توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الملاعين» كما وصفهم القرآن

  مصر اليوم -

«الملاعين» كما وصفهم القرآن

بقلم - د. محمود خليل

ترددت كلمة «اللعنة» فى القرآن الكريم فى أكثر من موضع، والكلمة كما تعلم من الكلمات المرعبة التى تثير الذعر فى النفس ويقشعر بدن الفرد إذا رماه آخر بها، فما بالك بأفراد أو أقوام أو قرى وبلدان يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعون.

الدعاء باللعنة على أحد هو من أكثر أشكال الدعاء قسوة، إذ يعنى تمنى العذاب النفسى والحرمان المادى للغير وحينما تحل اللعنة بفرد أو مجموع يصير أو يصيرون ميتين بالحياة: «ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى»، يحيون فى سياق معيشى مسموم، يعانون مرارة العيش، ربما تمنى بعضهم الموت ولا يجده، عذابهم فى الحياة متصل، إحساسهم بالقلق يتواصل ساعات الليل والنهار، لا يشعرون بطعم الأشياء، فلا طعام يشبعهم، ولا ماء يروى عطشهم، اللعنة تعنى تحول البشر إلى مخالب ينهشون بعضهم بعضاً.

هل تذكر العبارة التى كانت تتردد على لسان سليمان الناجى فى الحكاية الثالثة «الحب والقضبان» من حكايات الحرافيش؟ «لقد حلت اللعنة بعائلة الناجى»، لقد كان يصف ما انتهت إليه العائلة العريقة التى حكمت الحارة سنين طويلة بالقيم العليا للفتونة التى تجمع بين العدل والإنسانية والانتصار للضعيف ووضع المفترين الذين يعيشون إحساساً بغرور القوة عند حدهم.

هذه العائلة العريقة أصابها الوهن بعد أن هدَّ المرض والضعف كبيرها وفتوتها الذى ورث الفتونة عن أبيه شمس الدين وجده عاشور الكبير، وأصبحت سيرة سيداتها مضغة على ألسنة أهل الحارة، وضل شبابها وباتوا فى كل واد يهيمون، منهم مَن هام فى الخمَّارات، ومنهم من هرب وترك الأسرة والحارة، وسار فى بلاد الله لخلق الله.

لقد كان «سليمان» يصرخ بأن عائلة الناجى استحوذ عليها الشيطان، وباتت بعيدة عن رحمة الله، وذلك هو المعنى القرآنى للعنة فى تقديرى، فالشيطان هو أقدم ملعون فى تاريخ الحياة، وهو أكثر مخلوق التصقت به اللعنة منذ خلق آدم إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، وقد طرده الله من الملأ الأعلى مصحوباً باللعنة. يقول تعالى: «قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ»، فالملعون هو شخص استحوذ عليه الشيطان (أصل اللعنة)، أما مظهر اللعنة الذى يتبدى على كل جانب من جوانب حياته، فيتمثل فى «البعد عن رحمة الله».

هذا المعنى تجده حاضراً فى تفسير «الطبرى» لقوله تعالى: «يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»، فاللعنة هنا معناها البعد عن رحمة الله.

وتصاحب اللعنة الإنسان فى عدة أحوال، من بينها: نقض عهد الله، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد فى الأرض، مصداقاً لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ».

الظالمون أيضاً ينتمون إلى الفصيلة البشرية الملعونة، مصداقاً للآية السابقة أيضاً: ««يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»، وكذلك فإن الكافرين بنعم الله أيضاً من الملاعين: «فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ»، والكاذبون من الملاعين: «وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ».

هؤلاء هم الملاعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الملاعين» كما وصفهم القرآن «الملاعين» كما وصفهم القرآن



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt