توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طريق «المال»

  مصر اليوم -

طريق «المال»

بقلم - محمود خليل

الفقر والغنى حالتان متغيرتان من زمن إلى زمن، لكن العلاقة بينهما تظل ثابتة، فالفقير يمكن أن يصبح غنياً.. يقول الله تعالى: «إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ».. والغنى يصح أن يصبح فقيراً: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ». ويبقى أن العلاقة بين الغنى والفقير، أو الفقير والغنى تظل ثابتة، فالغنى يحكمه الغرور والاغترار بما يملك من مال، وأغلب الفقراء ينظرون إلى الغنى كشخص محظوظ، وأقلهم ينظر إليه كشخص مبتلى، لأنه سيسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه أمام الخالق العظيم. وقد حكيت لك كيف صوّر القرآن الكريم العلاقة بين الفقراء والأغنياء فى قصة «قارون» كبير أثرياء قوم نبى الله موسى.

ومن اللافت أن القرآن الكريم يتحدث عن الغنى كحالة خطر على الإنسان، تفوق فى تهديدها له فى الدنيا والآخرة ما يمكن أن يكابده من فقر، فالقرآن الكريم ينبه إلى أن الغنى قد يقود الإنسان إلى الطغيان.. يقول تعالى: «كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى».. ويقول: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادهِ لَبَغَوْا فِى الْأَرْضِ».. فالغِنى قرين الطغيان والجور والافتراء.. والتجربة البشرية تؤكد ذلك.. فما أكثر ما يطغى أثرياء الأفراد أو المجتمعات أو الدول على غيرهم من فقراء الأفراد والمجتمعات والدول.. فقليلاً ما تجد غنياً يحاول أن يبذل مما يملك فى سبيل إصلاح أوضاع الأقل قدرة أو ثروة.

لقد قدّم الله تعالى أمثلة ونماذج على العلاقة بين الثراء والطغيان، وما يترتب على الطغيان من فساد: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِى الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ». فأقوام مثل عاد وثمود وآل فرعون تمتعوا بمظاهر غنى لا تخطئها عين، وهى لم تؤدِّ إلى جعلهم نماذج للأمم أو الدول التى تسخّر قدراتها من أجل صالح الجميع، بل ولّدت لديهم إحساساً بفائض القوة قادهم إلى الطغيان، بما يترتب على الطغيان من فساد.

ليس معنى ذلك أن الإسلام يمتدح الفقر ويفضّله كحالة يتوجب أن تسود بين البشر، بل إنه يحاربه، وأولى أدوات حرب الفقر هى تحريض الأثرياء على الإنفاق والنهى عن الكنز، فهذه الثنائية التى تحمل الكلمة وعكسها «الإنفاق/ والكنز» تمثل أساساً من أسس محاربة الفقر، يضاف إليها النهى عن أكل أموال الناس بالربا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً»، أو أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الرشاوى وغيرها: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ».. والفقير مطالب فى الإسلام بالعمل والاجتهاد: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

الحالة المثلى التى ارتضاها الإسلام للإنسان تأخذ أحد مسارين: المسار الأول: أن يفتح الله تعالى عليك من وسع فيرزقك الكثير من حلال، ثم ييسر لك الإنفاق منه فى مرضاة الله، فتنال بذلك ثراء الدنيا وحسن العاقبة فى الآخرة، والمسار الثانى هو حالة الستر، بأن يكفيك الله خبز يومك، وتبيت معافى فى بدنك، آمناً فى أسرتك. يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من بات آمناً فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق «المال» طريق «المال»



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon