توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا

  مصر اليوم -

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا

بقلم - نادر نور الدين محمد

يتفنن الإنسان فى تعظيم الاستفادة من المياه العذبة المتاحة والتى لا تزيد على 0.03% فقط من إجمالى المياه فى العالم سواء مالحة فى المحيطات أو مجمدة فى القطبين أو غائرة فى جوف الأرض أو فيضانات مهدرة أو تتشبع وتبتل بها الأرض.

تطور فكر الإنسان للاستفادة من المياه العذبة القليلة على كوكب الأرض إلى رى النبات فقط بدلا من رى الأرض التى ينمو بها النبات وتشكل الأم الحنون التى يستمد منها غذاءه، ومن هنا كان فكر الرى بالتنقيط سواء أعلى سطح التربة أو أسفلها والذى يمد جذور النباتات فقط ومباشرة بالماء. ورغم الكفاءة العالية لهذه الطرق فى الرى إلا أنه تبين أنه لا توجد مياه رى فى العالم سواء سطحية أو جوفية خالية من الأملاح، فنهر النيل يضيف 3 أطنان من الأملاح للفدان سنويا عند معدلات رى بين خمسة إلى ستة آلاف م3 للفدان سنويا والتى توصى بها منظمة الأمم المتحدة للمياه فى المناطق الجافة الحارة مثل مصر حتى لا تتحول أراضيها إلى التملح والبوار بفعل البخر العالى للمياه وتراكم الأملاح بالتربة. وبالمثل تضيف مياه المصارف الزراعية وأغلب الآبار ما بين 6 إلى 10 أطنان أملاح للفدان سنويا ينبغى غسيلها للحفاظ على التربة خصبة ومنتجة. هذا الأمر لاحظه المزارعون حيث يقوم الرى بالتنقيط بطرد محتوى المياه من الأملاح وأيضا الأملاح التى يذيبها فى التربة إلى آخر منطقة الابتلال التى يحدثها حول النبات وبعيدا عن جذور النباتات بما يؤدى إلى تراكم هذه الأملاح فى المسافات بين النباتات وبين الأشجار والتى لابد من غسيلها فى نهاية كل زرعة. وعلى الرغم من أن هطول الأمطار خير للزراعة إلا أنه عند مزارعى الرى بالتنقيط كارثة لأن الأمطار ستقوم بإذابة الأملاح التى طردها التنقيط بعيدا ويعيدها إلى جذور النباتات فتموت وتحترق ولا وسيلة لهم لوقف هذا الضرر إلا بتشغيل نظام الرى بأقصى طاقته لإعادة دفع هذه الأملاح التى جلبتها الأمطار بعيدا عن جذور النباتات مرة أخرى وبهذا نكون قد أضعنا ما وفرناه من المياه.

أجتهد الإنسان مرة أخرى ليخلق ظروفا أفضل من التنقيط المناسب أكثر للأراضى الرملية لسهولة غسيلها بينما الأمر صعب فى الأراضى الطينية ضيقة المسام وصعبة الغسيل  والتى تحافظ على المياه والأملاح فى مسامها الضيقة ضد الجاذبية الأرضية وبالتالى يصعب غسيلها بماء الرى الذى يتحرك بقوة الجاذبية. خلق الإنسان نظاما يربط بين الرى بالرش والتنقيط وهو الرى المحورى أو البيفوت والذى يحمل رشاشات لرى التربة بالرش مع خراطيم مدلاة أشبه بخراطيم الرى بالتنقيط لرى النباتات وبالتالى جمع بين رى النباتات ورى التربة للحفاظ على خصوبة التربة التى تمثل رأس مال المزارع. المشكلة فى طرق الرى الشحيح من رش وتنقيط هى تكاليفها المرتفعة والتى تتراوح بين 12 إلى 20 ألف جنيه للفدان وينبغى إحلالها كل خمس سنوات بما يعنى زيادة بنحو ثلاثة آلاف جنيه سنويا على تكاليف الزراعة للفلاح تمثل عبئا كبيرا فى ظل محدودية أرباح الزراعة وانخفاضها، وبالتالى فالأمر حائر بين حتمية دعم الدول لهذه الأنظمة توفيرا للمياه، أو ما بين تحمل المزارع تكاليف تطوير شبكات الرى مقابل رفع أسعار بيع منتجاته فيرتفع معها أسعار الغذاء فوق قدرات البعض ونعود إلى معضلة محاربة الجوع والفقر، وأيضا الجوع المستتر الناتج عن ارتفاع أسعار الغذاء وليس عن نقص توافر الغذاء.

فى أراضى الوادى والدلتا الطينية والتى تحتفظ بالمياه وما بها من أملاح على خلاف الأراضى الرملية، والتى تتوزع بنحو 4.5 مليون فدان فى الدلتا وأقل من مليونى فدان فى أراضى الصعيد من الجيزة وحتى أسوان فالأمر يختلف كثيرا، فنهر النيل يعمل فى الصعيد كترعة وصرف معا فجميع مياه الصرف الزراعى لأراضى الصعيد تعود ثانية إلى نهر النيل وتخفف بتيار المياه المتجدد يوميا والقادم من السد العالى، أما أراضى الدلتا فتغطى بشبكة جيدة للصرف للزراعى والتى تستقبل الزائد من مياه الرى بما تحمله من الأملاح الناتجة من رشح المياه المالحة للبحر المتوسط أو نشع المياه الجوفية التى لا يزيد عمقها على متر واحد أو من مياه الرى سواء من النيل أو الآبار أو مياه المصارف الزراعية، وبالتالى فهى تحتاج لغسيل هذه الأملاح دوريا وبانتظام ولذلك فنحن علميا لا نرغب فى رفع كفاءة الرى فى الأراضى الطينية صعبة الغسيل والاستصلاح إلى أكثر من 75% لنغسل منها ما نضيفه إليها أو يأتيها من أملاح حتى تظل منتجة وخصبة، ولنترك طرق الرى الشحيح للأراضى الرملية متسعة المسام سهلة الغسيل  ذات الاحتفاظ القليل بالمياه وما تحمله من أملاح، فالرى الشحيح فى الأراضى الطينية يوفر المياه ولكن يدهور التربة.

الفاقد الفعلى والكبير للمياه ليس بسبب الرى بالغمر كما يتصور البعض ولكنه يتم خلال شبكة الترع المفتوحة غير المبطنة بطول 30 ألف كم والتى تفقدنا 30% من المياه وهو رقم عالمى وليس مصريا ويصل بالفاقد فى مصر إلى 19 مليار م3 سنويا عبر رحلة المياه فى الترع الطويلة من السد العالى وحتى الدلتا بينما إعادة استخدام مياه المصارف فى الرى تعيد المياه عدة مرات للأرض بدون فقد، ولنستفد بتجربة الهند التى بطنت الترع فمنعت الفقد بالرشح العميق من الترع ثم غطتها بشبكة عدسات الطاقة الشمسية فمنعت البخر وأمدت القرى بالكهرباء المتجددة.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt