحمار يبقى لمصلحة أعدائه، أما الرهان على البغل فهو تكريسٌ للامبالاة وغياب الوعى، ولنا هنا ملاحظتان:    الأولى: الإنسان ابن بيئته التى يعيش فيها ونتاج المناخ الذى ينتمى إليه، ولا يمكن إصلاح أمره إلا بالتعليم الجيد والتدريب المتميز، فتلك هى أدوات تربية الحصان والابتعاد عن النموذجين الآخرين، اللذين ينظران إلى الوظيفة كمصدر رزقٍ ثابت ولا يدركان أن العمل رسالة وأن تجويده التزام.  

  الثانية: إن تنظيم العمل ووضع الضوابط المحددة له وأسلوب اختيار القيادات وانتقاء الكفاءات كلها مسائل ضرورية لإنقاذ سفينة الوطن وتحريكها نحو الأفضل، فلا يكفى أن يكون الرئيس الأعلى رائعًا بينما مرؤوسوه لا ينتمون إلى نفس المستوى، فالنهضة عملية شاملة، والقفزة النوعية للأمام تستوجب التحرك على جبهة عريضة يمضى بها الجميع نحو مستقبل أفضل للوطن والمواطن.    إن العمل رسالة وليس وظيفة، كما أن تجريف الكفاءات جريمة، والإطاحة بالحصان لحساب غيره هى ظاهرة ولّت، ويجب ألّا تعود

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمل بين الوظيفة والرسالة العمل بين الوظيفة والرسالة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt