توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جنوب لبنان... 1978

  مصر اليوم -

جنوب لبنان 1978

بقلم - مصطفى فحص

في زيارته الأخيرة لحدود كيانه الشمالية توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لبنان بصيف حار جداً، فالتهديد والوعيد اللذان أطلقهما غالانت هذه المرة قد يكونان مختلفين عن تهديدات سابقة أطلقها قادة إسرائيل ضد لبنان منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الفائت، أي بعدما فتح «حزب الله» جبهة إسناد لغزة من جنوب لبنان، ويعودان إلى سببين: الأول رفض مستوطني الشمال أي حل دبلوماسي وربط العودة إلى مناطقهم بحسم عسكري ينهي التهديد وليس فقط يبعده، أما السبب الثاني فهو حالة الاحتقان السياسي والعسكري نتيجة تعقيدات داخلية وخارجية تواجهها القيادة الإسرائيلية في جبهتي غزة و لبنان.

في جبهة غزة يتمظهر الاحتقان الأول في معركة رفح باعتبارها الجزء الأهم في بنك الأهداف الإسرائيلي في الحرب على غزة، والوقوف بوجهها إسرائيلياً يعتبر بمثابة إعطاء حركة «حماس» نصراً مجانياً، أما الاحتقان الثاني فهو على الجبهة الشمالية والضغط من أجل عودة المستوطنين وإنهاء التهديد المتصاعد من الحدود اللبنانية أي تطبيق القرار الأممي 1701 ولكن وفقاً للتفسير الإسرائيلي له، لذلك فإن هذين الاحتقانين قد يدفعان تل أبيب بالرغم من كل التحذيرات إلى اقتحام رفح والدخول في حرب مفتوحة وليست بالضرورة شاملة مع لبنان بالرغم من تداعياتهما على الأمن والاستقرار الإقليميين.

بالعودة إلى جنوب لبنان وتحديداً مناطق جنوب الليطاني التي أصبحت منطقة عمليات عسكرية، منذ 8 أكتوبر الفائت عاد الجنوب فعلياً إلى مرحلة ما قبل 14 آذار (مارس) 1978 أي التاريخ الذي قامت فيه إسرائيل بعملية اجتياح عسكري للمناطق الحدودية اللبنانية وصولاً إلى الضفة الجنوبية لنهر الليطاني والتي عرفت حينها بعملية الليطاني، وتذرعت تل أبيب حينها بأن جنوب لبنان بات مسرحاً لنشاط الفدائيين الفلسطينيين بعد ظهور فصائل المقاومة الفلسطينية في الجنوب أواخر سنة 1965 وبعد أن وافق لبنان الرسمي بعد توقيع اتفاق القاهرة 1969 على السماح لمنظمة التحرير الفلسطينية باستخدام أراضيه منطلقاً لعمليات الكفاح المسلح.

بعد 8 أكتوبر الفائت أصبح الجنوب مرة جديدة مُنطلقاً لعمليات ضد الكيان الإسرائيلي ولكن لم تعد هذه العمليات مرتبطة فقط بالفصائل اللبنانية التي حصلت على غطاء رسمي في البيانات الوزارية ضمن معادلة «جيش وشعب ومقاومة»، حيث دخل عليها العامل الفلسطيني بقوة بعدما كان شبه محرم منذ عدة عقود، حيث أخذت الأجنحة العسكرية لحركتي «حماس» و«الجهاد» الدور الذي كانت تقوم به فصائل منظمة التحرير سابقاً، وذلك ضمن استراتيجية وحدة الساحات التي تتبناها قوى المحور الإيراني، وهي استنساخ مشابه نوعاً ما لاتفاق القاهرة ولكن ببعد عقائدي.

إذن من اتفاق القاهرة إلى وحدة الساحات، يعيش الجنوب اللبناني مخاطر مواجهة مفتوحة مع إسرائيل وهذه المخاطر مرتبطة بعوامل سياسية وعسكرية، تبدأ من إمكانية أن يتحول الجنوب مرة جديدة إلى منطلق للعمليات الفلسطينية ضد إسرائيل وهذه استراتيجية ربط نزاع ما بين طهران وتل أبيب بحال تعرضت «حماس» لضربة قاسية ستؤدي إلى إضعاف موقع طهران في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فالتعويض عنه في جنوب لبنان، وهذا احتمال بات جدياً مع تزايد عمليات الفصائل الفلسطينية الموالية لها من الجنوب إضافة إلى إمكانية انتقال قيادات من الصف الأول من هذه الفصائل إلى لبنان ومخططات السيطرة على المخيمات الفلسطينية سياسياً وعسكرياً.

هذا الاحتمال يعيد إلى ذاكرة الجنوبيين حالة مناطقهم على جانبي نهر الليطاني قبل وبعد اجتياح 1978 والتي شهدت عمليات تهجير كثيفة وتدمير واسع وتحولت إلى جبهة مفتوحة مع إسرائيل، ولم تخل من احتكاكات خشنة ما بين الجنوبيين والفدائيين الفلسطينيين نتيجة ما اعتبره الجنوبيون حينها المؤيدون لحق المقاومة تجاوزات فلسطينية بحقهم، بالرغم من الطبيعة الاجتماعية والثقافية للحركة الوطنية اللبنانية ذات التوجه اليساري الحليفة للفصائل الفلسطينية ذات الطروحات غير العقائدية التي لم تستطع أن تخفف من الحساسية بين الطرفين، أما الآن في وحدة الساحات فهناك ظاهرياً تماسك عقائدي يخفي حساسية مفرطة قد تؤدي إلى نفس الاحتكاكات التي جرت سابقاً.

ممّا قبل 14 آذار 1978 إلى ما بعد 7 أكتوبر 2023 تختلف التواريخ ولكن تتشابه الأحداث، إما أن تنجح الدبلوماسية بتعطيل صواعق الانفجار وإما أن يعود الجنوب اللبناني ساحة نزاع لا تختلف عما قبل أو ما بعد سنة 1978 وإما الإسرائيلي المتفلت من كل حسيب ورقيب قد يذهب إلى حرب مفتوحة قد تكون أوسع وأكثر قساوة، ويبدو أن هذا لم يعد مرتبطاً بنجاح هدنة غزة أو بفشلها أو بقبول لبنان صيغة واقعية لتطبيق القرار 1701.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنوب لبنان 1978 جنوب لبنان 1978



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt