توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بطولات المصريين فى معارك الدانوب والقرم

  مصر اليوم -

بطولات المصريين فى معارك الدانوب والقرم

بقلم - على الدين هلال

 من الصفحات المشرقة فى تاريخنا العسكرى مشاركة قوات مصرية فى دعم الدولة العثمانية فى حربها مع روسيا القيصرية وذاك فى خمسينيات القرن التاسع عشر، والتى يعد اول واهم مصدر عنها هو كتاب الامير عمر طوسون بعنوان الجيش المصرى فى الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم 1853-1855, الذى صدر ملخصا له على صفحات جريدة الاهرام فى مايو 1932، وفى شكل كتاب فى العام التالي.

ترجع الظروف المباشرة لنشوب تلك الحرب الى مطالبة القيصر نيقولاى الاول بدور اكبر فى الاشراف على ادارة الاماكن المقدسة المسيحية فى القدس التى كانت خاضعة للدولة العثمانية، وبحماية المسيحيين الأرثوذكس فى كل اراضى الدولة. ولم يكن ذلك سوى ذريعة لإخفاء الاسباب الحقيقية للحرب وهى تطلع روسيا للانقضاض على الدولة العثمانية وتقطيع اوصالها وتحقيق حلم روسيا فى الوصول الى المياه الدافئة فى البحر المتوسط. رفض السلطان عبد المجيد هذه المطالب وايدته بريطانيا وفرنسا, وبدأ فى الاستعداد للحرب فطلب من والى مصر عباس الاول فى 1853 الإسهام فى دعم الجيش العثمانى بقوات مصرية. كان الوالى مهتما بإصلاح اوضاع الجيش وتطويره وزيادة سلاحه، وتذكر بعض المصادر ان عدد الجيش وصل الى 94000 فرد مخالفا الفرمانات التى قيدته بعدد 18000 فقط. لذلك, استجاب الوالى لطلب السلطان بالنظر الى الصلة القانونية التى ربطت مصر بالدولة العثمانية، ولرغبته فى اظهار اهمية مصر كطرف فى حرب اشتركت فيها قوات من بريطانيا وفرنسا والامبراطورية النمساوية المجرية والسويد ومملكة سردينيا الايطالية. وربما وجد الوالى فى هذه المشاركة ذريعة لتبرير زيادة عدد الجيش. قام الوالى بإرسال القوات على فوجين الى الاستانة لتوزيعها على جبهات القتال، وعند وصولها قام السلطان بزيارتها ووجه التحية للضباط والجنود. وشملت الحملة المصرية قوات برية ومدفعية وبحرية. وبعد وفاة عباس الأول فى 1854, استمر الدعم العسكرى المصرى فى عهد خلفه سعيد باشا فارسل مزيدا من القوات لدعم الحرب، وبلغ إجمالى القوات المصرية المشاركة فى حرب القرم ما بين 40000-50000 فرد. كانت القوات البرية تحت قيادة سليم فتحى الذى عمل مديرًا لمدرسة أركان الحرب فى عهد محمد على وكان أحد أبطال جيش ابراهيم باشا فى حروب الشام والاناضول, وتكونت القوات البرية من ثلاثة ألوية: اللواء الاول بقيادة إسماعيل أبو جبل, والثانى بقيادة على شكرى والثالث بقيادة سليمان الأرناءوطى. اما القوات البحرية فكانت تحت قيادة امير البحر حسن الاسكندرانى أحد بناة سلاح البحرية المصرية والذى تعلم فى فرنسا وكان عضوًا فى البعثة التعليمية التى رافقها الشيخ رفاعة الطهطاوى.

اندلعت الحرب باختراق القوات الروسية لحدودها مع الدولة العثمانية فى 1853 حيث قامت باحتلال مناطق تقع الآن فى مولدافيا ورومانيا. وعلى مدى العامين التاليين, تعددت جبهاتها ما بين الدانوب وشبة جزيرة القرم. وفى البداية, انتشر اللواء الأول فى مدينة سلسترة- وهى مدينة وميناء بالقرب من مصب نهر الدانو- والثانى فى بابا داغ والثالث فى شملا.

وفى عام 1854، نجحت القوات المصرية فى الاستيلاء على عدد من الموانى الروسية المطلة على الدانوب, واستشهد قائد القوات البحرية فى إحدى هذه المعارك. وفى مدينة سلسترة أقام المصريون حصنَا أُطلق عليه «طابية العرب» نسبة إليهم وهو الحصن الذى اعتصموا به ودافعوا منه ضد حصار الروس خلال الفترة بين أبريل- يونيو 1854. وفى سبتمبر من نفس العام, شارك سبعة آلاف جندى من اللواء الثالث المصرى بقيادة الأرناءوطى فى معركة نهير-ألما فى القرم إلى جانب القوات البريطانية والفرنسية.

فى فبراير 1855، كان للقوات المصرية دور مهم فى السيطرة على مدينة ايباتوريا الروسية, وتعود اهمية هذه المعركة بالنظر الى الموقع الإستراتيجى للمدينة الذى شكل تهديدًا لخطوط الامدادات الروسية. فتحرك صوبها اللواءان الأول والثالث ومعهما قائد الحملة البرية سليم فتحى الذى استشهد فى هذه المعركة، ودفن بجوار مسجدها الكبير خان جامعى ومعه الاميرالاى رستم بك وعلى بك من قادة الحملة المصرية. وبعد وفاته, تسلم زمام القيادة أحمد المنكلى الذى سُرعان ما تعرض لمرض شديد فتولى القيادة بعده أبو جبل قائد اللواء الأول. وجدير بالذكر أنه بعد انتهاء الحرب تولى المنكلى نظارة الجهادية أى وزارة الحربية أكثر من مرة.

وفى سبتمبر من نفس العام، سقطت مدينة سباستبول الروسية بعد حصارها لمدة عام والذى شاركت فيه القوات المصرية بعدد 3000 جندي. وفى نهاية العام, تحركت قوات مصرية إلى طرابزون لنجدة الجيش العثمانى الذى كان قد تعرض لهزيمة على يد الروس. واستمرت مشاركة القوات فى الحرب حتى نهايتها, وتحملت الحكومة المصرية نفقاتها كاملة بل انها قدمت إبان الحرب دعما ماليا للدولة العثمانية.

كانت القوات المصرية مثالا للشجاعة والبسالة والانضباط بشهادة القادة العسكريين الذين اشتركوا فى الحرب او أرخوا لها، فوصفهم الضابط البريطانى سليد بأنهم ظلوا حتى نهاية الحرب محتفظين ببسالتهم وقوة روحهم العسكرية فاظهروا فى كل وقت وآن جلدا وصبرا...، وكتب الجنرال الفرنسى اوسمون انه راقب اداء فرقة مصرية مكونة من 12000 جندى تقاتل الى جانب فرقتين من الجيش التركى وكان رأيه انها تفوق هاتين الفرقتين فى كل امر.

وبعد انتهاء الحرب بتوقيع معاهدة السلام بين الدولة العثمانية وروسيا فى 1856، ارسل السلطان العثمانى رسالة إلى سعيد باشا يشكره فيها على المشاركة المصرية ويُثنى على بسالة الضباط والجنود فى الحرب, ومنح عددا منهم أوسمة ونياشين تقديرا لبطولاتهم، كما قامت بريطانيا وسردينيا بإجراءات مماثلة. تلك نماذج استثنائية للبطولة قدمتها العسكرية المصرية وصفها عمر طوسون بأنها مضرب الامثال فى الشهامة والبسالة وحوز ألقاب النصر والشرف والفخار، ففى تلك الحرب استشهد قائد القوات البرية وقائد القوات البحرية, كما استشهد عدد كبير من الجنود والضباط فى المعارك, رحمة الله على الأبطال وسوف تظل بطولاتهم و تضحياتهم قُدوة ليس فقط لأفراد الجيش وإنما لكل المصريين.

نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطولات المصريين فى معارك الدانوب والقرم بطولات المصريين فى معارك الدانوب والقرم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon