توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المسلم.. والقرآن

  مصر اليوم -

المسلم والقرآن

بقلم :د. محمود خليل

أولى خطوات فهم أى نص تتمثل فى معرفة سماته، واستخلاص سمات النص القرآنى لا بد أن يتم عبر آيات الكتاب الكريم نفسه.

أول كلمة نزل بها الوحى على النبى، صلى الله عليه وسلم، هى كلمة اقرأ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ». والقراءة هى أول سمة من السمات التى وصف بها النص القرآنى نفسه. ويحمل مصطلح «القراءة» فى طياته أفعالاً تتجاوز المطالعة إلى الفهم واستخلاص المعانى لتتفاعل بعد ذلك داخل عقل الإنسان وتتحول إلى معتقدات، وداخل وجدانه لتتحول إلى اتجاهات. فالقرآن كتاب للقراءة والتدارس والفهم والاستيعاب واستخلاص المعانى التى تشكل أساساً للسلوك الإنسانى.

السمة الثانية التى وصف بها القرآن نفسه «الوضوح» و«البيان»، فالله تعالى نص أن الكتاب الكريم نزل بلسان عربى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيَّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ». فقد نزل القرآن بلغة العرب حتى تكون رسالته واضحة ومفهومة بالنسبة لهم. واللسان العربى الذى ينطق به القرآن الكريم لسان مبين: «بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ»، أى واضح لا يوجد فيه لبس أو غموض فى المعنى.

والله تعالى يقول: «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ». فالله تعالى يسّر القرآن بلغة العرب وليس بلغة أخرى أعجمية لأنه اختار إنساناً عربياً لحمل رسالته. وبالتالى فكل من يتحدث العربية أو يقرأ بها لا يحتاج إلى وساطة فى التعامل مع القرآن، وعليه أن يقرأه مباشرة ويحاول تفهم معانيه، ويعود إلى الكتب التى تشرح معانى الكلمات التى يغمض عليه معناها ودلالتها. وحتى إذا كان المسلم لا يجيد القراءة والكتابة فعليه أن يتواصل مع القرآن استماعاً. والمستمع مثل من يقرأ مطالب بحسن الإنصات والتركيز فى فهم الآيات واستخلاص المعانى منها «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

فالمسلم الذى يجيد العربية لا يجعل وسيطاً بينه وبين القرآن الكريم. فالقرآن وحى السماء، لذا لا بد من التقاطه وفهمه غضاً نقياً من خلال المصحف ذاته، وليس من خلال وسائط بشرية، مهما كانت براعة أصحابها فإنها فى النهاية لا تعدو الاجتهاد الذى قد يخطئ وقد يصيب، وهى فى المجمل اجتهاد بشر وليست وحياً من السماء.

السمة الثالثة أن القرآن نص يفسر بعضه بعضاً. فالنص القرآنى كل متكامل لا يصح التعامل معه أو فهمه بشكل جزئى، بل كبناء كلى، يقدم مجموعة من التباديل والتوافيق والصيغ المختلفة للتعامل مع الظروف المتغيرة على المستويين الزمانى والمكانى، وفى هذا الإطار يصح أن نتواجه بشجاعة مع مسألة الناسخ والمنسوخ فى القرآن الكريم، والتى تعنى أن بعض آيات القرآن الكريم نسخت الأحكام التى تحملها آيات أخرى نزلت بعدها. ولهذه الموضوع مقام آخر أفصله فيه.

السمة الرابعة وهى أخطر السمات وتتعلق بأن الله فى غنى عن أن يحفظ البشر القرآن الكريم فى ذاكرتهم ويكررون آياته الكريمة بألسنتهم. فالله تعالى يقول: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»، ويقول: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ». فالقرآن الكريم أساسه معانٍ إنسانية وقيم وأخلاقيات تحكم علاقة المسلم بالسماء وعلاقته بغيره من البشر، والحفظ الحقيقى للقرآن معناه تمثل هذه المعانى والقيم والأخلاقيات فى السلوك. وقد كانت السيدة عائشة، رضى الله عنها، تصف النبى، صلى الله عليه وسلم، بأنه: «قرآن يمشى على الأرض»، ولم يؤثر أن كبار الصحابة كانوا من القراء أو حفظة القرآن الكريم، لكن سلوكهم يشهد على تمثلهم كل ما يأمر به وما ينهى عنه فى حياتهم اليومية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسلم والقرآن المسلم والقرآن



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon