توقيت القاهرة المحلي 00:40:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة فى منتدى بطرسبرج ودلالاته

  مصر اليوم -

قراءة فى منتدى بطرسبرج ودلالاته

بقلم - نورهان الشيخ

 تحتفل مدينة سان بطرسبرج الروسية ذات الطلة الساحرة على بحر البلطيق بعيد ميلادها الـ315 حيث أسسها قيصر روسيا العظيم بطرس الأكبر عام 1703، كمنارة للثقافة والفن عبر القرون حيث متحف الأرميتاج ومسرح مارينسكي التاريخى الذى عرضت عليه روائع تشايكوفسكى وموسورجسكى وكورساكوف للمرة الأولى. وكعادته أضفى الرئيس بوتين لمساته على المدينة، لتصبح قبلة اقتصادية من خلال احتضانها منتدى بطرسبرج الاقتصادى الدولى، الذى عقد دورته الثانية والعشرين مبكراً عن موعدها فى مايو تحت شعار «بناء اقتصاد الثقة». ويعتبر المنتدى من أبرز المنتديات العالمية في عالم الاقتصاد والأعمال، التى تربط ما بين الاقتصاد والتطورات السياسية والاستراتيجية، ولا ينافسه فى هذا الخصوص سوى منتدى «دافوس» الدولى، وقد حمل المنتدى فى طياته رسائل ودلالات عدة.

أولها، رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة حملها مشهد الجلسة العامة للمنتدى التى جلس خلالها الرئيس بوتين وعلى يمينه الرئيس الفرنسى ماكرون، وعلى يساره كل من رئيس الوزراء اليابانى شينزو أبى ونائب رئيس الصين وانج تشى شان ومديرة صندوق النقد الدولى، فى مؤشر على أن روسيا أصبحت قبلة الطامحين للشراكة البناءة والمشروعات التنموية العملاقة ذات العائد الاقتصادى والمنفعة المتبادلة، ويشمل ذلك ليس فقط شركاء موسكو التقليديين كالصين، وإنما أقرب الشركاء الأوروبيين والآسيويين للولايات المتحدة، فرنسا واليابان، ويبدو أن جهود واشنطن لعزل روسيا وكذلك العقوبات التى فرضتها على موسكو باءت بالفشل.

فقد شارك فى أعمال المنتدى 15 ألف مشارك من أكثر من 70 دولة، من بينهم عدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال من الدول العربية، في مقدمتهم وزير الطاقة السعودي بصحبة وفد هو الأكبر في تاريخ المنتدى، يضم أكثر من 150 مسؤلا ورجل أعمال، ورئيس الوزراء البحرينى الأمير سلمان آل خليفة، ووزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي. إلى جانب 40 من رؤساء أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم، والذين يديرون أصولا تتجاوز قيمتها 5 تريليونات دولار. وتم على هامش المنتدى توقيع صفقات تجاوزت 700 مليار روبل. وكانت مديرة صندوق النقد الدولى، كريستين لاجارد، قد قيمت مؤشرات أداء الاقتصاد الروسى إيجابياً، وأشارت إلى أن روسيا استطاعت تجاوز عجز الميزانية وخفض البطالة بفضل الإجراءات التى اتخذها الرئيس بوتين، فى رسالة مطمئنة ومشجعة للمستثمرين ورجال الأعمال على الاستثمار وعقد الصفقات مع روسيا.

كما عكست القمة الروسية الفرنسية على هامش المنتدى، وقبلها القمة الروسية الألمانية فى سوتشى توجها أوروبيا واضحا لاستئناف التعاون مع روسيا وتنحية الخلاف حول أوكرانيا جانباً والمضى قدماً نحو المصالح المتبادلة. وذكر ماكرون بالتعاون التاريخى بين روسيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، وزيارة ديجول لمدينة سان بطرسبرج، وأكد أن الحوار مع روسيا يضمن استقلالية القرار الفرنسى والأوروبى، ويحافظ على التعددية فى السياسة الفرنسية.

من ناحيته أكد رئيس الوزراء اليابانى فى كلمته أمام المنتدى على تجاوز عقدة جزر الكوريل مع روسيا، والسعى لأن تكون الجزر رمزاً للتعاون بين البلدين بدلا من أن تكون رمزاً للخلاف بينهما وأن قمته مع الرئيس بوتين يوم 26 مايو هى لقاؤهما الـ21، فى دلالة على التفاهم والتواصل المستمر بين الجانبين، بل واستحدثت اليابان وزارة خاصة للتعاون الاقتصادى مع روسيا، دشنت 130 مشروعاً مشتركاً فى مجالات عدة أبرزها الطاقة.

ثانيها، أن الطاقة هى البوصلة المحركة للسياسة الدولية، وأن السياسة تسير بالتوازى مع أنابيب الطاقة، ويعد هذا أحد الأسباب الرئيسية المفسرة لتمايز الموقف الأوروبى عن نظيره الأمريكى. فالشركاء الأوربيون بدأوا يستشعرون أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق أهداف جيوسياسية على حساب حلفائها، وأن العقوبات على روسيا تمثل خطوة أحادية الجانب من جانبها لا تراعى المصالح الأوربية وتزعزع أمن الطاقة للاتحاد الأوروبي. ومن المعروف أن العقوبات الأمريكية ضد روسيا، تطال بالدرجة الأولى الشركات الأوروبية الناشطة في العديد من مشروعات الطاقة التى تتم بالتعاون مع أخرى روسية، وأبرزها مشروع «السيل الشمالي-2» لضخ الغاز من روسيا إلى شمال أوروبا، عبر قاع بحر البلطيق، وتشارك فيه شركات ألمانية وفرنسية ونمساوية وبريطانية هولندية، وهو المشروع الذى يجعل مع ألمانيا القابض على مفتاح الغاز لأوروبا. كما تشارك الشركات الفرنسية فى العديد من مشروعات الغاز الروسية، وأبرزها شركة «توتال» التى تشارك فى إنشاء مشروع «يامال» والذى يتضمن نقل الغاز الروسى إلى اليابان.

ثالثها، يتعلق بالقضايا الإقليمية التى كانت حاضرة وبقوة على أعمال المنتدى رغم طابعه الاقتصادى فى مؤشر آخر على ارتباط الاقتصاد بالسياسة. ففى جلسة أدارها المستشرق المتميز فاسيلى كوزنيتسوف وبحضور نائب وزير الخارجية الروسى، السيد ميخائيل بوجدانوف، عرض وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني الليبية، محمد الطاهر سيالة، لتطورات الاقتصاد والأوضاع فى ليبيا، مركزاً على قطاع الطاقة الليبى، وجهود إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام على أن تأتى كتابة الدستور الجديد عقب الانتخابات. كما عرض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، محمد سامر الخليل، للتطورات فى سوريا وتعافى الاقتصاد السورى ومشروعات إعادة الإعمار. كما تم طرح مسألة الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى وتداعياته، وبدا توافقاً روسيا أوروبياً حول ضرورة التمسك بالاتفاق ورفض مواقف واشنطن أحادية الجانب وهو ما أكده الرئيسان بوتين وماكرون فى أكثر من مناسبة.

ومن سان بطبرسبرج إلى يكاترينبورج الروسية التى ستستضيف في يوليو من العام المقبل «القمة العالمية الأولى للصناعة والتصنيع» التي دعى إليها الرئيس بوتين، وتعد أول منتدى لوضع خريطة طريق للقطاع الصناعي العالمى، يتأكد الدور الروسى البناء عالمياً والجاذب لكل الدول والمؤسسات الساعية للتطوير والتنمية تحت شعار «ننمو معاً».

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة فى منتدى بطرسبرج ودلالاته قراءة فى منتدى بطرسبرج ودلالاته



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:23 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء
  مصر اليوم - طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر

GMT 07:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

أجنّة سمكة قرش منقرضة أكلت أشقائها في الرحم

GMT 04:22 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

موديلات جمبسوت خطوبة للعروس العصرية تعرفي عليها

GMT 06:59 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تتغير الظروف في الشهر الاول عما كانت عليه مؤخراً

GMT 09:34 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يسأل عن 8 ملايين دولار مستحقة لمصر لدى الكاف

GMT 01:44 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

"بسنت" يتصدر مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon