توقيت القاهرة المحلي 02:32:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان قرب النهاية

  مصر اليوم -

الإخوان قرب النهاية

بقلم: عبد الله السناوي

تتبدى نذر النهاية فى أزمة «الإخوان المسلمين» المتفاقمة بين جبهتين متصارعتين إحداهما فى لندن يقودها «إبراهيم منير» القائم بأعمال المرشد العام، والأخرى فى إسطنبول يقودها «محمود حسين» الأمين العام.
غابت فى صخب الانشقاق الجارى أمام الرأى العام أية خلافات سياسية وفكرية، وحضرت بخشونة الألفاظ منازعات الحصص المالية، كأننا أمام مشاهد مقتطعة من روايات المافيا الإيطالية.
لم يعد ممكنا أن تدعى الجماعة، أمام نفسها قبل الآخرين، أنها «حركة ربانية» مبرأة من الأخطاء والخطايا المالية والأخلاقية، أو أن «فلوسها فيها بركة» ــ على ما قال مرشدها العام الأسبق «مصطفى مشهور» فى (3) نوفمبر (2002).
كان تلك دعاية سياسية لم يكن يصدقها أحد.
فى حوار تليفزيونى واجه مذيع محسوب عليهم «محمود عزت»، الذى كان يوصف بالرجل القوى، بأن «الجماعة ليست مقدسة وفيها لصوص ونصابون».
لم يعلق بحرف واحد!
الانكشاف الأخلاقى الوجه الآخر للانكشاف السياسى بازدواجية الخطاب حسب مقتضى الظروف المتغيرة.
فى سنوات «حسنى مبارك» الأخيرة اضطرت الجماعة أن تدخل على قاموسها السياسى حتى لا تنعزل عن الحركة العامة فى المجتمع مصطلحات تخالف ثقافتها المتوارثة مثل الديمقراطية والتعددية وطلب الاندماج فى قواعد اللعبة السياسية.
لم تحاول أن يستقيم اعترافها بالتعددية والديمقراطية مع ضرورات مراجعة تاريخها منذ نهايات عشرينيات القرن الماضى، أو أن تتخلى عن خطاب التبرير، أو التجهيل بحوادث لا سبيل إلى إنكارها كالتورط فى أعمال عنف واغتيالات سياسية.
كما لم تحاول بجدية أن تؤسس لعلاقات مع القوى السياسية الحية فى البلاد بلا استعلاء، أو توهم احتكار الحقيقة والحكمة.
فى أحاديثه للصحافة الغربية دأب «مبارك» على استخدام «فزاعة الإخوان المسلمين» لتسويغ التباطؤ فى الإصلاح السياسى والدستورى، فالانتخابات الحرة ــ كما كان يعتقد ــ قد تحملهم لمقاعد الحكم.
كانت مشكلة نظام «مبارك» أنه لم يحاول إصلاح بنية النظام من داخله وإرساء قواعد دولة مدنية حديثة فأفسح المجال لما حذر منه.
عند سقوط نظامه لم تكن هناك أحزاب وقوى مدنية مهيئة لكسب الانتخابات التى تلت ثورة «يناير».
فى أجواء القلق العام على ما يمكن أن تذهب إليه مصر تحت وطأة سيناريو «التوريث» تفاقمت تناقضات الجماعة، كأنها توشك على طى صفحة وجودها نفسه.
وصلت فوضى التصريحات وتناقضاتها بين المعارضة والتأييد فى لقاء صحفى ضم المرشد العام «مهدى عاكف» إلى اثنين من الصحفيين الأوروبيين «ريمجيو بينى» مدير الوكالة الإيطالية بالقاهرة، و«جاك ديكن» مراسل صحيفة «لايبر بلجيك» التى تصدر فى بروكسل.
قال بالحرف: «أرسلنا رسائل للنظام للحوار، غير أنه لم يرد علينا».
«نؤيد مبارك للترشح بشروط أهمها: إلغاء الطوارئ ولجنة الأحزاب والإفراج عن المعتقلين».
فى رد على سؤال افتراضى: «لو فزتم بالانتخابات التشريعية، وشكلتم حكومة ائتلافية، فمن أقرب الأحزاب إليكم؟». كانت الإجابة: «الأحزاب ضعيفة ولا نعتد بها»!
فى رد على سؤال آخر: «ما عددكم؟» كانت الإجابة: «محبونا بلا حصر»!
لم يكن انطباع المراسلين الصحفيين الأوروبيين إيجابيا، حيث بدا أمامهما خطاب «الإخوان المسلمين» متعدد الأوجه، يقول للرأى العام ما يريد أن يسمعه، ويقول للسلطة ما تريد أن تطمئن به، ويقول للغرب ما يرضيه!
بتوقيت مقارب تبدت إشارات ورسائل معلنة عن دور أمريكى محتمل فى تزكية صعود جماعة «الإخوان المسلمين».
كانت الإشارة الأهم ما قالته «كونداليزا رايس» وزيرة الخارجية الأمريكية فى ذلك الوقت من أن بلادها لا تمانع فى وصول الإسلاميين للسلطة، تلتها دعوة من الاتحاد الأوروبى لحوار مع جماعة «الإخوان المسلمين».
كان ذلك رهانًا مبكرًا على الجواد الإسلامى فى ترتيبات السلطة ما بعد «مبارك».
لم يكن السفراء والدبلوماسيون الغربيون بالقاهرة مرتاحين لإشارات تصدر من واشنطن وبروكسل عن حوارات جرت، أو قد تجرى بين الإدارة الأمريكية، أو الاتحاد الأوروبى، مع جماعات إسلامية خاصة «الإخوان المسلمين».
كان تقدير الدكتور «هيو روبرتس» مدير مشروع شمال أفريقيا فى مجموعة الأزمات الدولية ICG عند منتصف العقد الأول من القرن الجديد أن موقف الدبلوماسيين الغربيين بالقاهرة مفهوم وطبيعى، نظرا لما هو مطلوب منهم من أدوار فى تحسين العلاقات بين الدول والحفاظ عليها دون توترات قد تضر بمصالح استراتيجية.
سألت «هيو روبرتس» وموقعه فى أحد المراكز البحثية الدولية المرموقة يمكنه من أن يقترب من دوائر صنع القرار: هل هناك الآن قنوات حوار غير معلنة بين الإخوان المسلمين فى مصر والإدارة الأمريكية؟
كانت إجابته: «ليس لديه ما يؤكد أن هذا الحوار قد بدأ فعلا بأفقه الجديد، الذى دعت إليه «كونداليزا رايس» وقيادات فى الاتحاد الأوروبى.. لكن ما أستطيع أن أؤكده أن هناك طريقتين فى التفكير داخل دوائر صنع القرار، بل وداخل مؤسسات التفكير والأبحاث الأمريكية والغربية.
الأولى، تحاول أن تبحث فى الدستور عن مساحة لوجهة نظر إسلامية تدمج التيار الإسلامى فى بنية المجتمع المدنى والسياسى.
والثانية، تنظر للمشكلة من زاوية الجغرافيا السياسية، أو من وجهة نظر غربية محضة».
كان اعتقاد الدكتور «روبرتس» أن الحوار المطلوب من «كونداليزا رايس» ليس استكشاف التيار الإسلامى، وإنما العمل على ضمه إلى صفوف السياسة الأمريكية، لا تقبله كما هو، بل تطويعه لما تريد الولايات المتحدة.
فى أحوال ثورة «يناير» تماسكت الجماعة، التى كانت على وشك التصدع بأثر براجماتيتها الزائدة وتراجع الثقة العامة فى التزاماتها المعلنة، طلبا لسلطة انتظرتها عقودا طويلة.
كان ذلك ترميما مؤقتا لشروخ عميقة فى بنية الجماعة، التى وجدت الأبواب مفتوحة أمامها لـ«التكويش على السلطة»، تنكرت لوعودها الانتخابية، روعت القوى المدنية وخطفت الثورة نفسها.
بدا التناقض مروعا بين إرث «القطبيين» أعضاء تنظيم (1965)، الذى حكم على مجتمعه بالجاهلية بعد أن أحكموا قبضتهم على مكتب الإرشاد، وبين شعارات ثورة يناير وأهدافها فى طلب الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
كان مستلفتا فى (26) أغسطس (2007) ما صرح به مرشدها العام «مهدى عاكف»: «إيه العيب فى أن نتطلع إلى الحكم واللى يخاف مننا يخاف»!
لم يكن هناك عيبا، وفق القواعد الديمقراطية، أن يصل حزب ما إلى السلطة بصناديق الاقتراع، غير أن الكلام عن الخوف والتخويف بذاته تفزيع مسبق للمجتمع أفضت تداعيات منطقه لإطاحة الجماعة من الحكم بعد سنة واحدة من وصولها إليه.
سقطت الجماعة من داخلها، لأنه يستحيل موضوعيا التوفيق بين طلب الديمقراطية وتبعات السمع والطاعة.
هذه حقيقة نهائية.. والباقى تفاصيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان قرب النهاية الإخوان قرب النهاية



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:19 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
  مصر اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 02 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 04:43 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تدعم حظر الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية

GMT 02:17 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

فيسبوك تقضي على Zoom بعد إطلاق App Lock

GMT 19:18 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حريق محدود بـ كابل كهرباء في الطالبية بمحافظة الجيزة

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

22 لاعبًا في قائمة الزمالك لمواجهة الإسماعيلي في الدوري

GMT 14:01 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 10:28 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إنفانتينو يقرب السعودية من تنظيم كأس العالم 2034

GMT 20:45 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

انطلاق كأس العالم للرماية الأحد المقبل

GMT 23:18 2021 الأربعاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

أبرز 5 سيارات كورية طرحت في السوق المصري لعام 2021

GMT 09:05 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

طريقة عمل الروستو

GMT 10:12 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

والدة طفلة التعرية ترفع قضية إثبات نسب جديدة

GMT 06:22 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

السيسى يصدق على تعديل بعض أحكام قانون السجل التجارى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt