توقيت القاهرة المحلي 12:14:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأشد قسوة

  مصر اليوم -

الأشد قسوة

بقلم :د. محمود خليل

القسوة.. لا يوجد فى الحياة ما هو أشد من القسوة.

القسوة تأتى كانعكاس لحالة ارتباك عام يعانى منها المجتمع فتجعل أفراده أميل إلى التجبر على بعضهم البعض دون وازع من ضمير أو دين أو أخلاق.. وصف الله تعالى أقواماً بقسوة القلب، إلى حد تشبيه قلوبهم بتحولها إلى حجارة أو شىء أشد قسوة من الحجارة، لأن من الحجارة ما هو ألين من تلك القلوب الصلبة.

لقد عبرنا زماناً كان شاعره يقول: «قلبى رميته وجبت غيره حجر.. داب الحجر ورجعت قلبى رقيق».. ودخلنا زمن «القلوب الأشد قسوة من الحجارة».. زمن التوحش.

مشاهدات جديدة تدل على زمن التوحش الذى دلفنا إليه فى غفلة منا.

شاب يلقى مصرعه على يد لص حاول سرقة موبايله، ولما قاومه دفعه من باب مفتوح داخل قطار (مسرح الجريمة) ليلقى حتفه.

وشاب آخر معيد بإحدى كليات الهندسة تغيب لمدة 11 يوماً ثم عثرت الشرطة على جثته غريقاً فى مياه النيل.. وكشفت التحقيقات الأولية أنه لقى حتفه على يد صديقه وشريكه فى مشروع تجارى، وأنه خرج يوم الواقعة من أجل الحصول على مبلغ من المال تكلفة ولادة زوجته (أسبغ الله على قلبها الصبر الجميل وأعانها على هذا البلاء المبين)، لكنه خرج ولم يعد.

قبلها كانت واقعة الطبيب والممرض، وما دار بينهما من حكايات ومداخلات حول «كلب البيه»، وحديث الممرض أنه أهين إهانة بالغة، وحديث الأستاذ الدكتور عن أن المسألة لم تكن أكثر من دعابة، وأن تلك هى طريقة «الجراحين» فى «الهزار».

هل من السهولة بمكان أن يموت شاب بسبب موبايل يساوى بضعة مئات من الجنيهات.. وهل من الطبيعى أن يضيع شاب آخر مستقبله من أجل هذه المئات؟

هل من الطبيعى أن يلقى معيد شاب بإحدى كليات الهندسة حتفه على يد صديقه وهو يبحث عن تكلفة ولادة زوجته؟

هل من الطبيعى أن يصبح السجود لغير الله أو الصلاة لغير الخالق موضوعاً للهزار؟

لا أريد أن أقول إن مثل هذه الحوادث لم تكن موجودة من قبل، فحوادث السرقة والقتل وإهانة الآخرين كانت موجودة، لكن ظنى أنها لم تكن بهذه القسوة المرتكنة إلى الترخص وتجاوز حدود العقل والمنطق.

بإمكانك أن تقرأ كتاب «رجال ريا وسكينة» للراحل الكبير «صلاح عيسى»، وستجد أن عصابة السفاحين تلك ندمت فى لحظة لأنها قتلت امرأة كانت ترتدى ذهباً «فالصو» وباعوا ما وجدوه معها من ذهب حقيقى بعدة قروش.. فسأل أحدهم نفسه: هل يعقل أن تزهق روح إنسان مقابل قروش؟

بإمكانك أن تراجع نصوص التحقيقات التى أتى بها صلاح عيسى نصاً كما هى، وأن تحصى كلمة «الحرمانية» التى وردت على لسان سكينة أثناء استجوابها.

بإمكانك أن تستعرض كل هذا وستخرج بأن منسوب القسوة والانطلاق فى الإيذاء وخفوت الضمير لم يعد له أى حدود، سواء فى الجد أو فى الهزار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأشد قسوة الأشد قسوة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon