توقيت القاهرة المحلي 12:31:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترمب وعبور أميركا «نهر الروبيكون»

  مصر اليوم -

ترمب وعبور أميركا «نهر الروبيكون»

بقلم - إميل أمين

 

حقق الرئيس السابق، والمرشح الساعي لنيل حظوة في أعين الحزب الجمهوري، ليكون الحصان الرابح في الطريق إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فوزاً ساحقاً في الانتخابات التمهيدية التي جرت قبل أيام في ولاية آيوا، حيث فاز بأكبر عدد من الأصوات في جميع مقاطعات الولاية البالغ عددها 99 مقاطعة باستثناء واحدة، خسرها بفارق صوت واحد.

حصل ترمب على 51% من الأصوات، وجاء بعده بفارق شاسع حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، بنسبة 21%، وثالثاً نيكي هايلي، السفيرة السابقة في الأمم المتحدة، بنسبة 19%، رغم الزخم الجمهوري المقصود من بعض أركان الحزب لإعلاء شأنها، على أمل أن تُقدَّر لها إزاحة ترمب.

يعنّ لنا أن نتساءل: هل هذا الفوز يعد القفزة الأولى في طريق أميركا نحو عبور « نهر الروبيكون»؟

يعني هذا المصطلح عدم المقدرة على العودة إلى الوراء، ومرجعه حادثة عبور يوليوس قيصر هذا النهر، والدخول إلى روما بجيوشه، ما أدى إلى اشتعال الحرب الأهلية، ومن ثم تكريسه حاكماً دائماً وإلى الأبد للإمبراطورية التاريخية.

الاستعارة في الحالة الأميركية مفادها البحث في المشهد الأميركي الذي يبدو على بُعد قفزتين أخريين؛ الأولى تتمثل في وصول ترمب إلى الترشيح النهائي للجمهوريين، ومنافسة بايدن، إنْ قدِّر له إكمال السباق، والأخرى الوصول إلى البيت الأبيض، وساعتها ستكون مقولة يوليوس قيصر قد تحققت: alea iacta ist «قد ألقي النرد».

على أن فوز ولاية آيوا يستدعي نوعاً من أنواع فك شفراته، إذ نجد أن نصف المشاركين في التجمع الحزبي الجمهوري في الولاية، يعدّون جزءاً من حركة ترمب «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، ما يفيد بأنه بعد قرابة ثلاث سنوات من رحيل ترمب عن البيت الأبيض، هناك من يؤمن بدعوته جراء أحوال أميركا المتضعضعة، لا سيما على المستوى السياسي والحزبي.

الأمر الآخر هو أن ترمب اكتسب أنصاراً جدداً؛ ففي اقتراع آيوا التمهيدي هذه المرة، صوّت له الناخبون الإنجيليون، والمحافظون اليمينيون المتشددون، وهؤلاء كان قد واجه صعوبات في الفوز بهم في انتخابات 2016، الأمر الذي يفيد بأن هناك مَن بات يؤمن بجدوى ترمب، رغم أخطائه وخطاياه، في مواجهة الانفلات التحرري اليساري لدى الديمقراطيين.

ومن نافلة القول إن الرؤساء الذين يخسرون سباقاً رئاسياً، يتوارون عن الأنظار خجلاً ووجلاً، فيما ترمب نجده على العكس، يبادر بالترشح وتتعزز فرصه، بل أكثر من ذلك تتصاعد أعداد الذين يؤمنون بأنه كان الفائز في انتخابات 2020، فقد قالت أغلبية كبيرة من رواد المؤتمرات الحزبية في ولاية آيوا لشبكة CBS إنهم يعتقدون أن ترمب تعرَّض لمؤامرة.

يبدو ترمب على بُعد أيام من تحدٍّ جديد في ولاية نيوهامبشير، قد تضحى فيه نيكي هايلي المرشح الأوفر حظاً، ما يفتح باباً للحديث عن أغلبية صامتة داخل الحزب الجمهوري تتجهز للتخلي عن ترمب، ساعيةً إلى دعم هايلي.

غير أن هذا التخطيط قد يسقط من تلقاء ذاته حال استمرت انتصارات ترمب على الأرض، وساعتها ربما يتوجب على أركان وقيادات الحزب الجمهوري «تجرع كأس سقراط»، على أمل استرداد البيت الأبيض مرة جديدة.

هل سيُسمح لترمب باجتياز روبيكون أميركا؟

الشاهد أن أوضاع أميركا الداخلية باتت مثيرة للقلق نهاراً والأرق ليلاً، فقد أصبحت البيروقراطية الأميركية المتضخمة مسيَّسة، ويشمل ذلك مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة العدل، فقد أهدرت هاتان المؤسستان وقتاً وموارد لمطاردة أشخاص بدوافع سياسية، كما يشمل هؤلاء الكاثوليك التقليديين، أو الآباء الغاضبين والمدافعين عن الحياة بعيداً عن العنف، وهؤلاء ممثَّلون بأنصار ترمب أو ترمب نفسه.

في أوائل ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، وخلال تصريحات لقناة «فوكس نيوز»، كشف ترمب عن بعض مخططاته لإعادة مراجعة الأوضاع السياسية في البلاد.

تطرق ترمب إلى قضية خفض الإنفاق الفيدرالي ووقف تمويل ما أطلق عليها «الدولة العميقة»، وتعهَّد بالطعن في دستورية قانون ميزانية الكونغرس لعام 1974 في المحكمة، بحيث يصبح له الحق في خفض الميزانية الاتحادية بجرة قلم.

لم يوارِ ترمب أو يدارِ نياته الشمولية تجاه إشكاليات الحدود وإنتاج النفط المحلي، فيما الأكثر إثارة والذي يعكس المخاوف الحقيقية لما بعد عبوره لروبيكون أميركا، هي وعوده بتعيين مدَّعٍ عامٍّ يلاحق مَن وصفه بالرئيس الأكثر فساداً في الولايات المتحدة، جو بايدن، وعائلته الإجرامية بأكملها، على حد تعبيره، مكرراً من جديد: «سوف أمحو الدولة العميقة تماماً»، وهنا يُتوقع أن يستخدم مؤسسات الدولة لملاحقة مناوئيه وسحق أي معارضة له.

هنا يضحى التساؤل واجب الوجود عن مدى سماح هذه الدولة لترمب بالعبور إلى البيت الأبيض، وبالقدر نفسه عدم عبوره، والذي يمكن إدخال أميركا والعالم في دوامة من المخاوف السياسية العميقة... كيف ذلك؟

بالعودة إلى التقرير الصادر عن مجموعة «أورآسيا الاستشارية»، الصادر أوائل يناير (كانون الثاني) الجاري، نجد خلاصة خطيرة مفادها أن انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 يمكن أن تمثل أكبر خطر سياسي على العالم، وبغضّ النظر عمّن سيفوز فيها.

وحسب المجموعة عينها، فإن الديمقراطية الأميركية مهدَّدة إلى درجة لم تشهدها الأمة منذ 150 عاماً، في إشارة إلى زمن الحرب الأهلية... أهو حديث عبور الروبيكون حقاً؟

باختصار غير مخلٍّ، حال قُدِّر لترمب تجاوز كل فخاخ المحاكمات ووصل إلى سدة البيت الأبيض، سوف يرفض ملايين الأميركيين الديمقراطيين عدّه رئيساً شرعياً، بسبب نص دستوري يحظر على أي شخص «شارك في تمرد» تولي مثل هذا المنصب الرفيع.

أما إذا خسر ترمب مرة أخرى أمام بايدن، فمن المرجح أن يزعم حدوث عمليات تزوير كبيرة وأن يحرّض على شن حملات تخويف واسعة النطاق ضد مسؤولي الانتخابات والعاملين فيها، وقد ينفجر مشهد العنف تلقائياً في طول البلاد وعرضها، لتدخل البلاد بالفعل في دوامة الحرب الأهلية.

هل أميركا على موعد مع سيناريو أبوكاليبس في جميع الأحوال؟ إلى قراءة قادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وعبور أميركا «نهر الروبيكون» ترمب وعبور أميركا «نهر الروبيكون»



GMT 02:23 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٩)

GMT 02:20 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

ولتسويفسكي!

GMT 02:15 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

«فتنة تكوين».. تساؤلات مشروعة

GMT 02:13 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

نصر رمزي

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:47 2024 السبت ,11 أيار / مايو

طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة
  مصر اليوم - طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة

GMT 12:05 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عدسات لاصقة "ذكية" لكشف أمراض العيون
  مصر اليوم - عدسات لاصقة  ذكية  لكشف أمراض العيون

GMT 00:22 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية
  مصر اليوم - عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية

GMT 11:39 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

GMT 17:34 2021 الإثنين ,19 إبريل / نيسان

مركز الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار في أسبوع

GMT 09:07 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

مجموعة تاتو لا يناسب الا شخصية برج الميزان

GMT 09:02 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على فوائد فول الصويا الصحية لمرضى السكر من النوع 2
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon