توقيت القاهرة المحلي 09:28:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»

  مصر اليوم -

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»

بقلم :د. محمود خليل

العقل المنتج لأفكار تطوير أو تجديد الخطاب الدينى هو عقل نخبوى فى الأساس، بدأ الرحلة منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، مع ظهور جهود الشيخين رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده فى تجديد الفكر الدينى، وتراكمت جهود العقل النخبوى بعد ذلك بصورة أدت إلى بلورة مفهوم «التجديد» فى إطار مساحات ثلاث أساسية.

المساحة الأولى هى «الاجتهاد»، ويتحدد مفهوم الاجتهاد هنا فى تقديم قراءات جديدة لمفاهيم قديمة، مثل مفاهيم تعدد الزوجات، والطلاق، والربا، والشورى وغير ذلك، ويمتد الاجتهاد أيضاً إلى مساحة الفقه واستنباط الأحكام الشرعية بأخذ الواقع وتحولاته فى الاعتبار عند إصدار الأحكام الفقهية. والنتيجة الأساسية للاجتهاد هى تقديم فهم عصرى للإسلام فى ضوء ما يشهده الواقع من تحولات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية وتكنولوجية.

المساحة الثانية هى «التصحيح»، وينصرف التصحيح إلى المعانى المحرَّفة لبعض المفاهيم التى تجتهد الجماعات المتطرفة فى ترسيخها لدى العقل الشعبى من أجل تجييشه وراء أهدافها، مثل المعانى المحرَّفة لمفاهيم الجهاد والقتال فى الإسلام، والتعصب الدينى، وكذلك المفاهيم المتعلقة بالآخر الدينى.

المساحة الثالثة هى «الإحياء»، وتتفرَّع مساحة الإحياء لدى العقل المنتج لأفكار التجديد فى مسارين: المسار الأول هو مسار استعادة صور الماضى مع عصرنتها، والثانى هو إحياء التراث العقلانى المهمَّش فى الموروث الإسلامى، مثل تراث ابن رشد وتراث المعتزلة.

يبذل العقل المنتج لأفكار التجديد جهداً كبيراً، لكن ثمرة هذا الجهد لا تتناسب مع حجمه، إذا نظرنا إلى درجة تأثيره فى العقل الدينى الشعبى الذى ينادى المجددون بتطويره منذ قرنين من الزمن، ومع ذلك فما زال يعيش على أفكاره القديمة، ولا يستمع لأفكار التجديد إلا قليلاً، بسبب عدم قدرة المجددين على تبديد ارتيابه من دعوات التجديد، وتوضيح الأهداف المصالحية التى تكمن وراءها.

حل هذه الإشكالية يمكن أن يتم من خلال 3 مسارات، الأول هو مسار الطمأنة. فلابد من طمأنة العقل الشعبى إلى أن جهود التجديد تستهدف تطوير أنماط التدين وتصحيح بعض المفاهيم والفهوم الخاطئة لبعض الموروثات الدينية، وليس الهدف منه الطعن فى ثوابت الإسلام.

ويتعلق المسار الثانى بتوضيح أهداف المراجعة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالسنة النبوية، وشرح أن أهداف مراجعة السنة تستهدف تحريرها من الأحاديث التى تتناقض مع معانى وأحكام القرآن الكريم وكذلك مع معطيات الواقع وأنها ستتم بشكل منضبط ومن خلال جهات مسئولة لن تفعل أكثر مما فعله البخارى عندما استبعد مئات الأحاديث من صحيحه تبعاً لمعايير محددة، بالإضافة إلى توضيح أن ثمة فارقاً بين قدسية النص القرآنى وبشرية التأويلات التى قدَّمها المفسرون، وأنه من الوارد أن يؤخذ منها ويُردّ لأنها فى النهاية اجتهادات بشرية.

المسار الثالث هو «الواقعية»، فجهود التجديد يجب أن تبدأ من فهم ووعى قائم على الدراسة المتأنية لأولويات القضايا والموضوعات التى يجب أن يشتمل عليها خطاب التجديد من وجهة نظر العقل الشعبى، وذلك فى ضوء ما يظهر من مفارقات بين أولويات الخطاب الدينى الحالى وأولويات العقل الدينى الشعبى.

الطمأنة ووضوح الأهداف والواقعية فى تحديد أجندة تطوير أو تجديد الخطاب الدينى هى العناصر الكفيلة بردم الفجوة بين منتج أفكار التجديد من ناحية والعقل الشعبى من ناحية أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى» لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon