توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم صفقة القرن

  مصر اليوم -

وهم صفقة القرن

بقلم - فتحــى محمــود

 لاشك أن العرب هم المسئولون عن وصول القضية الفلسطينية إلى ماوصلت إليه الآن، بعد أن تسبب ما حدث بينهم عبر سنوات طويلة من فرقة وتشرذم وإعلاء المصالح الشخصية القطرية على مقتضيات الأمن القومى العربى والاستجابة للتدخلات الأجنبية، فى أن تسعى أمريكا بقوة لفرض حل نهائى للقضية على حساب الحق الفلسطينى تحت مسمى صفقة القرن.

إن ما حدث من تصرفات أمريكية بهذا الشأن فى الفترة الأخيرة يستحق التأمل، فمستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر مصحوبا بالمبعوث جيسون جرينبلات كبير مستشارى ترامب لشئون السلام فى الشرق الأوسط قاما بزيارة للمنطقة شملت مصر والأردن والسعودية وقطر قبل اختتامها في إسرائيل، لإعادة طرح أفكار ترامب بشأن تصوره للحل النهائى للقضية الفلسطينية، وسرقت زيارتهما لمصر الأضواء لدلالات ماحدث فيها.

فعقب لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى بالمبعوثين الامريكيين، صدر بيان مقتضب للغاية من الخارجية الأمريكية أرسلته سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة للصحفيين، يقول: قام جارد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس، وجيسون جرينبلات، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، بزيارة إلى جمهورية مصر العربية، والتقيا الرئيس عبدالفتاح السيسى. واستكمالاً لمناقشات سابقة، تم بحث زيادة التعاون بين الولايات المتحدة ومصر، والحاجة إلى تيسير تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، وجهود إدارة ترامب لتسهيل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقد لفت هذا الاقتضاب الشديد فى البيان نظر المراقبين، خاصة مع صدور بيان تفصيلى من الرئاسة المصرية، أوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد دعم مصر للجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة، وذلك طبقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين وفقاً لحدود 1967، تكون فيه القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، مستعرضاً فى هذا الإطار الجهود التى تبذلها مصر لإتمام عملية المصالحة الفلسطينية وتهدئة الأوضاع فى غزة، وما تقوم به من إجراءات لتخفيف المعاناة التى يتعرض لها سكان القطاع ومنها فتح معبر رفح طوال شهر رمضان، فضلاً عن الاتصالات المستمرة التى تجريها مع الأطراف المعنية من أجل الدفع قدماً بمساعى إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وشدد الرئيس على أن التوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضية المحورية سيوفر واقعاً جديداً يساعد فى تحقيق الاستقرار والأمن لمختلف دول المنطقة.

هذا التباين بين البيانين يوضح الخلاف المصرى الأمريكى حول صفقة القرن التى مازالت مبهمة، ولم تتضح ملامح كثيرة منها بشكل رسمى، ووفقا لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية فإن التسريبات الأخيرة عن صفقة القرن للسلام تتحدث عن دولة فلسطينية (منقوصة)، وتطالب بانسحاب إسرائيلي من أربع أو خمس قرى شرق القدس المحتلة وشمالها (شعفاط وجبل المكبر والعيساوية وأبو ديس) تكون إحداها (أبو ديس) عاصمة للدولة الفلسطينية، مع إبقاء البلدة القديمة المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، تحت الاحتلال.

وأضافت أن إسرائيل لا تطالَب بتقديم شيء باستثناء الانسحاب من الأحياء الأربعة أو الخمسة، من دون المس بأي من المستوطنات داخل الجدار الفاصل وخارجه على السواء، أي الإبقاء حتى على المستوطنات المنتشرة في أعماق الضفة الغربية.

ولا تتضمن الخطة إخلاء إسرائيل أيا من المستوطنات التي أقامتها بعد عام 1967 في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويبقى غور الأردن المحتل تحت السيطرة الإسرائيلية، كما تقضي الخطة بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة الجيش والسلاح الثقيل.

وهذه الأفكار تختلف تماما عن الموقف المصرى المتمسك بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وباقى التفاصيل التى شرحها بيان الرئاسة المصرية.

ووفقا لمعلومات متعددة فإن المبعوثين الامريكيين سمعا كلاما مشابها فى معظم العواصم العربية التى قاما بزيارتها، لأن مصر استبقت التحركات الامريكية بمشاورات وتنسيق عربى أدى إلى تمسك معظم الدول العربية بالموقف العربى من حل الدولتين الذى سبق طرحه فى مبادرة السلام العربية.

وهو ما دعا صحيفة هاآرتس للتأكيد أن مصر موقفها رافض بشكل قطعى، ومعرقل لأى محاولات من شأنها سحب قضية القدس الشرقية من على طاولة المفاوضات، وأن مصر تصر على أن تكون القدس الشرقية المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية، موضحة أن موقف القاهرة مغاير لدول عربية أخرى توافق على مقترح مدينة أبوديس.

وقال تسفي برئيل، محلل الشئون العربية للصحيفة: مصر لا تقبل المبادرة الأمريكية بشكل كامل، وأكدت أن عملية السلام تقسم إلى قسمين، هما المساعدات إلى غزة وتنمية اقتصادها، والمفاوضات الدبلوماسية الشاملة المستقلة بشأن السلام وحل الدولتين بعيدًا عن اقتصاد غزة.

هذه شهادة اسرائيلية تكشف أن هناك دولا عربية مستعدة للتنازل عن القدس عاصمة لفلسطين، وقبول الفكرة الامريكية الإسرائيلية بأن تكون العاصمة مدينة أبوديس، وأن مصر هى حجر العثرة امام تحقيق هذا المخطط، وترفض خلط الأوراق الذى تسعى إليه امريكا بين حل المشكلة الاقتصادية فى غزة وتنفيذ تسوية سياسية بدون القدس.

وهذا الموقف المصرى هو الذى سيحول صفقة القرن الامريكية إلى وهم كبير، فرغم محاولة امريكا استغلال الضغوط الاقتصادية على الأردن، واستغلال محاولات الانفتاح التى تقوم بها بعض دول الخليج، فى القبول بصفقة القرن مقابل التلويح بمساعدات اقتصادية ومزايا ضخمة قد تنجم عن التعاون العربى الإسرائيلى بعد ذلك، إلا أن الموقف المصرى والمدعوم من دول عربية مهمة يحول دون اتمام المخطط الامريكى.

ويبقى أن تنحاز الفصائل الفلسطينية إلى المصالح العليا للشعب الفلسطينى بعيدا عن المصالح الضيقة والتدخلات الخارجية، وتستكمل المصالحة الفلسطينية، فبدون موقف فلسطينى داخلى موحد وقوى لن تستطيع مصر وشقيقاتها فرض تسوية عادلة للقضية.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم صفقة القرن وهم صفقة القرن



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt