توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فكرة «الحكم الأجنبى»

  مصر اليوم -

فكرة «الحكم الأجنبى»

بقلم :د. محمود خليل

ظل لورد كرومر معتمداً بريطانياً لمصر منذ الفترة من 1882 (عام الثورة العرابية) إلى 1906 (عام مذبحة دنشواى)، وخلافاً للعديد من المعتمدين السابقين أو اللاحقين له تبنى «كرومر» مجموعة من الأفكار فى النظر إلى مصر والمصريين وعلاقتهم بالإسلام، تردد صداها فى خطبته الأخيرة التى خطبها فى وداع النخب المصرية، بعد تركه المعتمدية عقب حادثة دنشواى الشهيرة.

وقد تكفل أحمد لطفى السيد بمناقشة أفكار كرومر فى كتابه «قصة حياتى»، ومن خلال هذه المناقشة تستطيع أن تستخلص ملامح رؤية «لطفى السيد» لتجديد الخطاب الإسلامى.

بداية كان كرومر يرى أن أفكار المصريين عقيمة غير منتجة إلى حد أنه يصعب معرفة مقاصدهم وآمالهم السياسية. فبعضهم يظهر لك الرضا عن نتائج الاحتلال دون الرضا عن الاحتلال، وهم أكثر ميلاً لطلب مهندس إنجليزى لتقسيم الماء، أو قاضٍ إنجليزى للفصل فى قضية.

إشكالية التناقض تلك كانت ظاهرة أيام الاحتلال الإنجليزى، وربما يكون لها صدى فى الواقع المعيش حتى الآن (فكرة الحكم الأجنبى)، وهى ترتبط بالصدمة الحضارية التى عاشها المصريون أيام الحملة الفرنسية، حين أبهرهم حجم التطور الذى تميز به الفرنسيون وكذلك التطوير الذى أحدثوه خلال فترة وجودهم فى مصر، لكنهم فى نفس الوقت لم يتمكنوا من الإفلات من حقيقة أنهم يمثلون احتلالاً غربياً لبلادهم لا بد من مقاومته. ناقش لطفى السيد هذا الاتهام وذكر أن المصرى إنسان طبيعى يؤدى كما يؤدى غيره، تعجبه الإصلاحات والتطويرات التى قام بها الاحتلال على مستوى الرى والأشغال وإلغاء السخرة ومنح بعض الحريات، لكنه لا ينسى أن الإنجليزى حرم الأمة من الحياة السياسية واحتل أرضها.

فالإعجاب بقدرات الغازى لا يعنى بحال قبوله حين يستنزف خيرات البلاد ويصادر حريات الشعوب. وليس ثمة تناقض بين إعجاب ابن الحضارة بالنتاج العلمى والتكنولوجى والإنسانى لغيره، ورفضه لاحتلال أجنبى لأرضه.

كان «كرومر» يرى أيضاً أن المصريين غارقون فى الانحياز لفكرة «الجامعة الإسلامية». ويبدو أنه كان يلمح فى ذلك إلى تجربة مصطفى كامل الذى كان يقود حركة التحرر من الاحتلال فى ذلك الوقت، وكان ينادى باستقلال مصر اعتماداً على تركيا، ويؤكد فى المحافل الدولية أن مصر ولاية عثمانية تتبع الدولة العلية فى إسطنبول.

وقد فسر أحمد لطفى السيد ذلك بإصرار إنجلترا على احتلال مصر وتأكيد كرومر أن الاحتلال باقٍ إلى ما شاء الله، فى وقت كان ينظر فيه المصريون إلى بعض دول البلقان التى تحررت من الاحتلال لمجرد أنها دول مسيحية، أما مصر، فلا فرصة لها فى ذلك، لأنها دولة مسلمة. فى هذا السياق يمكن تفسير حلم المصريين فى تحقيق وحدة إسلامية وإعادة الهيبة إلى دولة الخلافة حتى تتمكن من رفع نير الاستعمار عنهم.

كان أحمد لطفى السيد يرى أن فكرة الجامعة الإسلامية مجرد فكرة ساذجة، وأن الجامعة الإسلامية غير موجودة، ولا يوجد دليل على أن المصريين يسعون إليها، كما أنه لو حاول إيجادها لاستحال ذلك بالمرة على طلابه. فالجامعة الإسلامية ليست أكثر من خرافة اخترعها الإعلام الإنجليزى فى محاولة لشحن الرأى العام الغربى ضد حق مصر فى التحرر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة «الحكم الأجنبى» فكرة «الحكم الأجنبى»



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

GMT 03:41 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه

GMT 04:46 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور لها

GMT 09:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

"أدنوك أبوظبي" يحتفل باليوم الوطني للإمارات

GMT 18:05 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ويفا" يُعلن طرح مليون تذكرة إضافية لجمهور "يورو 2020"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon