توقيت القاهرة المحلي 14:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خبز وكعك وإشاعة

  مصر اليوم -

خبز وكعك وإشاعة

بقلم - سمير عطا الله

كان سعيد فريحة يكرر في كتاباته قولاً لا أذكر صاحبه، خلاصته، إذا أردت أن تقتل خصماً لا تطلق عليه رصاصة، بل «إشاعة». عشتُ الحياة أختبر عبقرية هذا القول، خصوصاً خلال الحرب الأهلية اللبنانية. كان مؤلفو الإشاعات لا يهدفون فقط إلى اغتيال شخص واحد، بل إلى قتل الجماعات التي لم يروا لأهلها وجهاً من قبل.

الإشاعة تعني سلفاً أن الخبر غير صحيح. لكن الناس تحب تصديق الكذبة وترفض أن تصدق النفي. وتعيش بعض الإشاعات الشهيرة مدى العصور مهما حاول المؤرخون نقضها.

لعل أشهر إشاعة في التاريخ تلك التي طالت ملكة فرنسا زوجة لويس السادس عشر، النمساوية ماري أنطوانيت. فقد نُسب إليها في ذروة الثورة الفرنسية أنه جاء مَن يبلغها بأن الناس جائعون لا يجدون خبزاً يأكلونه، فأجابت: «فليأكلوا الكعك».

دوَّن الحكاية مفكر الثورة جان جاك روسو في كتاب «اعترافات». وسارع الناس إلى تصديقها، كما قاموا بإرسال ماري أنطوانيت إلى المقصلة، بعد عامين من قطع رأس زوجها. غير أن المؤرخين أجمعوا على أنه لا يمكن لماري أنطوانيت أن تتلفظ بمثل هذا القول. رغم ما اشتهرت به من حماقات. ولا يمكن خصوصاً أن تُدلي بهذه الجملة القاتلة، بينما هي تفاوض رجال الثورة من خلال الخطيب الشهير ميرابو. لكنّ الإشاعات لا تخضع للمنطق لأنه إلغاء لها.

يعود «كعك» ماري أنطوانيت إلى الذاكرة كلما أشهر بعض أهل التواصل الكذب والتلفيق والسم في وجه الأبرياء والمشتبهين على السواء. وقد تكثفت حملات التواصل وزادت فنونها وكثر ابتذالها وبذاءتها. ولا شك في أن الكثيرين أعرضوا عنها، لكن ضبطها سوف يستغرق وقتاً طويلاً، تتدهور خلاله أعراف وآداب وأخلاق شتى.

لعب بعض الصحافيين في الماضي أدواراً وضيعة في تدمير حياة الناس. اتهموا الأبرياء تهماً قاتلة معنوياً واجتماعياً، وحتى جسدياً، من دون أي شعور إنساني بالمسؤولية. وكان أحد هؤلاء يوزع التهم السامة في مجلته ومجالسه بالبساطة التي يلقي بها النِّكات السمجة. وقد مات قبل أن يتسنى له الاعتذار من ضحاياه عن الجرائم المجانية التي ارتكبها لأسباب لا تتعدى حقارة النفس وعدمية الخُلق.

كان يكتب الإشاعة، أو يرويها على أنها جزء من عمله وحياته، والارتزاق بالابتزاز. لكن أحياناً كان يرمي السم على الأبرياء هوايةً أو طبيعةً، من دون أن يفكر لحظة في أثرها. والأسوأ أنه كان، إذا فكّر، يمضي فيما يرتكب، متمتعاً بلذة الشر والأذى المرير.

«المهن الحرة» يجب أن يحكمها مبدأ الحرية ورقيها وغاياتها. وإلا تحولت إلى خناجر تدمي كل ما حولها قبل أن ينهيها صدؤها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خبز وكعك وإشاعة خبز وكعك وإشاعة



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل

GMT 23:03 2021 الأحد ,30 أيار / مايو

تألقي بمكياج صيفي ناعم على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon