توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيينا... حسابات روسية جديدة

  مصر اليوم -

فيينا حسابات روسية جديدة

بقلم - مصطفى فحص

إذا كانت غاية واشنطن «النفطية» تبرر وسيلتها «الاتفاق النووي»، فإنها ليست بهذه السهولة أو الاستسهال الذي تمارسه مع طهران في فيينا، فغريمتها موسكو لم تعد بوارد الاستعجال في التوصل إلى اتفاق نووي؛ خصوصاً إذا كان الهدف الحقيقي من تطبيع العلاقة ما بين المجتمع الدولي وطهران هو عودة الأخيرة، بالسرعة القصوى، إلى أسواق الطاقة العالمية، وهذا ما تقف موسكو بوجهه ولن تسمح، لا لأعدائها الغربيين، وفي مقدمتهم واشنطن، ولا حليفتها «المفترضة» طهران، بتحقيقه على حساب مصالحها الاقتصادية في زمن مواجهتها شبه العالمية والمفتوحة على الاحتمالات كافة، حتى غير التقليدية.

يبدو أن موسكو وضعت معضلتين على طاولة المحادثات النووية في فيينا، ترتبطان مباشرة بطهران؛ الأولى تتعلق بمشروعها النووي في ظل انقسامات دولية حادة، وفرز تمارسه واشنطن (إما معنا وإما ضدنا)، ويضاف إليه عدم ثقة موسكو الكاملة بطهران، تعززها رغبة واضحة لدى بعض الأطراف الإيرانية بالتطبيع السريع مع الدول الغربية وكسب ثقتها، فأمام هذه الشكوك الروسية يصبح المشروع النووي الإيراني، في حال بدّلت طهران تموضعها الدولي بعد توقيع الاتفاق، تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي... بالنسبة للروس فإن موسكو هي أقرب عاصمة أوروبية للقنبلة النووية الإيرانية المفترضة بعد سنوات، كما أن بلادهم هي أقرب مسافة للصواريخ الباليستية الإيرانية. الأمر الذي يدفع صناع القرار الاستراتيجي والأمني في موسكو إلى التريث كثيراً قبل التوقيع على الاتفاق النووي القديم بنسخته الجديدة.
أما معضلة موسكو الثانية مع طهران ولا تقل أهمية عن الأولى، فهي موارد الطاقة (من الغاز والنفط) التي تحولت إلى أداة تستخدمها واشنطن من أجل إغراء طهران بمنافع ضخمة إذا حددت خياراتها السياسية والاستراتيجية في فيينا؛ حيث ستفتح أمامها أسواق الطاقة العالمية لتعويض النقص الحاد بعد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا التي أخرجتها من الأسواق العالمية، فقد تنبهت موسكو سريعاً إلى أن الغرب يخطط إلى تعويض جزء من الإنتاج الروسي؛ خصوصاً الغاز، من إيران، ما دفعها إلى تنبيه طهران أنها جاهزة لتعطيل التوصل إلى الاتفاق إذا كانت هذه الاحتمالات جزءاً من غاياته، وهذا ما يبدو قد حدث مؤخراً وفقاً لبعض التصريحات الصادرة من أروقة المفاوضات في فيينا، فإن موسكو تربط هذا الملف بما تعتبره حرباً عالمية اقتصادية عليها.
الواضح أن موسكو لا يمكن أن تقبل فرض العقوبات عليها بالتزامن مع رفعها عن طهران؛ خصوصاً أن تطبيق العقوبات عليها سيمنع تعاملاتها مع طهران بعد رفعها عن الأخيرة، ما يعني أنها لن تحصل على أي مكاسب اقتصادية من الاتفاق. وفي المقابل تتخوف من أن إيران ستقوم من جهتها بتطبيق العقوبات عليها، وهذا سيحرمها من استخدامها في عملية الالتفاف على العقوبات، وخسارتها كسوق بديلة؛ خصوصاً ما يتعلق بالاستثمارات الروسية بالبنية التحتية لقطاع الطاقة الإيراني وعقود التسلح.
في فيينا بات واضحاً أن أولويات موسكو مختلفة بعد اجتياح أوكرانيا والمواجهة العالمية معها، ولا يمكن أن تعطي إيران أي هامش للمناورة مع واشنطن؛ خصوصاً إن كانت الاعتبارات السابقة في علاقتها معها لم تعد مجدية بالنسبة لأمنها القومي وأولوياتها الجديدة في السياسة الخارجية، والأفضل أن تستثمر التباين من الاتفاق بين واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة، مستفيدة مما يثيره الاتفاق من مخاوف إسرائيلية، إذا كان ضعيفاً، ولا يضمن عدم امتلاك إيران لسلاح نووي من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان يهمل عن قصد مشروع إيران الباليستي ونفوذها الإقليمي، وهما الأمران الأكثر تهديداً لجوارها العربي.
وعليه وأمام هذه الرزمة من التعقيدات الدولية حول الاتفاق النووي لجأت موسكو إلى وضع عراقيلها في طريق طهران، فهي ليست بوارد إعطائها من جعبتها وعلى حسابها، كما أن المسألة ليست بمستوى السهولة التي توقعها الغرب، حتى إيران التي ينطبق عليها المثل الشعبي المعروف «قُم لأقعد مَحلك»، أي بمعنى آخر «أخرجوا إيران وضعوا روسيا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا حسابات روسية جديدة فيينا حسابات روسية جديدة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt