توقيت القاهرة المحلي 12:02:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طرف يقتل... وطرف يدعي الحماية

  مصر اليوم -

طرف يقتل وطرف يدعي الحماية

بقلم - جمال الكشكي

ليلة الثالث عشر من أبريل (نيسان) عام 2024... هي ليلة «الغريبين»، إيران وإسرائيل، هما لا تنتميان في الواقع إلى خرائط الإقليم العربي؛ الأولى أمة مجاورة قديمة، تاريخياً، في مد وجزر مع العرب، وكانت ذروة الاحتكاك بين الطرفين في معركة القادسية. حين صارت إيران دولة تنتمي إلى الدائرة الإسلامية الحضارية، كان الظن أن الاحتكاك الطويل، عبر قرون، سيتلاشى، لكن الواقع لا يبدو كذلك.

أما الثانية (إسرائيل)، فقد نشأت بقرار غير ملزم من الجمعية العامة للأمم المتحدة على الأراضي الفلسطينية عام 1948، ولا تزال تتسع، أو تحلم بالاتساع. الأولى (إيران) كانت إمبراطورية لمرتين في التاريخ، تحلم بالثالثة، تحت راية «الآيديولوجيا»، ذلك الذي يؤمن به مئات الملايين من الناس، ومن خلاله ترغب أن تحكم الإقليم العربي الموسع، ولكي تحكم العالم لا بد من معركة مع منافس قوي، منافس يتشابه معها في الرؤية والحسابات والحلم في الاتساع والنفوذ.

وإسرائيل لديها نفس المسار؛ فهي تريد أن تكون القوة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وقد عبر عن ذلك بوضوح جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، عندما قال: «إن إسرائيل الآن تحتل موقعاً استراتيجياً كبيراً في الشرق الأوسط»، وذلك بعد أن تصدت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، للمسيّرات والصواريخ الإيرانية، في منتصف المسافة بين طهران وتل أبيب، تلك المسافة التي تقدر بنحو ألف وسبعمائة وخمسين كيلومتراً، لا ننسى أن هذه المسافة هي مسافة عربية تمر بالعراق وسوريا والأردن.

لا علاقة لفلسطين بالرواية؛ فالقصة أبعد من شعب يعاني، يقع رهينة لدى طرفين، يتنافسان عليه بضراوة، فقط فلسطين حلبة الصراع، طرف يقتل، وطرف يدعي الحماية، والحقيقة أن فلسطين مجرد لوحة تنشين. لا شك في أن ليلة الثالث عشر من أبريل موصولة بيوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وليس خافياً أن كلا الطرفين لديه مصالح استراتيجية كبرى في الإقليم، ويرغبان في تحقيقها؛ بنيامين نتنياهو يريد أن يتوسع جغرافياً ونفوذاً في المنطقة، ولديه تصورات من دون أن يتنازل عن أفكاره القائمة على عدم وجود دولة أو شعب فلسطيني.

كذلك ترغب إيران في إعلان الانضمام إلى النادي النووي، وقد تكون قد جمعت أوراق العضوية بالفعل، الآن في انتظار الإعلان، سيكون الإعلان بمثابة زلزال في الشرق الأوسط، كذلك اتساع إسرائيل على حساب الأمن القومي العربي، سيكون بمثابة زلزال آخر. وبالتالي، فإن الطرفين «الغريبين» (إيران وإسرائيل)، قررا أن يقيما مباراة دموية على مسارح وميادين ليست لهما.

ليلة الثالث عشر من أبريل 2024، أحد فصول كتاب يجب ألا يقرأه العرب بالحروف الفارسية أو العبرية، بل لا بد من تفحصه بدقة وعناية وقراءة رسائله الخفية الممتدة عبر نحو نصف قرن جرت فيه مياه كثيرة تحت الجسر.

لعلني أستعيد تلك اللحظة القديمة المتجددة التي لا تتوقف عن إنتاج نفس الأفكار، ونفس الأحلام الفارسية، ثمة معنى فيما جرى قبل 45 عاماً، قد يساعدنا في فهم ما يجرى الآن.

في الأول من فبراير (شباط) عام 1979، كانت طائرته تحلق في طريق العودة من منفاه الفرنسي إلى الأراضي الإيرانية، يحميها سرب مقاتلات فرنسية. نظر الخميني إلى رفاقه العائدين، ثم قال: «لقد حكم هذه المنطقة الأتراك لعدة قرون، والأكراد لعدة قرون، والعرب لعدة قرون، وآن للفرس أن يحكموها لقرون طويلة».

كانت المفارقة أن شعار الثورة الإيرانية، كان شعاراً آيديولوجياً، في حين أن الرجل يفكر في تاريخ الفرس الممتد إلى آلاف السنين، يتذكر أن بلاده كانت إمبراطورية شاسعة لمرتين، وهنا اختفى شعار الثورة في دهاليز أحلام الرجل الذي كان يقيم في ضاحية نيوشاتل الباريسية.

في الطائرة انتبه رفاق الرجل العائد من منفاه، إلى ما وراء كلماته المغايرة لشعارات الثورة، وكانت في تلك اللحظة تلهب مشاعر الجماهير، وكان من بين هؤلاء العائدين الحسن بني صدر التلميذ المقرب للخميني، الذي أصبح رئيس جمهورية بعد الثورة الإيرانية، وسيهرب فيما بعد أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، إلى بغداد ومنها إلى منافي العالم، من دون أن ينسى كلمات الخميني، حول حكم المنطقة بالكامل من منطلق «فارسي - قومي»، وليس من منطلق إسلامي، أو وطني، أو دفاعاً عن حرية الشعب الإيراني، وكان الشعب يعاني من «السافاك» (الجهاز الأمني للشاه)، ووجد أن الثورة تمارس نفس الأساليب التي كانت سائدة قبل مجيء الخميني، بل أشد وطأة.

هنا أستدعي من ذاكرتي اللقاء الشهير الذي جرى بين الصحافي المصري الشهير محمد حسنين هيكل، والخميني في ضاحيته الباريسية نيوشاتل، هذا اللقاء جعل هيكل يقول إن الخميني، رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي، إلى صدر القرن العشرين، ويبدو أن وصف هيكل كان مبالغاً فيه.

إذا كان هذا موقف رجل إيران القوي من الغرب، فإن الأمر لا يختلف كثيراً في إسرائيل، الدولة الناشئة بقرار دولي، عندما نجد أن بنيامين نتنياهو، يحمل نفس الأحلام بإمبراطورية إسرائيلية، تتسع لأكثر من عدد اليهود في العالم، ويندفع إلى معركة مع بعض الأطراف في الإقليم العربي، ويتخذ من الشعب الفلسطيني رهينة، ويقفز على قضيته إلى مراكز نفوذ جديدة، راغباً في السيطرة الاستراتيجية على قرار المنطقة العربية، وكان قد عبر عن ذلك بوضوح في كتابه «مكان تحت الشمس».

إن ليلة الثالث عشر من أبريل، فتحت كتاباً جديداً في الشرق الأوسط يجب أن نقرأه بعناية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرف يقتل وطرف يدعي الحماية طرف يقتل وطرف يدعي الحماية



GMT 03:05 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

دكتور حواس وماذا عن البلايا العشر؟

GMT 03:03 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

محاضرة فرنسية هامة.. وصريحة

GMT 03:02 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

وسحبت «أسترازينيكا» اللقاح؟!

GMT 03:01 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

مستوى خطابنا على صفحات التواصل!!

GMT 02:59 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

كان الله في عونك

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 05:21 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة
  مصر اليوم - بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

اليوم ينصحك الفلك ألا تعلن أخبارك ولا تتكلم عن حياتك

GMT 16:11 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

فيسبوك تسلك طريق أكثر تشدد بشأن شفافية الإعلانات

GMT 13:54 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مهمة لاختيار أفضل عباءة شتوية للتمتع بالأناقة والدفء

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفال بمرور 18 عامًا على إقامة متحف النوبة في أسوان

GMT 02:18 2016 الخميس ,02 حزيران / يونيو

الاعلان عن قائمة منتخب بلجيكا في "يورو 2016"

GMT 15:03 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل تاجري مخدرات جراء مشاجرة بينهما في الشرقية

GMT 14:43 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

أبراج تدعمك وتقف بجانبك في المواقف الصعبة

GMT 15:49 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ضربة موجعة لـ منتخب بلجيكا قبل انطلاق يورو 2020

GMT 08:07 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

مصر تسجل 40 وفاة و641 إصابة جديدة بكورونا

GMT 17:37 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

افتتاح مشروعا ضخمًا "للأسماك" في مدينة بورسعيد

GMT 15:08 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

مصطفى فتحي يشارك في تدريبات سموحة استعدادا لبيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon