توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التوت و«البنكنوت»

  مصر اليوم -

التوت و«البنكنوت»

بقلم - محمود خليل

بانتهاء العصر الملكى وقيام ثورة يوليو 1952 لم تعد الفتونة «نبوت»، بل «مال» يملأ الجيوب، إنه عصر تحول القوة من «العصا الغليظة» إلى «البنكنوت»، أصبح الفتوة هو القادر على توليد المال من الهواء.. وهل يمكن أن يولد المال من الهواء إلا من خلال السرقة أو النصب أو غير ذلك من طرق لعينة؟.. وبات لـ«الفتونة» نظرية جديدة ملخصها «اخطف واجرى».

عالج نجيب محفوظ هذه الظاهرة فى رواية «أهل القمة» التى رسم فيها صورة الفتوة الجديد عبر شخصية «زعتر النورى» الذى سطع نجمه فى زمن «المنطقة الحرة» التى أسسها الرئيس أنور السادات بمدينة بورسعيد عام 1976، وعبرها بدأت تتدفق السلع المستوردة، وأخذت شبكة التطلعات فى الاكتمال، وهى الشبكة التى لم ينجُ منها غنى أو فقير.

«زعتر النورى» بدأ رحلته نشالاً صغيراً، يلعب مع مجموعة من «حرافيش النشالين» يماثلونه فى الظروف والقدرات، يسرق فى المواقف والمساجد ووسائل النقل، يقضى وقتاً فى السجن حين يتم القبض عليه ويواصل الرحلة بعد أن يفرج عنه.. على هذا النحو سارت حياته حتى اكتشفه «زغلول»، أحد الفتوات، داخل سوق «المستورد»، ومنه تشرّب «النورى» نظرية الفتونة الجديدة «اخطف واجرى»، فقد كان زغلول من قبل صبياً لفتوة كبير فى سوق التهريب، هبش منه هبشة، ومنها بدأ رحلته فى الفتونة. طبّق «النورى» النظرية على معلمه الكبير وهبش منه «تهريبة» أخذها لحسابه، وبرر الأمر لنفسه بأن «زغلول» كسب وربح من ورائه تلالاً من الأموال، عبر عمليات التهريب التى سبق أن نفذها لحسابه.

اعتماداً على هذه الهبشة بدأ زعتر النورى لعبة «الفتونة» مع مجموعة النشالين الصغار الذين نشأ بينهم، وشكّل منهم عصابة جديدة منحت العديد من الفرص للحرافيش الذين يريدون الانخراط فى لعبة الاسترزاق الجديدة، وأصبح «سوق المستورد» ملعب فتونة «زعتر النورى» وتحلَّق من حوله أنصاره من حاملى أداة الفتونة الجديدة «البنكنوت».

انتزع من الفتونة كل المعانى والقيم النبيلة التى أنشأها عليها الفتوات القدامى مثل عاشور الناجى، اختفى الفتوة العادل الذى يكسب من عرق يده، ويسعى فى الحياة سعياً شريفاً، ويسخّر قوته من أجل نصرة الضعفاء، والفتونة فى نظره ليست بلطجة على الأعيان، بل جمع للحق المعلوم الذى فرضه الله فى أموال الأغنياء ليعطى منه للسائل والمحروم والمحتاج. ولم يعد الحرافيش كما كانوا بالأمس طلاب عدل، بل أصحاب تطلعات يهفون إلى كل ما هو استهلاكى مستورد، يبحثون عن المال دون أن يهمهم من أى اتجاه جاء، أو تعنيهم مشروعية الطرق المعتمدة فى الحصول عليه.

ونتيجة هذه التحولات أصبحت السلع الاستفزازية جزءاً من حياة الفتوات الجدد الذين أثروا باستغلال الظرف، بعد زمان عاشوه فى ظل قاعدة «القناعة كنز لا يفنى». وطرأ على الشخصية الحرفوشية طارئ جديد ذابت معه الحدود الفاصلة بين المال المؤسس على الاجتهاد والمال المبنى على السرقة، وتغذى هذا الطارئ على إحساس ترسخ داخل «الحرافيش» بأنه «ما دام الكل يسرق لا بد أن نسرق»، وبسبب توسع دائرة الفساد لم تعد العين الحرفوشية قادرة على التفرقة بين الثراء المشروع والآخر غير المشروع، واعتبرت أن «كل غنى لص».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوت و«البنكنوت» التوت و«البنكنوت»



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt