توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى

  مصر اليوم -

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى

بقلم - عمرو الزنط

من هو السياسى «الشعبوى» وما هو «خطابه»؟، فى إطار هذا المقال، هو الذى يتمكن من الإقناع بأنه جاء لتخليص «الشعب» من استغلال «النخب»، فى حين أنه يتعاون مع «نخبته» المختارة، من مراكز القوى، بمحسوبية تفوق بمراحل تلك المتصلة بحكم السايسى التقليدى. كيف؟ عن طريق التتويه المؤدى لتغييب العقل بطمس الحقائق والأسباب التى تربط بينها.. وفيما يلى مثال بسيط من دولة ديمقراطية عريقة وحول موضوع يبدو بريئا للوهلة الأولى.

يعشق دونالد ترامب مخاطبة مؤيديه بواسطة «تويتر»، ربما لأنه يعتقد أنه يصل هكذا لـ«الشعب» مباشرة.. وخطابه «المتوت» مشوه من حيث الشكل والمضمون؛ ملىء بالأخطاء الإملائية والنحوية، والمغالطات المعلوماتية والمنطقية، فى إطار عملية شحن تستغل غضب مؤيديه على أوضاعهم وتوجيهه ضد العدو الخارجى أو الداخلى المفترض.

فى الأسبوع الماضى طلع ترامب بـ«تويتة تتويهية» سخر فيها من ظاهرة التغير المناخى والاحتباس الحرارى، منوها بتعرض أنحاء من بلاده لموجات برد شديدة. ليس من الغريب أن يسخر «ترامب» من ظاهرة يعتبرها خيالية، بل ادعى فى الماضى أن الترويج لها جزء من مؤامرة صينية لتخريب الصناعات الامريكية التى تنبعث عنها غازات الاحتباس الحرارى.. أو ربما أكذوبة تنتجها وتصدقها النخب الفاقدة الإحساس بمعاناة العمال فى تلك القطاعات.

لكنه للأسف فى النهاية لا يسخر من أحد إلا مؤيديه، فى عملية تتويه وتضليل تجسد مأساة بائسة فعلا.

أولا التغير فى «المناخ» ليس تغيرا لحظيا فى «الجو»: فحين تعرضت أجزاء من أمريكا لبرد قاس، تعرضت أستراليا لموجات حر شديدة، المهم هو أن معدل درجات الحرارة على الأرض ككل يرتفع فى العموم عبر الزمن، بصرف النظر عن موجات الحر والبرد العابرة..

.. ثم إن التغير المناخى الذى يتحدث عنه العلماء مجرد زيادة بضع درجات، ولن يمنع نشوب العواصف الثلجية فى المستقبل المنظور، لكنه فى نفس الوقت سيؤدى إلى غرق مدن ساحلية (كالإسكندرية المهددة) نتيجة زيادة مستوى البحار النابع عن ذوبان أجزاء من التكتلات الثلجية فى قطبى الارض.. بل إن التغيرات الحادة فى الطقس، بما فى ذلك موجات البرد القاسية، ربما تكون متوقعة فى ظل التغيرات المناخية، التى تؤدى إلى فروق كبيرة فى درجات الحرارة بين مكان وآخر، ينتج عنها تيارات هواء قوية قد تدفع بالهواء الساقع من القطب الشمالى إلى أماكن مثل الوسط الغربى للولايات المتحدة (المعرضة حاليا لموجات الصقيع محل سخرية الرئيس الأمريكى).

لكن «ترامب» لا يبالى بمثل هذه التفاصيل، وهو يعرف أن جمهوره تحركه المشاعر وليس لديه البال للبحث الدقيق عن الحقائق والاسباب التى تربطها.. وأن مؤيديه مقتنعون بأن العلم من الأشياء التى طالما لوحت بها النخب المكروهة التى يحرض ضدها «ترامب»، والتى يقول إنها ادعت امتلاكه فى سبيل السيطرة.

لكن فى نفس الوقت الذى قد يعتقد مؤيدوه من الطبقات الكادحة أنه يعمل فى صالحهم- يحمى العمال من تداعيات تقليل الصناعات التقليدية التى تنبعث منها غازات الاحتباس مثلا- فإنه حين ينكر التغير المناخى هو فعليا يعمل لصالح شركات بترولية عملاقة، كما أنه قام بالفعل بتعيين قيادات سابقة فيها لمناصب حكومية مهمة.

وهذه مأساة الكادح عندما ينصاع خلف الخطاب الشعبوى: يعتقد أن السياسى المحرك لمشاعر النفور من النخب المكروهة «واحد مننا»- من «الشعب»- لكن هذا السياسى عادة ما يعمل لصالح مصالح نخبوية هو الآخر، ويتسم حكمه بقدر من المحسوبية يفوق كثيرا نظيره فى ظل حكم السياسى التقليدى، الذى طالما حرك الناس ضده.

وكالعادة، عندما تأتى تداعيات سياسات فقدان العقل، الناتجة عن طمس الحقيقة بتحريك مشاعر النفور، يكون الكادح هو أول ضحية، بينما تتمكن النخب من حماية نفسها.. وفى هذه النقطة بالتحديد، لن تختلف تداعيات حكم «ترامب» نوعيا عن حكم عدوه مادورو فى فنزويلا مثلا، إلا ربما فى كون «ترامب» كارثة كونية لأنه يسيطر على دولة عظمى.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt