توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أولاد «قابيل»

  مصر اليوم -

أولاد «قابيل»

بقلم: محمود خليل

لو أنك تأملت قصة «ابْنَى آدم» قابيل وهابيل، التى حكى عنها القرآن الكريم، فستجد أن القاتل كان مقتولاً قبل أن يَقتُل، وأن المقتول عاش بعد أن قُتل.

القرآن الكريم أشار إلى القصة فى قوله تعالى: «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّى أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ».

«قابيل» هو من تربص بأخيه «هابيل» ونقم عليه وحسده على الزواج من شقيقته فى البطن الذى أنجبه، وكان «آدم» قد قرر أن ذكر كل بطن يتزوج من أنثى البطن الآخر، اشتعل الخلاف بين الشقيقين، وأمرهما أبوهما «آدم» بتقديم قربان إلى الله، ومن يتقبل الله قربانه يفوز بالأنثى المتنازع عليها، فقرب «هابيل» شاة سمينة «وكان راعياً للغنم»، وقدم «قابيل» زرعاً وثماراً من أردأ ما أنجبته أرضه «وكان مزارعاً»، فأرسل الله ناراً من السماء أكلت قربان «هابيل»، وحسمت الأمر لصالحه. هنالك اشتعلت نفس «قابيل» بالحقد وطوعت له نفسه قتل أخيه.

القصة تحمل رمزية عميقة لنزاع البشر على الدنيا وأطايبها ومتعها، فالأنثى المتنازع عليها تحمل دلالة على الدنيا الزاهية التى يحلم الجميع بالعيش فى ظلالها، وروح القاتل «قابيل» نموذج قديم متجدد على الشخصيات المولعة بتدمير أى شىء يقف فى طريق سيطرتها على الحياة ومعطياتها، الشخصيات المستعدة لتحطيم أى شخص يحول بينها وبين رغباتها، الشخصيات التى تقع أسيرة فى يد شيطان، فيسيرها ويوجهها إلى سحق ما يحيط بها، وينتهى بها الأمر إلى تدمير الحياة من حولها.

أما روح القتيل «هابيل»، فهى الروح الطيبة المطيعة لربها الزاهدة فى دنياها، التى تؤثر الانسحاب من المواجهة حتى ولو أدى ذلك إلى قتلها، والمشكلة الوحيدة لهذا النوع من الشخصيات النبيلة أنها تترك الحياة لشياطين البشر يرسمون خرائطها كما شاءوا وشاء لهم الهوى.

يقول «ابن كثير» معلقاً على رد «هابيل» على «قابيل» حين توعده بالقول: «وقوله له لما توعده بالقتل لئن بسطت إلىَّ يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين دل على خلق حسن وخوف من الله تعالى وخشية منه وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذى أراد منه أخوه مثله».

لقد وصف القرآن الكريم «هابيل» بأنه أخوف لله من «قابيل»، وأنه امتنع عن الدخول فى مواجهة معه لأنه يخاف الله رب العالمين، لكن هذا النوع من البشر النبلاء يتسببون فى أحوال فى ترك مساحات الحياة للبشر كى يتمدد فيها ويسممها.

فترك رحى الحياة فى يد أولاد «قابيل» يؤدى فى أغلب الأحوال إلى تدميرها، تلك الرحى التى تمتاز بوجهين، وجه يطحن من أعلى، ووجه يتحمل الضغط من أسفل، أما الحنطة فتذهب إلى اليد التى تطحن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولاد «قابيل» أولاد «قابيل»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt