توقيت القاهرة المحلي 17:11:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ

  مصر اليوم -

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ

بقلم :خالد منتصر

قارنت صورة اللاعب محمد صلاح وهو يقرأ القرآن فى الطائرة فى صمت ويسمعه بالسماعة من الموبايل فى خشوع وهمس، بفيديو الشاب المسلم الذى يعيش فى بريطانيا ويتعمد قراءة القرآن بصوت عالٍ فى المترو، بل ويصور بالموبايل توابع هذا الصوت المرتفع على الناس من حوله، السلوك الذى جعل الراكب الإنجليزى الذى يجلس أمامه يقول له معترضاً «احترم خصوصيتى ومساحتى الخاصة، هل شاهدت أى شخص من أى عقيدة أخرى يفعل مثلك؟»، وهو نفس ما كانت تفعله معنا ونحن طلبة فى كلية الطب الجماعة الإسلامية، حين يقتحم أفرادها المدرج ويبدأون فى القراءة بصوت مرتفع، وإياك -حتى الأستاذ- أن تعترض!.

هذا هو الفرق بين تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ، هذا ما جعل محمد صلاح أيقونة للإنجليز بسلوكه الهادئ واحترامه لمساحات الآخرين وتأقلمه مع الثقافة الكوكبية، وهو ما جعل أيضاً من سلوك بعض المتأسلمين هناك مثار إزعاج وضوضاء بل وفوبيا، لإصرارهم على فرض أنفسهم والصراخ بطقوس تديُّنهم وكأنهم يقولون «نحن هنا»، وافتعال المشاجرات والاستفزاز المتعمد والتحرش الدينى، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك جعلت من هؤلاء المتأسلمين صداعاً مزمناً فى دماغ أوروبا، مثل تعمُّد إغلاق الشوارع بالصلاة فيها، أو الإصرار على مكبرات الصوت فى الأذان.. إلخ.

الفضاء المجتمعى العام فى تلك البلاد الذى من المفروض أن يكون فى بلادنا ليس حكراً على فئة أو دين أو جنس أو طائفة دون غيرها، هذا الفضاء ملكنا جميعاً، وفضائى الخاص ومساحتى الضيقة المحدودة هى ملكى، اتركها لى دون أن تدس أنفك أو تحشر فضولك، محمد صلاح لم ينجح لأنه يجيد الترقيص أو ضربة الرأس أو لأنه سريع وحريف كرة قدم، نجاحه الأساسى غير المسبوق لأى مصرى قبله، هو لأنه حريف إنسانية وليس متطرف جماعة، أول لاعب مصرى فى تاريخ كرة القدم فهم بفطرته معنى العولمة والحداثة والكوزموبوليتان واحترام التنوع وقبول الآخر «زى ما هو»، بضبط المصنع الذى أنتجه وولد فيه، فهم أن دوره أن يلعب فقط، ويتدرب فقط، ويشتغل على نفسه فقط، يحترم النادى الإنجليزى الذى يلعب له وفى نفس الوقت يحترم عَلَم بلده والسلام الجمهورى لبلده، لم ينتمِ مثل آخرين إلى جماعة دينية سياسية أو يدعم رابعة أو يحيى قتلة كرداسة.. إلخ، محمد صلاح نجح لأنه فهم أن الإنسانية مثل قوس قزح لها ألوان وأطياف كثيرة، استوعب أن الشمس تشرق على صاحب البشرة السمراء والبيضاء، وتوزع ضوءها على البوذى والهندوسى واللادينى، بدون تمييز، محمد صلاح أزعج من يدعون احتكار الحقيقة من حراس الوهم عندما استعصى عليهم تشكيله كما يريدون، هم يريدونه فوتوكوبى منهم، ولا يرضون عن ذلك بديلاً، إما أن تكون مثلنا فتصبح فخر العرب، وإما أن تكون مثلهم منفتحاً على جميع الثقافات فنكفّرك وتصبح مارق العرب، محمد صلاح قرر أن يكون نفسه، وهم لا يقبلون إلا من يدخل ماكينة استنساخهم الرديئة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ



GMT 01:14 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

صفعة عمرو والدرع الواقي

GMT 01:00 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب غزة إلى أين؟

GMT 00:57 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

إسرائيل: «تجسد الوهم»

GMT 23:57 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

وأين القراءة؟!

GMT 23:55 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

المصرى اليوم

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - أفكار مميزة لديكورات غرف نوم الأطفال حديثي الولادة

GMT 16:29 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

مشاكل النوم أثناء الحمل تنتقل إلى الأطفال
  مصر اليوم - مشاكل النوم أثناء الحمل تنتقل إلى الأطفال

GMT 00:15 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025

GMT 02:20 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرف على قصة الفتاة صاحبة "استغاثة الفيسبوك"

GMT 05:06 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان حكيم يكشف أنّه لا يمانع دخول ابنه مجال التمثيل

GMT 09:21 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي وكورتني كارداشيان في فستانين أنيقين

GMT 19:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مباحث الآداب تفحص ٥٥ شقة مفروشة في الغردقة

GMT 15:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قشر البيض أهم مصادر معادن الكالسيوم والفسفور والزنك

GMT 00:02 2015 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

كيف يكون شكل الجنين في الشهر التاسع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon