توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المخلصون لـ«الوثنية»

  مصر اليوم -

المخلصون لـ«الوثنية»

بقلم - د. محمود خليل

الإخلاص للوثنية لا يفنى، لكن من الممكن أن يُستحدث من عدم. تلك هي النتيجة التي يمكن أن يخلص إليها من يتأمل قصة نبي الله "هود" مع أهله من قوم "عاد"، كما حكتها آيات القرآن الكريم.

سكن قوم "عاد" مدينة الأحقاف، وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم عنوانها "الأحقاف"، ورد فيها طرف من قصة هود مع "عاد".. قال الله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم".

الآية الكريمة السابقة تحمل إشارة بليغة إلى موقع "هود" من قومه، وطبيعة علاقته بهم والتي أخذت شكل الأخوة، لكن أمرها اختلف كل الاختلاف بعد أن دعاهم إلى نبذ عبادة الأصنام، وقد كانوا أول الأجيال التي عادت إلى الوثنية بعد طوفان نوح، ليثبتوا نظرية أن الإخلاص للوثنية لا يفنى، وأن بالإمكان استحداثها من عدم.

فالمدافعون عن الوثنية هم في الأغلب قوم عدميون.

العدميون يحملون نظرة أساسها الاستخفاف بكل القيم النبيلة التي تحكم الحياة، ويرون أن مصير الإنسان إلى الفناء، وأن الموت هو نهاية الرحلة، وليس بعده قيامة ولا حساب.. يصف القرآن الكريم الحالة العدمية التي غلبت على قوم "عاد" في الآية الكريمة التي تقول: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين".

العدميون نظرتهم دنيوية بحتة، وهم لا يؤمنون بإدارة الدنيا بناء على معايير العدل، بل تأسيساً على معايير القوة والبطش بالآخرين.. يقول تعالى: "وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة".

هذه النظرة العدمية دفعت قوم "عاد" إلى اتهام "هود" الذي أسس علاقته معهم على الأخوة بـ"السفاهة"، وقد كان من العجيب للغاية أن يتهم قوم باعوا عقلهم فعبدوا أصناماً لا تنفع ولا تضر رجلاً يدعوهم إلى الوحدانية وعبادة خالق السماوات والأرض بالسفه: "قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين".

كذلك أصحاب الفكر الحجري والأداء الوثني في كل زمان ومكان، إنهم يشككون في القدرات العقلية لكل من يدعوهم إلى الخروج من دوائر العدمية إلى دوائر التحقق الإنساني، ويتهمون الدعاة إلى ذلك بالحمق والعبثية، في وقت يعتبرون فيه أمثالهم من أصحاب العقول المتحجرة والفكر الحجري بالرشد والوعي بالحياة وما بعد الحياة.

الوثنيون أصحاب النظرة العدمية يحبون من يفكر بذات الطريقة الحجرية التي يفكرون بها، حتى لو استذلهم وتجبر عليهم.. يقول تعالى: "وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"، أما من يتحرك نحوهم بعاطفة الأخوة والنصح -كما فعل هود- ويعتمد على إقناعهم بالعقل والمنطق، فإنه لا ينال منهم إلا الأذى، فيوجهون إليه الاتهامات، مرة بالسفاهة ومرة بالجنون: "إن نقول إلا اعتراك بعض بعض آلهتنا بسوء".. إنهم يعترفون للحجر بالقدرة لأن قلوبهم القاسية عطلت عقولهم عن الفهم.والمآل الطبيعي لأصحاب العقول المتحجرة هو تحطيم رؤوسهم وقد كان: "فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخلصون لـ«الوثنية» المخلصون لـ«الوثنية»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt