توقيت القاهرة المحلي 09:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صاحب الظلام في غزة

  مصر اليوم -

صاحب الظلام في غزة

بقلم - سمير عطا الله

أوائل الستينات يصل المراسل البولندي ريزيارد كابوشنسكي إلى الكونغو. كان قد سبقه إلى هناك البولندي الأكثر شهرةً في آداب العالم، حيث كتب رائعته «قلب الظلام»، أو «قلب العتم»، أي جوزف كونراد. الأول مراسل لوكالة أنباء رسمية متقشفة، سافر في أدغال أفريقيا الخارجة حديثاً إلى الاستقلال. كونراد كان قبطان سفينة، سافر في نهر الكونغو الذي يشق الأدغال الرهيبة الكثافة مثل السيف.

بعد الحرب الأهلية التي زادت البلاد تدميراً، فقد الكونغو ذلك القليل الذي كان قد تركه الاستعمار من شبكات طرق أو هاتف أو غيرها. بلد في حجم قارة، ليس فيه نظام نقل: «لذلك ترى تجمعات بشرية هائمة، تنتظر سيارة أو شاحنة تنقلها إلى أي مكان. إما بحثاً عن عمل أو عن أقارب، أو في أي اتجاه. هناك أناس لا يزالون على الطرقات منذ أسابيع أو أشهر. ليست لديهم أي خرائط. لكن حتى لو عثروا على واحدة، بالأرجح أنهم لن يجدوا فيها اسم القرية أو البلدة، التي يريدون الذهاب إليها. إنهم ذاهبون أو عائدون إلى حيث لا يعرفون على وجه الضبط. أكثرهم يحمل على رأسه كل ما يملك في الحياة. أيديهم يجب أن تبقى طليقة دائماً، لحفظ التوازن، أو لطرد الذباب والبعوض، أو مسح العرق عن الوجوه».

هذه اللوحة الدرامية من أفريقيا 1960، تتكرر أمامك كل يوم في غزة. عائلات تحمل متاعها على رؤوسها ذاهبة إلى أي مكان، أو عائدة من أي مكان. والفارق طبعاً هو القاذفات والصواريخ والمدافع التي تلاحق مشردي غزة.

في «قلب الظلام» أراد كونراد القول إن «المتوحشين» و«المتحضرين» سواء. كابوشنسكي المسافر في القرن العشرين أراد أن يثبت أن «المتوحش» هو مدّعي الحضارة وزاعمها. وقد حوّل فرنسيس كوبولا «قلب الظلام» إلى فيلم «القيامة اليوم» الذي صوَّر لنا الحالة البشرية في درامية أكثر تعبيراً بكثير من سرد كونراد.

لعب كونراد دورا مؤثراً في إلهامات القضية الفلسطينية، واختلف من حوله ومن حولها اثنان من أشهر الأميركيين العرب: إدوارد سعيد وفؤاد عجمي، وكان خلافاً أدبياً جميلاً أشبه بالمعلّقات. ولم يؤذِ ذلك القضية نفسها بقدر ما أفادها كلٌ منهما من موقعه. غير أنّ الأذى وقع عند جماعة الرجلين في العالم العربي. وبدل أن يستخدم المؤيدون والمعارضون اللغة الراقية التي كتب بها الأستاذان الجامعيّان، لوّثوا رفعة الخطاب بالبضاعة المألوفة من شتائم وأفكار، أبهت لونها الاجترار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاحب الظلام في غزة صاحب الظلام في غزة



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon