توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكرملين ينزل عن شجرته النووية!

  مصر اليوم -

الكرملين ينزل عن شجرته النووية

راجح خوري
بقلم - راجح خوري

يحاول الكرملين أن يزيل عن الرئيس فلاديمير بوتين فكرة التهديد باستعمال ترسانته النووية، بعدما سمعه العالم بذهول يأمر بوضعها في التأهب، ومن الضروري أن نتذكر هنا، ملامح المفاجأة التي صعقت ضمناً وزير دفاعه سيرغي شويغو ورئيس أركانه فاليري غراسيموف، اللذين وجه إليهما الكلام، ذلك أنه ليس من زعيم حكيم يلوّح باستعمال السلاح النووي في حرب لن يكون فيها لا منتصر ولا مهزوم بل دمار وخراب شاملان!
بوتين ليس بالضرورة كما يصفه محللون غربيون، أي أنه «زعيم قاسٍ وسلطوي ويعاني من الهذيان وجنون الارتياب»، ومن هؤلاء ستيف روزنبرغ الذي كتب مذكراً بما قاله بوتين عام 2018 من أنه «إذا قرر أحدهم تدمير روسيا فإننا نملك حق الرد القانوني.. نعم ستكون كارثة على الإنسانية والعالم، لكنني كمواطن ورئيس دولة روسيا أقول ما حاجتنا إلى عالم ليس فيه روسيا»، وهذا ما يمكن إضافته إلى رأي ديمتري موراتوف الحائز جائزة نوبل ورئيس تحرير صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية، الذي قال «إن خطاب الـ65 دقيقة الذي قدمه بوتين قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا، أظهر أن بوتين لم يكن يتصرف كزعيم للكرملين وإنما كزعيم للكوكب. يقول إذا لم توجد روسيا فما حاجتنا إلى الكوكب؟».
كل ما ساقه بوتين عن أن أوكرانيا هي جزء من روسيا تم اقتطاعها وأن الروس الأوكرانيين شعب واحد في بلدين (على طريقة حديث الرئيس حافظ الأسد عن لبنان وسوريا) هو مجرد طموح إلى إعادة سيطرة موسكو على سبحة الدول التي انفرطت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ويبدو في هذا السياق كمن يستلهم هتلر، الذي قام في مارس (آذار) من عام 1938 بالدخول إلى منطقة سوديتين في تشيكوسلوفاكيا، بحجة أنه يريد حماية الألمان السوديت هناك، وسط صمت نيفيل تشمبرلين والرئيس الفرنسي إدوار دالاييه «حرصاً على السلام»!
كانت ردات الفعل على تهديد بوتين بالنووي أشبه بمن يلقي المياه على رأس ملتهب كالقول إن ذلك نتيجة عزلته بسبب «كورونا»، أو كاعتبار الأمر بأنه نوع من الترهيب الجيوسياسي، أو كما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إنه مجرد استعراض للقوة نظراً إلى تعثر عملية الغزو في الأيام الأولى.
لكن الكرملين بدأ النزول عن الشجرة النووية، بعد مرور أقل من 24 ساعة على تهديدات بوتين، عندما ربط المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف التهديد بأنه رد على تصريحات غير مقبولة بشأن اشتباكات محتملة بين الناتو وروسيا بسبب الهجوم على أوكرانيا، لكن لم يكن واضحاً على ماذا اعترض بوتين، وخصوصاً أن تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية ليزا تراس وغيرها من المسؤولين الأوروبيين حذرت من أنه إذا لم يتم إيقاف روسيا وتعرضت دول أخرى للتهديد فقد ينتهي الأمر بالصراع مع الناتو، فكيف اعتبر بوتين ذلك تهديداً؟
يوم الأربعاء الماضي نزل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خطوة جديدة عن الشجرة النووية عندما حذر من أن «الحرب العالمية الثالثة ستكون نووية ومدمرة»، رابطاً تهديد بوتين بذريعة واهية عندما قال إن روسيا ستواجه خطراً حقيقياً إذا حصلت كييف على أسلحة نووية، وإن موسكو لن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي، هذا في وقت تواصل فيه الآلة العسكرية الروسية قصف كييف والمدن الأوكرانية، لكن الرد جاءه من الرئيس الأميركي جو بايدن عندما قال: «ستكون حرباً نووية من دون شك، ولكننا لن نسمح لأي استفزازات أن تخرجنا عن إرادتنا وتدفعنا إلى شن الحرب».
مساء الأربعاء وجد الكرملين الذي بدأ يحس بوجع العقوبات الاقتصادية، أن من الضروري قطع الشك باليقين وإكمال عملية النزول عن الشجرة النووية، وهكذا لم تجد ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية غير إذاعة «W radio» الكولومبية، لتعلن أن روسيا لا ترغب في الوصول إلى سيناريو «الضغط على الزر النووي»، في العلاقات مع الدول الغربية تحت أي ظرف. وأضافت: «نحن ننطلق من أن هذا السيناريو المروع لن يتحقق أبداً وتحت أي ظرف كان». وزيادة في التعمية قالت يبدو أنكم تخلطون بيننا وبين الولايات المتحدة، فروسيا لم تتحدث عن ذلك قط»!
كان الرئيس بوتين يلوح بالنووي بينما بدأت الدول الغربية تنفيذ سلسلة خانقة من العقوبات ضد روسيا، لا بد أن بوتين تذكر جزءاً من ذلك بعد ضمه القرم عام 2014 يوم قال الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما: «إن الاقتصاد الروسي يتداعى»، لكن التداعيات الآن بعد أسبوع ونيف من اجتياح أوكرانيا أدت إلى انخفاض قيمة الروبل بنسبة تزيد على 30% «وإلى رفع الفائدة إلى أكثر من 20%» وعندما يعلم بوتين أن «سيبربنك» وهو أكبر مصرف في روسيا يتجه إلى إشهار افلاسه، ويعرف أن طوابير الروس الذين يحتشدون أمام أبواب الصرافات الآلية لا نهاية لها، وأن الغرب يستعد حتى للإعلان عن الحظر على النفط الروسي، فليس من المنطق أن يقول إن العقوبات غير فعالة!
طبعاً يعرف بوتين القادم من أقبية «الكي جي بي»، أن المظاهرات ضد الحرب تتصاعد في روسيا، وأن إليكسي ستوليانوف خطيب ابنة وزير الدفاع سيرغي شويغر كتب «أن السلام أكبر هدية»، كما فعلت ليزا بيسكوفا ابنة ديمتري بيسكوف، وعندما أعلن الكرملين يوم الأربعاء أن شعبيته تتصاعد، نشرت جريدة «الصن» البريطانية صوراً لأطفال تم اعتقالهم لأنهم كانوا بين آلاف المتظاهرين في موسكو، وأرادوا وضع الزهور أمام سفارة أوكرانيا، ويعرف أيضاً أنه سيمضي في قصف أوكرانيا حفظاً لماء وجهه، ولعل الأهم أنه بات يعرف أنه عندما يقول لويد أوستن وزير الدفاع الأميركي إنه لم يرَ حلف الناتو أكثر اتحاداً وعزماً مما هو اليوم، فإن ذلك نتيجة رهان خطأ على حصول انقسامات بين أعضاء الحلف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرملين ينزل عن شجرته النووية الكرملين ينزل عن شجرته النووية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt