توقيت القاهرة المحلي 01:07:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكايتي مع «الكنيسي»

  مصر اليوم -

حكايتي مع «الكنيسي»

بقلم :خالد منتصر

رحل عنا الإذاعى المخضرم القدير حمدى الكنيسى، تتساقط أوراق شجرة جيل إذاعى عظيم ورائد أثر فى أجيال وترك بصماته على كل ألوان الطيف المصرى، هو ابن مدرسة «صوت العرب» الرصينة، لكنه كان على عكس المذيع أحمد سعيد الذى كان من مدرسة الصوت العالى الحماسى الخطابى الزاعق، كان «الكنيسى» على العكس هادئ الصوت رقيق النبرات يتسلل برقة إلى قلب وعقل المستمع، ارتبطنا به جميعاً وقت أن كان مراسل الإذاعة فى حرب أكتوبر، كانت تقاريره اليومية كشافاً للبيانات العسكرية السريعة التى كنا فى لهفة أن نتعرف على تفاصيلها، كنا نجد تلك التفاصيل عند حمدى الكنيسى.

لى مع الأستاذ الراحل حكاية بسيطة لكنها تعكس معنى الشخصية الملتزمة الجدعة، فقد كان رئيساً للإذاعة وقت أن كنت أعد المسلسل الرمضانى الذى كان مقسماً إلى ثلاثة أجزاء، مسلسل «بنات القمر» عن قصة الكاتب الكبير عادل حمودة وبطولة يسرا وهالة صدقى ويوسف شعبان وماجد المصرى وأبوبكر عزت ومعالى زايد وغيرهم من النجوم، من إخراج المخرج الراحل الجميل يوسف المشرى الذى غادرنا فى عز شبابه، كنت ما زلت فى بداية المشوار أتحسس طريقى فى دروب الإذاعة، حائراً ما بين الطب والكتابة، محتاجاً لإثبات وجود وتحقق هوية، وإذا بلجنة القراءة ترفض المسلسل، وعرفت أن ناقداً كبيراً واسماً مهماً وباحثاً عظيماً فى التراث الشعبى هو الذى قاد جبهة الرفض داخل اللجنة، معترضاً على الجزء الثانى الذى يحتوى على قصيدة هوامش على دفتر النكسة للشاعر نزار قبانى، وكان الطلبة فى أحداث المسلسل يتداولونها سراً، اعتبرها الناقد الكبير إهانة للزعيم جمال عبدالناصر، وكان هذا الناقد ناصرياً متحمساً جداً، وهدد بالاستقالة ورفع الأمر لجهات عليا، وقال «على جثتى مرور هذا المسلسل».

كنت فى هذه المعركة وحيداً، وبحماس الشباب وجدتنى أطلب من مدير مكتب رئيس الإذاعة حمدى الكنيسى الدخول للشكوى وشرح الأمر، وكان أمامنا أسبوع على رمضان، سمح لى الكنيسى بالدخول وهو لا يعرف من هذا المجهول الذى اقتحم عليه مكتبه، قابلته وشرحت له الأمر، وظل منصتاً طيلة حديثى لا يعلق، وقال اترك لى الأمر وسأقرأ المسلسل بنفسى، وبعد يومين هاتفنى المشرى وهو فى منتهى السعادة قائلاً «رئيس الإذاعة وافق على المسلسل بل وكتب أنه مسلسل متميز»، لم أصدق نفسى فقد كان تجميع هؤلاء النجوم فى زحمة رمضان ثم الاعتذار لهم كارثة تشطب عليك إلى الأبد، والحمد لله نجح المسلسل بفضل تدخل رئيس الإذاعة حمدى الكنيسى، وللأسف استقال الناقد الكبير من اللجنة احتجاجاً وظل يهاجم الكنيسى طيلة حياته، لكن الكنيسى انتصر للفن وللحرية برغم أن الكلام عن الهزيمة فى الدراما بالنسبة لمراسل عسكرى حضر النصر شيئاً من الممكن أن يستفزه، لكنه كان إعلامياً بداخله شاعر، رحم الله حمدى الكنيسى وأمد الله فى أعمار من ما زال حياً من هذا الجيل الذهبى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكايتي مع «الكنيسي» حكايتي مع «الكنيسي»



GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon