توقيت القاهرة المحلي 12:18:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى من يهمه الأمر

  مصر اليوم -

إلى من يهمه الأمر

بقلم - محمد أبو الغار

إلى شعب مصر، وإلى حكام مصر وإلى كل من يهمه الأمر، مصر ذات التاريخ الكبير العتيق الذى تخطى خمسة الآف عام على وشك الانقراض والخروج الحقيقى من التاريخ فى ظرف عدة عقود قليلة. أنا لا أتحدث عن الديمقراطية والتعددية ولا الفساد ولا القانون ولا المخاطر الخارجية وإنما أتحدث عن أمور خاصة بالعلم الذى هو عماد كل شىء الآن.

أولاً: تعداد مصر كان فى عام 1900 عشرة ملايين والآن تخطى مائة مليون، وسوف يصبح 128 مليونا فى عام 2030، أى بعد 11 عاماً و151 مليونا عام 2050. هذه الكارثة البشرية غير المسبوقة سببها ببساطة أن الغرب اخترع التطعيمات والمضادات الحيوية وشرح لنا أهمية المياه النقية للشرب مما خفض نسبة الوفيات فطال عمر الإنسان واستمرت نسبة المواليد كما هى فحدث الانفجار، والغرب الذى اخترع هذه الأشياء وبسبب التقدم الحضارى والعلمى والتعليم أصبح واعياً بأهمية الأسرة الصغيرة لمصلحة العائلة والمجتمع فحدث توازن سكانى ولم يحدث الانفجار.

بدون حل جذرى وفورى وسريع وقوى لا أمل حقيقيا فى أى مستقبل للوطن. لا الأرض تكفينا ولا الأكل ولا الماء ولا المدارس والمستشفيات ولا المواصلات، وسيظل أغلب سكان مصر من العاطلين يعيشون فى تلوث بيئى وسوف تنتشر الجريمة والفوضى مهما كان نظام الحكم عادلا ووطنيا وفاهما.

ثانياً: هناك نقص حاد فى الماء فى كل دول شمال أفريقيا، وكانت حصة مصر من نهر النيل تكفى مصر، وكانت هناك معاهدة تحكم النهر وتضمن لنا حصتنا. التطورات والنمو التى حدثت فى أفريقيا وتلاها بناء السد العملاق فى إثيوبيا الذى سوف يؤثر علينا بدرجات متفاوتة. زيادة السكان تعنى زيادة فى احتياجات الماء. يجب بذل كل جهد ممكن فى تقليل مخاطر نقص المياه مع إثيوبيا. يجب أن تقوم مصر وفوراً بتخفيض استهلاك المياه أولاً فى الرى، وذلك بالبدء فى التخطيط لتغيير نظام الرى بالغمر مع، ربما، تغيير المحاصيل لتتناسب مع الطريقة الحديثة فى الرى، ثم يجب تخفيض استهلاك المياه فى المنازل والمصالح بطرق كثيرة معروفة، كما يجب البدء فى إعادة استخدام مياه الصرف مرة أخرى بعد تنقيتها (بالمناسبة، إسرائيل تعيد تنقية 93% من المياه المستعملة).

ثالثاً: تصحر مصر وغرق الدلتا: تقلص الرقعة الزراعية بسرعة كبيرة بسبب البناء عليها وتصحر الأراضى الزراعية فى مصر ظاهرة يعرفها الجميع، والنحر فى شمال الدلتا ظاهرة قديمة. التغيرات المناخية العالمية تتفاقم ويجب أن نواكب العلم حتى لا نفاجأ بأن الملايين من سكان شمال الدلتا تركوها بعد أن غرقت فى الماء. هذا الأمر لا بد أن يدرس بواسطة مجموعة فنية دولية تقدم تقديراً بحجم المخاطر وتوقيتها واحتمالات حلول لها.

رابعاً: مستقبل الاقتصاد المصرى وتوجهه: لابد أن تقوم مجموعة وطنية مع خبراء عالميين محايدين بتقديم دراسة عن كيفية النمو لمستقبل مصر الاقتصادى، والمطلوب من هذه المجموعة وضع تصور بدقة إلى أى نوع من المشروعات تحتاجها مصر خلال نصف قرن. على أن تبدأ مصر فى عمل دراسات جدوى لهذه المشروعات المقترحة حتى تعرف الدولة والقطاع الخاص الكبير منه والصغير أين يكون التوجه السليم.

خامساً: التعليم العام فى مصر فى وضع كارثى، وحلول الوزير ومشروعه تبخر فى الهواء بعد أن ثبت أنه فى كوكب آخر، وباعترافه قال إن المشروع لن ينجح لأن المشكلة فى مصر والمصريين وليست فى المشروع. وأخيراً تحدث عن إلغاء مجانية التعليم فى البرلمان. ورغم نفيه بعض ما قاله فإن هذا هو التوجه الذى سوف يدفع بمصر إلى الضياع النهائى. إصلاح التعليم يحتاج إلى حوار مجتمعى ويحتاج إلى وضع مميز فى ميزانية الدولة وكلاهما مرفوض من النظام. أما التعليم الجامعى فلنركز على معاهد بحثية متميزة خارج البيروقراطية الحكومية تجمع النابغين من الشباب لإنتاج وتطوير علوم المعرفة الحديثة من تكنولوجيا وبرمجيات وعلم النانو والخلايا الجذعية التى يمكن أن تعطى عائدا ماديا ضخما بمجموعة صغيرة من البشر وهو ما تفعله الهند وإسرائيل.

وأخيراً، الانتقال إلى مستقبل أفضل يحتاج إلى همة من الشعب كله، وذلك أمر فى يد الحكام الذين عليهم أن يستنهضوا الشعب ويشجعوه، وهذا لن يتأتى إلا فى جو علمى تتناقش وتتحاور فيه الآراء بحرية وديمقراطية حتى نبنى الدولة بالعلم وبالنظام والعدالة وبمشاركة فعالة للقطاع الخاص الوطنى المبتكر الذى يدفع ضرائبه، ووجود مجتمع مدنى كبير يسهم فى جزء من مسؤولية الدولة تجاه المجتمع.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى من يهمه الأمر إلى من يهمه الأمر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon