توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللقاء التشاوري السني الأصلي.. والصيني

  مصر اليوم -

اللقاء التشاوري السني الأصلي والصيني

الكاتب علي شندب
بقلم : علي شندب

عندما أعلن سعد الحريري عدم ترشحه لرئاسة الحكومة، كبديل عن حسان دياب وحكومته المستقيلة تحت ضغط انفجار بيروت الهيروشيمي وعصف أشلاءه. ساد انطباع أن الحريري شمّر عن ساعديه بهدف إنقاذ رئاسة الحكومة من المهانة التي بلغتها. وأنه حان وقت استعادة التوازن وضبط التوازنات، خصوصا بعد إدانة المحكمة الدولية القيادي في حزب الله سليم عيّاش باغتيال رفيق الحريري، وأن ما بعد المحكمة ليس ما قبلها.وما عزّز هذا الانطباع، إعلان الحريري من لاهاي، أن "على حزب الله أن يضحي لأن المنفذين خرجوا من صفوفه". وقد انعكس خروج الحريري من السباق إلى السراي الكبير، ارتياحا في صفوف محازبيه من جهة، ولدى شرائح واسعة في الطائفة المأزومة والمهزومة من جهة أخرى.

لكن الأخبار المتطايرة عن وضع الفرسان الأربعة نجيب ميقاتي، سعد الحريري، فؤاد السنيورة وتمام سلام يدهم على ملف تكليف رئيس الحكومة الجديد. مع ما واكبه من عناصر الإثارة والتشويق المخادع، معطوفا على الحرص المنفوح الذي أبداه الثنائي الشيعي على التمسك بالحريري أو من يسميه لرئاسة الحكومة، سرعان ما أطاح الارتياح، وبدّد الانطباع، خصوصا عندما تبين أن لوياجيرغا السنية السياسية من رؤساء الحكومة السابقين، قدموا لرئيس الجمهورية ثلاثة أسماء وليس اسما واحدا، ليس بينهم نواف سلام. ليختار ميشال عون السفير مصطفى أديب الذي تولى إيمانويل ماكرون شخصيا فرضه على الطبقة السياسية اللبنانية، بعدما وجد تقاطعا قويا مع إيران وليس السعودية حياله، سيما أنه ليس من الأسماء المستفزة لذراع إيران في لبنان حزب الله.

ماكرون الذي تحدث عن عقد سياسي جديد في لبنان. سجّل السابقة في تجاوز فرنسا لشركائها وخصوصا السعودية، من رعاة "اتفاق الطائف" وصنّاعه، لصالح اتفاق جديد تمتلك فيه إيران مع العصمة السياسية، حق الفيتو.وعلى منوال ماكرون، سجّل السابقة عينها رؤساء الحكومة السابقون، عندما أداروا ظهرهم لظهيرهم التاريخي السعودية. ويمّموا وجوههم وانصياعهم شطر ماكرون الذي يهدد بعصا نظيره الأميركي ترمب عند اللزوم. فأشهر سيف ابتزازهم عبر تهديدهم وغيرهم بالعقوبات التي ستستهدف كل من يعرقل المبادرة الفرنسية.

ولهذا لم يكن انسحاب سعد الحريري من السباق إلى رئاسة الحكومة، لأنّه حان وقت استعادة الدور والمكانة والموقع للطائفة المهانة والمكسورة. بل لأن لماكرون برقبته دينا سياسيا شخصيا استحق تسديده، كما لأنه توازيا يخشى سيف العقوبات الماكرونية.إنها الخشية التي اجتهد نجيب ميقاتي لتجويف لعنة مفاعيلها المحتملة عليه، عبر المؤازرة المتزامنة التي ضخّها شقيقه طه لدوائر المخابرات الفرنسية التي خصّبت مصطفى أديب، ليتولى فؤاد السنيورة زفه لرئاسة حكومة ماكرون اللبنانية. ولتنحصر تسميته المرجعية بسعد الحريري الذي تفرّد بالجلوس على طاولة قصر الصنوبر دون ميقاتي.

إنه التفرّد الذي أراد الحريري عبره القول أنا "بيّ السنّة" الحصري والوحيد، والذي لا يقض مضجعه اليوم، كما ومضجع كل الطامحين لرئاسة الحكومة ومن تحت عباءة حسن نصرالله ألا تقدم شقيقه الأكبر، بهاء الحريري الرافض لأداء عصابة الأربعة كما ولكل أداء المنظومة السياسية.لكن سلوك "بيّ السنة" ومعه بقية رؤساء الحكومة أشاع جوا من الغضب والسخط عليهم في بيئتهم السنية، وذلك بسبب تنكرهم للسعودية بوصفها الداعم ما قبل الأول للبنان ومن قبل رفيق الحريري، كما وبسبب تماديهم في الخضوع والانسياق التام لتسمية رئيس حكومة، يحظى برضى وموافقة حزب الله ويراعي حساسيته ومشاعره المرهفة.

وفي هذا السياق بدا رؤساء الحكومة السابقون، نسخة صينية عن اللقاء التشاوري السني الأصلي لصاحبه حسن نصرالله. وفي هذا السياق أيضا بدا جل همّ رؤساء الحكومة السابقين، أن يكونوا هم وليس اللقاء التشاوري السني الحزبلاهي، المحاور المطيع لحزب الله والمتخادم غير الندّي معه.ما تقدم يجسّد أداء رؤساء الحكومة السابقين أو "اللقاء التشاوري الصيني"، فكيف كان موقف وأداء اللقاء التشاوري الأصلي؟

جدير بالتذكير أن "اللقاء التشاوري السني" المكون من ستة نواب من مدن ومناطق متباعدة، لم ينخرطوا في برنامج أو تحالف أو لائحة انتخابية واحدة، بل إنهم ترشحوا على لوائح لحزب الله أو متحالفة معه، أو مدعومة منه. ولا يربط أعضاء اللقاء ببعضهم، سوى خيط انتظامهم غير المرصوص تحت جبة حسن نصرالله، الذي أتقن استخدامهم في اختراق وتجويف النسيج الاجتماعي السياسي السني، الرسمي لا الشعبي، ومن قبل حكومة حسّان دياب، التي رغم وضع حزب الله كل فائض قوته بتصرفها، انهارت، بعدما تحوّلت إلى عبء كبير على حزب الله قبل ميشال عون وجبران باسيل بشهادة معمل "سلعاتا" لتحقيق الأمن الكهربائي المسيحي، والذي أطاحت به الخطة الماكرونية للحكومة المقبلة. كما أنها فشلت في إنعاش منظومة المال والسلطة والسلاح الحاكمة والمتحكمة في لبنان الرسمي. حتى سقطت مضرجة بدماء ضحايا انفجار بيروت الهيروشيمي على يد منظومة الأمونيوم.

لكن أعضاء اللقاء التشاوري الذين تذوقوا طعم السلطة توزيرا وفي رئاسة الحكومة، اعتقدوا أنهم باتوا جزءا رئيسا من معادلات حزب الله وخياراته في الحكم والتحكم والسلطة، فإذا بهم يتجرعون كأس المهانة من قبل راعيهم وناظمهم حزب الله مذ كانوا نطفا، قبل أن يلقحهم نصرالله بلقاح الممانعة عندما كان يفاخر ملء الصوت برسم معادلات المنطقة. لكن حزب الله سرعان ما أشاح بنظره عنهم عندما وجد نفسه وبيئته الضيقة في مواجهة الجوع، زارعا للخضار على أسطح بيوت وبنايات الضاحية، لا راسما لمعادلات المنطقة.

وكم كان مشهد أعضاء اللقاء التشاوري مثيرا للشفقة عندما امتنعوا خلال استشارات التكليف عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة، (باستثناء النائب جهاد الصمد الذي انشق عن اللقاء التشاوري وتميّز بشكل لافت بتسمية "الفضل شلق" أحد أبرز رجال رفيق الحريري لرئاسة الحكومة) لأن القوى السياسية التي سمّت مصطفى أديب لا تلتقي سياسيا مع أعضاء اللقاء التشاوري الذين لم يوقعوا لأحد على بياض، بحسب النائب الوليد سكرية، الذي انتقد أيضا ما وصفه بحصر التمثيل الطائفي السنّي برؤساء الحكومة السابقين.حصرية تمثيل الطائفة السنية، إذن هي بيت قصيد حزب الله الذي ولأجل السيطرة عليها ترويضا أو إخضاعا، عمل على اختراق الطائفة المهزومة والمأزومة باللقاء التشاوري السني وببعض الحركات والشخصيات المهجنة سياسيا، المعروفة في لبنان باسم "سنة حزب الله"، الذين يستخدمهم كلما كان بحاجة لتغطية مهما كان حجم هزالها بدءا من 7 أيار المجيد.

وبهذا المعنى فقد نجح حزب الله في الاستحواذ على قرار السنية السياسية. أولا، عبر أداته التشاورية التي لم تكن شريكا قويا، إنما مجرد تابع هزيل. وثانيا، عبر رؤساء الحكومة السابقين، أو "اللقاء التشاوري الصيني" الذي برهنت الوقائع السياسية أن طموحه وجلّ همه واهتمامه أن يكون بنظر حزب الله مجرد ند حقيقي للقاء التشاوري الأصلي الذي رفع من إحساسه بورم القوة الانتفاخي، زيارة إسماعيل هنية الاستعراضية، في أزقة المخيمات الفلسطينية، حيث أطلق هنية (مدفوعا من أردوغان تركيا للتشويش على الجهود الماكرونية)، من منصاتها العنان لخطابات مطابقة لخطابات نظرائه من أصحاب الصواريخ الصوتية.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللقاء التشاوري السني الأصلي والصيني اللقاء التشاوري السني الأصلي والصيني



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt