توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثعالب المتدينين

  مصر اليوم -

ثعالب المتدينين

بقلم - محمود خليل

كيف يزين البعض لأنفسهم لعبة التثعبن والجور على حقوق غيرهم وفى الوقت نفسه إظهار التديّن والتمسّك بطقوس الصلاة والصيام والعبادة؟ هل يعرف هؤلاء قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ»؟

علينا بداية أن نعترف بأن البعض يؤدى فى هذه الحياة بشكل حجرى آلى، دون أن يقف للحظة ويراجع أو يحاسب نفسه، أو يقيّم سلوكياته بصورة يتنبّه معها إلى شرك التناقض الذى يعيش فيه، أمثال هؤلاء تكون الدنيا «واخداهم» و«سايقاهم»، لأن كل تفكيرهم فيها، وكل تركيزهم معها، وهم يستخدمون الدين كوسيلة للتجارة وتحقيق المكاسب.

وقد يصح أن نقول إن هؤلاء ينطبق عليهم ما ينطبق على ثعالب المتدينين الذين وصف أمير الشعراء أحمد شوقى أحدهم فى قصيدة: «برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظينا»، والتى تصف ثعلباً لبس مسوح الدين ومشى فى الناس يهدى ويسب الماكرينا، ويسبّح باسم الله ويقدس له، كل ذلك حتى يستدرج الديك ويأكله، وذلك بذريعة دينية.

فقد أراد أن يُخرج الديك من جُحره كى يعمل مؤذناً ينبّه الناس إلى الصلوات، خصوصاً صلاة الصبح.. كان الديك يفهم شخصية الثعلب جيداً، فرد على دعوته بالرفض، وأنه يفهم أن الثعلب يتلاعب بالدين لتحقيق أهداف دنيوية، وأن من السذاجة والجهل أن يظن عاقل «أن للثعلب ديناً».

بعض البشر يبلغ بهم التغفيل درجة يؤدون معها -بقصد أو بدون قصد- كما أدّى سيدنا الخضر عليه السلام، فقد كان الخضر يتمتّع بأمور ومعارف لا يدركها غيره، وكان يؤدى بناءً على معرفة لدنية لا ينازعه فيها أحد، وبناءً على ذلك فقد اتجه إلى الإتيان بأفعال تُعد فى ظاهرها مريعة ولا أخلاقية، حين خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار ورفض أن يأخذ عن ذلك أجراً.

هذه الأفعال كانت محل استهجان نبى الله موسى، عليه السلام، لأنه لم يكن يفهم الحكمة من ورائها، وظل كذلك حتى شرح له «الخضر» المغزى الأخلاقى لكل فعل أتاه.

إن من يزين لنفسه، أو تزين له نفسه، أن يجور على غيره من البشر، وفى الوقت نفسه يملأ العالم بمواعظه ودعائه وكلامه عن الدين ودعوته إلى تحكيم قيمه وأخلاقياته بين الناس، وهو أول من يدوس عليها، من يفعل ذلك يظن نفسه «خضراً»، يخرّب ويسلب ويريق الدم.

من يتمكن الفكر الوثنى منه تجده ثعباناً منطلقاً إلى إيذاء من يرى أنه يستحق أذيته بطرق مختلفة، فقد يجور عليه ويفعل به الأفاعيل، بدون وجه حق، ولا يجد فى ذلك غضاضة، إذ يظن فى نفسه أداة عقاب إلهى سلطه الله على غيره لحكمة، إنه يتصور أنه مسلط من الله تعالى لكى يعاقب غيره، ولا يجد تناقضاً بين ما ينزله بغيره من أذى أو جور أو سلب، وما بين مظاهرات التديّن التى يواجه بها الناس.بهذه الطريقة يؤدى الشخص المتثعبن، فيتاجر بالدين فى سوق الأذية.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثعالب المتدينين ثعالب المتدينين



GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

«فيتش» في وجهها «نظر»!!

GMT 09:51 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

هل تمانع أميركا عملية في رفح؟

GMT 02:23 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

خبز وكعك وإشاعة

GMT 02:18 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

ابحث عن العقيدة في موسكو

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:37 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية
  مصر اليوم - زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية

GMT 17:22 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض دفع مستحقات فتح الله المتأخرة

GMT 06:38 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

انجي المقدم تكشف أحداث دورها في مسلسل "سقوط حر"

GMT 09:27 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

تونس تسترد قطعا أثرية نقدية من النرويج

GMT 01:00 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

441 مليون دولار صادرات بترولية مصرية مطلع 2021

GMT 04:02 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

GMT 22:11 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل الرواني باحترافية

GMT 19:43 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس الإيطالي يقترب من أولى صفقاته الشتوية

GMT 08:56 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

أوزيل يقترب من الانضمام لـ دي سي يونايتد الأمريكي

GMT 15:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حقيقة ظهور حالات إنفلونزا الطيور في محافظات مصر

GMT 06:57 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تشير الأوضاع الفلكية الى انشغالات عديدة

GMT 06:58 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تروق لك أجواء هذا الشهر وتبعث فيك التفاؤل

GMT 17:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة هنا شيحة ترد علي إلهام شاهين

GMT 04:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

تعادل بين باريس سان جيرمان ضد لوريان في الدوري الفرنسي

GMT 01:22 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

والد ميسي يكشف حقيقة اجتماعه داخل قنصلية قطر في برشلونة

GMT 03:07 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميسي ينقذ برشلونة من فخ ليفانتي في الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon