توقيت القاهرة المحلي 14:58:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الملحمة الليبية

  مصر اليوم -

الملحمة الليبية

بقلم - سمير عطا الله

وُلد هشام مطر في نيويورك، حيث كان والده ملحقاً في الوفد الليبي لدى الأمم المتحدة. ونشأ في لندن، بعد زج والده في سجن أبو سليم، الكريه الصيت. ولذلك، كتب بالإنجليزية ملحمة «البحث عن الأب». ومنذ اللحظة الأولى أصبح عالمياً، وتُرجم إلى 37 لغة، وفاز بجوائز كثيرة، أهمها «بوليتزر» غرة جوائز الأدب في الولايات المتحدة.

باستثناء كتاب واحد هو «عام في سيمبا»، كل كتابة أخرى كانت عن ليبيا، وأشهرها «العودة»، عن رجوعه إلى بنغازي، مع أمه وشقيقه زياد، بعد انهيار الجماهيرية. والآن يكمل مطر السلسلة في كتاب مثير آخر، «أصدقائي».

سرد جميل ومؤلم، وأسلوب هادئ خالٍ كلياً من الألفاظ الفارغة والتعابير المريضة، وخصوصاً من لغة الجماهيرية، واللجان، ومشانق سجن أبو سليم. يدرِّس مطر الآن في جامعات أميركا، وأعتقد أنه بلا شك، أستاذ بديع في فن السرد.

لا تزويق ولا تضخيم. وقائع عادية تتحول في سرده البسيط المباشر، إلى رواية كبرى ولوحة عالية من لوحات التجربة الإنسانية. عندما يسقط النظام ويذهب الابن إلى السجن بحثاً عن الأب، يعثر، بدلاً عن الأب، على سجين غمره الشيب، يحمل صورة والده. من أين له تلك الصورة؟ لا يتذكر. ما هو اسمه؟ لا يذكر. متى أُدخل السجن؟ لا يعرف. لماذا؟ لا يعرف.

قبل أن تفقد العائلة كل صلة مع الأب، يتمكن من أن يهرّب إليها ثلاث رسائل. يقول في إحداها: «أحياء، يمرّ عام كامل من دون رؤية الشمس، أو الخروج من الزنزانة».

نرى في أعمال هشام مطر، ظلالاً من جوزف كونراد وفلاديمير نابوكوف. ومثلهما يتساءل: هل يعود إلى بلاده، أو هذه هي بلاده؟ منفى لكنه خالٍ من اللجان؟ وإلى أي بلد يعود؟ مرة عُلقت المشانق كثيفة إلى جانب بعضها بعضاً. وقد أغلقت اللجان كل الطرق، وحوَّلت السير إلى جهة واحدة، لكي تُرغم الجميع على رؤية جثث الشبان المتدلية في الهواء، ملوية الأعناق.

بعد صدور «أصدقائي»، عدتُ إلى قراءة الكثير من أعمال هشام مطر. حاولت أن أقرأ بعين محايدة، وكأنني أقرأ كونراد أو سولجنتسن. لا يمكن، يقرّب الراوي العدسة بحيث ترى في عمق الصورة شخصيات كثيرة من تماثيل الرماد. لكن هشام مطر لم يعد يطرح المسألة كقضية. لقد بعدت في الذاكرة عميقاً كمأساة فردية أو جماعية. إذ أزاحتها مأساة أخرى «عندما فجّرت ليبيا نفسها». ولا تلتئم ولا تلتحم. أو في كلمات هشام مطر «طريق الانحراف والسقوط بلا قعر».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملحمة الليبية الملحمة الليبية



GMT 20:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 20:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 20:49 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 20:45 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 09:16 2022 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

سيارات هيونداي ترفع النقاب عن نسختها الجديدة سانتافي 2023

GMT 10:23 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

Razer تعلن عن أحد أفضل الحواسب لمحبي الألعاب

GMT 09:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

ترتيب الدوري المصري 2021 بعد نهاية الجولة 23

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 07:00 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

4 أمور يُستحبّ فعلها قبل صلاة عيد الفطر المبارك

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

علاء مرسي يكشف عن ملامح دوره في مُسلسل "الضاهر"

GMT 02:31 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

خاتم زواج الماس للمناسبات الخاصة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt