توقيت القاهرة المحلي 18:57:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شرف الدّقة

  مصر اليوم -

شرف الدّقة

بقلم - سمير عطا الله

في الصحافة الغربية وظيفتان أساسيتان لم تعرفهما الصحافة العربية وقد لا تعرفهما أبداً. الأولى وظيفة المحامي، الذي تُعرض عليه المواضيع الدقيقة التي قد تُحيل الصحيفة إلى المحاكمة. كلمته، وليست كلمة رئيس التحرير، هي الفاصلة في النشر.

الوظيفة الأخرى هي «مدقق الحقائق»، بعكس المحامي الذي تُحال إليه مواضيع معينة. تُحال إلى المدقق جميع المواضيع دون استثناء. وفي بعض الصحف والمجلات العريقة عراقة لا مثيل لها، يكون التدقيق أحياناً حالة شبه مرضية. أشهر حوادث التدقيق مرّت في مجلة «نيويوركر»، التي يعدّها البعض أهم وأجمل مجلة أسبوعية عرفها العالم. وأنا من هذا البعض منذ ستة عقود، أتمتع كل أسبوع برسومها الكاريكاتورية الساحرة، وتحقيقاتها المطوّلة، التي قد يستغرق إعدادها في بعض الأحيان نحو نصف سنة. لا مشكلة في الأمر. فهي تدفع لصاحبها أجراً يتجاوز خمسين ألف دولار، أو راتب نصف عام.

كان فلاديمير نابوكوف أشهر كاتب روسي باللغة الإنجليزية. وهو صاحب رواية «لوليتا» التي جعلت شهرته تطير في أنحاء العالم في الخمسينات. غير أن أهميته الأدبية كانت في عمله الأكاديمي وأبحاثه المرجعية وتحليله للأدب الروسي، الذي كان هو جزءاً مهماً منها. الشهرة التي نالها جعلته متشاوفاً وعلى عندٍ شديد. ولطالما أدّى ذلك إلى خلافاتٍ ونزاعات مع ناشريه. غير أن طبيعة عمل المدقق تقضي بأن تكون له الكلمة الأخيرة إذا ما حدث خلافٌ ما. وإلا فلا معنى لوظيفته بالأساس. وقعت إحدى أشهر معارك التدقيق بين نابوكوف وشابٌّ من قسم التصحيح في مجلة «نيويوركر». وقد يكون ذلك أمراً متوقعاً وعادياً لأن حجم الكاتب لا يعفيه من الخطأ مثل أي إنسانٍ آخر. الذي لم يكن مألوفاً هو موضوع الخلاف. فقد أرسل الكاتب الروسي إلى المجلة قطعة أدبية يصفُ فيها مرفأً في مدينة جنيف ويُشير إلى جدارٍ عريض أزرق اللون. غير أن المدقق قال إن الجدار رمادي فاتحٌ وليس أزرق على الإطلاق. رفض نابوكوف التصحيح وأصرّ على زُرقة اللون قائلاً: إنه يعيش في سويسرا ويعرف المكان أكثر من أي شخصٍ آخر. وأصرّ المدقق على موقفه وقال إنه ذهب بنفسه للتأكد من الأمر. حاول رئيس التحرير الوصول إلى حلٍّ وسط بين الأكاديمي العجوز والمصحح الشاب. عبثاً حاول. نابوكوف رأى في المسألة إهانة شخصية لهالته وسمعته، والفتى العنيد رأى في موقف الروائي الشهير خروجاً على قواعد الصواب وأصرّ على كرامة وظيفته. وفي النهاية، حُلت المسألة بأن سحب نابوكوف المقال، وفاز الشاب بالنقاط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرف الدّقة شرف الدّقة



GMT 05:16 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

ولنا في الكويت عبرة يا أصحاب الشعبويات!

GMT 05:13 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

لا بديل في الحالتين

GMT 05:09 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

ديمقراطية الكويت إلى أين؟

GMT 05:08 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

«فتنة التكوين» اتسع الخرقُ على الراقعْ!

GMT 04:46 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

نيران صديقة فى مهرجان (كان)!!

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 23:32 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفرنسي عثمان ديمبلي يعود إلى تدريبات برشلونة الإسباني

GMT 04:11 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

طريقة عمل تشيز كيك بخطوات سهلة

GMT 00:53 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تثير غضب الجماهير المصرية في القاهرة السينمائي

GMT 23:45 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الكرة يؤكد يحق لكل نادٍ ضم 25 لاعباً جديداً

GMT 17:03 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مرسيدس تكشف عن سيارة كهربائية في تحدٍ ألماني مباشر لتسلا

GMT 03:28 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع أسعار الذهب في الأسواق المصرية الأحد

GMT 02:49 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

وائل كفوري يرفض التعليق على هجوم بعض الأشخاص
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon