توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نفع واستنفع..!

  مصر اليوم -

نفع واستنفع

بقلم: د. محمود خليل

أزمة مالية عنيفة ضربت العالم كله فى الثلاثينات من القرن الماضى، تعد إحدى المقدمات التى أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، وكان لهذه الأزمة صداها على مصر، وقد عالجها الأديب العالمى نجيب محفوظ فى واحدة من رواياته الشهيرة، هى رواية «القاهرة الجديدة» التى تحولت بعدها إلى فيلم «القاهرة 30»، وتحكى عن المعاناة التى كان يواجهها خريجو الجامعات فى سبيل الحصول على وظيفة.
تواجه بطل الرواية «محجوب عبدالدايم» مع التحول الخطير الذى حول الوظائف إلى «سوق»، وباتت تخضع للبيع والشراء، فمن يريد الحصول على وظيفة، عليه أن يدفع الثمن، والبائع فى كل الأحوال أحد الكبار من أصحاب المناصب الكبرى، أو أحد المتنفذين والمتنفذات إلى صاحب المنصب. حاول ابن قريته «سالم» أن يدله على الطريق الذى يستطيع من خلاله الحصول على وظيفة.
حوار آسر، صاغه صلاح أبوسيف وعلى الزرقانى ووفية خيرى، فى فيلم «القاهرة 30»، يدور بين «سالم» و«محجوب» والأول يدله على طريق الوظيفة، قال «سالم»: «المطربة المشهورة الآنسة دولت عاملة تسعيرة معروفة.. الدرجة التامنة 20 جنيه.. السابعة 30 جنيه.. السادسة 40 جنيه.. الدفع مقدم.. دايرة اختصاصها السكة الحديد، مصلحة التليفونات، شركة الكهربا، السميعة والمعجبين كتير».. «محجوب»: «بس طبعاً حضرتك عارف ظروفى.. أنا مقدرش على شروط دولت هانم».. «سالم»: «طيب عبدالعزيز بيه راضى.. تسمع عنه؟».. «محجوب»: «طبعاً أشهر من نار على علم».. «سالم»: ده راجل ليه نفوذ كبير فى وزارة الأشغال.. بس نظير أتعابه هياخد نص مرتبك لمدة سنتين.. «محجوب»: «أنا موافق.. راجل بيشكك، دلنى عليه أبوس إيدك».. «سالم»: «لا.. لازم تستنى شهر ونص عقبال ما يرجع».. «محجوب»: «يرجع؟! يرجع منين؟!».. «سالم»: «من الحجاز.. عبدالعزيز بيه راجل صالح جداً ويعرف ربنا كويس جداً».
انتعشت عملية بيع الوظائف خلال الأزمة المالية العالمية التى كانت لها تداعياتها على مصر، فكان للوظيفة ثمن لا بد أن يدفعه مَن يريد التعيين، وإلا كان مصيره إلى الشارع حتى ولو كان خريج جامعة، وقد دفع محجوب عبدالدايم الثمن عندما أتيح له ذلك، دفعه لواحد من المتنفذين الذى أصبح فيما بعد وزيراً للمعارف، إن لم تخنى الذاكرة.
الأصل فى المسألة، كان الواسطة المدفوعة مالياً فى أوقات، والواسطة غير المدفوعة فى أوقات أخرى، مثلما تلاحظ فى فيلم «العزيمة»، الذى يعالج أوضاع مصر فى حقبة الثلاثينات أيضاً وتداعيات الأزمة المالية العالمية عليها، إذ توسط الباشا لتعيين «محمد أفندى» موظفاً فى شركة يملكها باشا صديق له. فى كل الأحوال ظلت الواسطة طريقاً إلى الوظيفة عبر عصور مختلفة فى مصر، خصوصاً الوظائف التى تدر دخلاً كبيراً، ولم تعد الواسطة مدفوعة بشكل مالى مباشر، كما حكى نجيب محفوظ فى رواية «القاهرة الجديدة»، بل أصبحت الواسطة «تبادل جمايل» أو «تبادل مصالح» بالأحرى، يحكمها مبدأ «نفع واستنفع»، وتحت هذا العنوان، أصبحت بعض الوظائف تدار تحت شعار: «تراعينى قيراط أراعيك قيراطين».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفع واستنفع نفع واستنفع



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt