توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كذبة كبرى

  مصر اليوم -

كذبة كبرى

بقلم :د. محمود خليل

هناك من يبحث عن الوهم.. وهناك من يصدقه.. الباحث عن الوهم ومصدقه هما طرفا الصناعة الأهم التى راجت خلال السنوات الأخيرة: صناعة الوهم.

الأساس فى صناعة الوهم يتمثل فى اختراع فكرة دون أن يكون لها أصل فى الواقع، لتبدأ بعد ذلك مرحلة تسويقها لدى الجمهور الذى يهوى قطاع منه هذا النوع من الاختراعات ما دامت مغلفة بالإثارة أو محبوكة بمداعبة بعض آماله وأحلامه. أحداث عدة تشهد على هذه الحالة التى شاعت فى حياتنا مؤخراً.. موضوع كورونا بمفرده اشتمل على العديد من الاختراعات التى راجت وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى وداخل بعض وسائل الإعلام حتى بات البعض يستقبل العملة المزيفة فى سوق الوباء وكأنها حقيقية.

ألم تسمع عن أن من يتلقى اللقاح سيتحول إلى تمساح، أو يصبح «زومبى»، وأن كورونا يؤثر على مستوى الخصوبة، وغير ذلك من مضامين وجدت من يصغى إليها، بل يكررها دون أى تحقق من مصداقيتها، وحتى عندما يثبت له أنها لا تزيد على أكاذيب أو أوهام «فنكوش» يظل متمسكاً بها.

حالة «الفنكشة» لا تتعلق بكورونا وفقط، بل وصلت إلى غيرها، فالبعض لا يتردد -من أجل الشهرة والانتشار- فى حَبْك الأكاذيب والاختراعات ما دام يجد من يسمع له وينقل عنه. تجد ذلك حاضراً على سبيل المثال فى الشخص الذى خرج متحدثاً عن زواجه 33 مرة كمحلل شرعى، ثم أعلن بعدها أنه رفع دعوى قضائية لتكذيب ما سبق وصرح به، وأن الهدف مما فعله لم يكن سوى الشهرة التى أوهمه آخرون بأنه يمكن أن يحصل عليها لو «رطرط» بهذا الكلام. المشكلة أن البعض يحدد موقفه مما يسمع على أساس درجة إثارته أو خدمته لأهداف معينة يتغياها من وراء نشره وإشاعته، فيدفع به إلى دائرة الاهتمام العام، وهو على ثقة بأن الآراء سوف تنقسم حوله، وأن أحداً لن يهتم بمسألة التحقق من المصداقية فى زحمة المعارك الكلامية.

صناعة الوهم تنتعش فى الحالات التى يصادف فيها صانعها من يفضلون الظن على الحقيقة، والظن كما تعلم «أكذب الحديث»، وهو فى كل الحالات لا يُغنى من الحق شيئاً. يقول الله تعالى: «إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً». الله تعالى أمرنا باجتناب الظن، ووصف بعضه بالإثم: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم». لقد أصبح البعض يتعيش على الكذب ونشر الأوهام، ويفرح حين يتغذى الآخرون عليه، وتلك واحدة من كبرى المشكلات التى نواجهها.

ويرتبط تقبل الناس للظنون بدرجة الثبات الانفعالى لديهم، فكلما اضطربت انفعالات الفرد أو اهتزت كان طيعاً بدرجة أكبر فى قبول الأوهام، إما إذا تماسك وارتكز فإنه يميل إلى التحقق من كل ما يسمع، أو فى أقل تقدير يقبل ما يقبله العقل ويرفض ما يرفضه.

فى مثل هذه الأجواء تنشط صناعة الوهم.. ومع توسعها يصبح الخوف كل الخوف أن تتحول حياتنا بمجملها إلى كذبة كبرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كذبة كبرى كذبة كبرى



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك

GMT 09:42 2020 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك 4 مخاطر للنوم بعد تناول الطعام مباشرة عليك معرفتها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon