توقيت القاهرة المحلي 19:28:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإمبراطورية الأميركية وتجديد الديناميكية الوطنية

  مصر اليوم -

الإمبراطورية الأميركية وتجديد الديناميكية الوطنية

بقلم - إميل أمين

رغم ما يبدو من خلاف ظاهر على سطح الأحداث الأميركية، وتسارع وتصارع، من جراء الانتخابات الرئاسية، فإنَّ عقل الدولة الأميركية العميقة لا ينفك يبحث عن مقدرات القوة التي تكفل لها البقاء 100 عام فوق القمة.

هل أميركا قادرة على التعافي الوطني وتجنب الانحدار الإمبراطوري التقليدي؟

تبقى قصة التدهور الوطني الكبير أمراً شائعاً وذائعاً عبر حياة الأمم والشعوب، وبالقدر نفسه تضحى قضية التعافي من هذا التراجع طويل الأمد أمراً نادراً، ويصعب اكتشافه. والمعروف أنَّه عندما انزلقت القوى العظمى بداية من الفرس والروم، وصولاً إلى الإسبان الهابسبورغيين والعثمانيين، حتى الاتحاد السوفياتي، من موقع التفوق بسبب عوامل داخلية وخارجية، فإنها نادراً ما عكست هذا الاتجاه.

كلف «البنتاغون» مؤخراً مؤسسة «راند» عقله المفكر القيام بإعداد سلسلة من التقارير حول: «مصادر الديناميكية الوطنية المتجددة»، وصدر قبل أسابيع قليلة التقرير الأول منها.

يستكشف مؤلفو التقرير التحديات التي تقابل سطوة أميركا وقدرتها التنافسية حول الكرة الأرضية، ويدرسون الأنماط الشائعة للتجديد الوطني، والصفات التي تحدد قدرة المجتمع على التجديد، ومن هذا التحليل يستمدون الدروس النافعة والملهمة لصناع القرار، لا سيما الساعون لمعالجة التهديدات المحلية والدولية، وكل ما يزعزع المكانة التنافسية للولايات المتحدة الأميركية.

ماذا عن أهم التحديات أمام أميركا وما يقطع الطريق على مقارعتها من لدن أي قوة كونية أخرى؟

في واقع الأمر يظهر التقرير 7 تحديات داخلية وخارجية:

التحديات الداخلية تبدأ من أزمة نمو الإنتاجية، وقد بلغت مداها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى حد أنَّها استنقذت أوروبا من خلال مشروع مارشال الاقتصادي.

تبدو كذلك أزمة الشتاء الديموغرافي المحلق فوق سماوات سكان أميركا مهدِّداً خطيراً، فتراجع معدل المواليد يعني بالضرورة تناقص الأيدي العاملة في المدى الزمني المنظور.

كما تطفو على السطح قضية النظام السياسي المستقطب، وليس الأريحيات السياسية التي تفرز أجيالاً متنافسة في رحابة فكرية، ومن غير عداوات آيديولوجية، كما الحال في سياق الانتخابات الرئاسية القائمة.

عطفاً على ذلك، تبدو هناك إشكالية البيئة المعلوماتية الفاسدة على نحو متنامٍ، وما يضاعف وقعها السيئ انفجار آليات الذكاء الاصطناعي، وما ينجم عنه من قدرة هائلة على الخلط بين ما هو حقيقي أو مزيف.

ماذا عن التحديات الخارجية؟

البداية نجدها من طرف ارتفاع حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة، الأمر الذي يعني تراجع الاستثمار الوطني الداخلي لصالح نظيره الأجنبي، بينما التحدي الأكبر والأخطر يتمثل في الصعود الصاروخي للصين على كل المستويات الاقتصادية، وتالياً العسكرية، وصولاً إلى اختصام الصين لكثير من مربعات النفوذ السياسي للولايات المتحدة يوماً تلو آخر.

وأخيراً، تتضح الخسارة الحقيقية للإمبراطورية الأميركية من خلال تراجع تقدير العشرات من الدول النامية لقوتها، أما الدول متوسطة الحجم، وتلك الصاعدة في مسارات ومدارات العالم متعدد الأقطاب فلم تعد تواري أو تداري شكوكها في مصداقية أميركا بوصفها حليفاً موثوقاً به مرة وإلى الأبد.

عطفاً على ما تقدم، فإنَّ هناك طائفة من السياقات تتراقص في سماوات الولايات المتحدة، لا سيما في العقود الثلاثة الأخيرة، تلك التي عدَّت فيها نفسها القطب المنفرد بمقدرات العالم.

من تلك العلامات، إدمانها على الترف الذي يقود إلى الانحطاط، ونجد صداه عند إدوارد غيبون وحديث سقوط الإمبراطورية الرومانية خصوصاً.

يمكن للمرء أيضاً أن يرصد الفشل في مواكبة المتطلبات التكنولوجية، والبيروقراطية المتحجرة، بجانب ما يسميه التقرير فقدان الفضيلة المدنية، بينما التوسع العسكري المفرط ماضٍ قدماً؛ ما أدخل البلاد في مرحلة الإرهاق العسكري.

الإشكالية الكبرى في البحث عن ديناميكية جديدة تتمثل في أنه رغم اتفاق اليمين واليسار على أنَّ شيئاً ما معطل في أميركا، فإنَّ الجانبين يختلفان إلى أقصى حد في كثير من الأحيان حول ما يتوجب القيام به حيال ذلك.

ويبقى حجر الزاوية في البحث عن أميركا جديدة موصولاً بالتزام النخبة حول الصالح العام، والتخلي عن الأنانيات المفرطة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمبراطورية الأميركية وتجديد الديناميكية الوطنية الإمبراطورية الأميركية وتجديد الديناميكية الوطنية



GMT 13:25 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

الروح المتمردة

GMT 13:23 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

صلاح «ملك الحلاقة»!

GMT 02:20 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 02:17 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

GMT 02:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ مصر اليوم

GMT 14:31 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن
  مصر اليوم - عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن

GMT 13:05 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع
  مصر اليوم - تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع

GMT 02:46 2022 الجمعة ,17 حزيران / يونيو

أفضل المطاعم اللبنانية للعائلات في أبوظبي

GMT 10:54 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فينان البيئي

GMT 08:11 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

ابتكر فكرة وغير حياتك

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:34 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

عاطل يقتل ربة منزل لسرقة قرطها الذهبي في أسوان

GMT 09:19 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار ماريسا ويب تطرح تصاميم جديدة لشتاء 2018

GMT 05:58 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

دجاج بالثوم والليمون

GMT 12:32 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة "كيا" تعدّل سيارة السيدان "Optima" الشهيرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon