توقيت القاهرة المحلي 22:12:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

25 يناير ÷ 3 = 30 يونيو!

  مصر اليوم -

25 يناير ÷ 3  30 يونيو

بقلم : عبدالعظيم درويش

يبدو أن «25 يناير» من كل عام سيظل لفترة طويلة هدفاً تتنازع عليه جهات عدة، تحسبه كل جهة لصالحها وفق موقفها السياسى ومكانتها بين المواطنين.!

بين اعتبار هذا اليوم إحياءً لـ«معركة باسلة» خاضتها الشرطة المصرية ضد قوات الاحتلال البريطانى فى مدينة الإسماعيلية أسفرت عن استشهاد 50 من رجال الشرطة، وجرح 80 آخرين.. وبين فئات شعبية تعدها «ثورة» -وفق ديباجة دستور 2014- على نظام نسج بنفسه «شبكة الإيقاع» به على مدى 30 عاماً وبخاصة العشرة الأخيرة منها.. فيما يعتبره البعض الآخر كاشفاً لـ«مؤامرة خارجية» جندت خلالها مجموعة من الأفراد خُتمت «جوازات سفرهم» بأختام أجنبية.. بينما يراها ملايين المواطنين «مقدمة» لانطلاق «ثورة 30 يونيو» لتنهى -خلال عام واحد- خداعاً دام 85 عاماً لـ«جماعة الإرهابيين» منذ أن زرعتها قوات الاحتلال البريطانى..!

على كل حال فإن بدايات مجموعة التحركات الشعبية ذات الطابع الاجتماعى والسياسى التى انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 لم يكن على توجه أى فرد منها سوى إعادة مشهد الزعيم أحمد عرابى، الذى أطلق فى وجه الخديو توفيق يوم 9 سبتمبر 1881 جملته الشهيرة «لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً، وإنا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم».. ليصرخ بها أكثر من 80 مليون مواطن -تقمصوا شخصية عرابى- فى وجه «خديو القرن الحادى والعشرين».. غير أن «عرابى» هذه المرة نجح فى خلع «الخديو» الذى استعان «ببقايا نظامه» -بدلاً من الإنجليز- فى محاولة لإفشال ثورة يناير إذ لم يكن من المنطق أو الممكن نفى «80 مليون عرابى» إلى «سرانديب» -سيلان حالياً- مثلما فعل توفيق الأول!.

فعندما أطفأ ملايين الشباب أنوار غرفهم ليلة 25 يناير 2011 وأغلقوا أجهزة الكمبيوتر الذى اتخذوه وسيلة لتجمعهم وخرجوا بكل رقى وتحضر صبيحة اليوم التالى ليهدموا بـ«حناجرهم الهادرة» -بعد أن انضمت إليهم فئات من المواطنين- نظاماً سرق حلمهم فى وطن يستحقونه.. فاندفعوا فى حشود وسكنوا «ميدان التحرير» لمدة 18 يوماً ‏ليعيدوا بناء نظام أساسه الشرعية الدستورية بعد أن اطمأنوا إلى أن المؤسسة العسكرية الوطنية التى انحازت إلى ثورتهم منذ اللحظة الأولى لا تزال على انحيازها للحق ولمطالبهم المشروعة.

بادروا ولم ينتظروا شيئاً فقد أصبحوا على يقين بأن السماء لا تمطر ذهباً.. لم يستسلموا لتهديدات ولم يبالوا بدخان قنابل مسيّلة للدموع.. واختاروا طريقاً يثقون بأنه الصحيح.. نفضوا السلبية.. شاركوا.. قالوا كلمتهم.. بقوا فى مكانهم.. راقبوا.. حرسوا أحلامهم ولم يتركوا أحداً يفسرها وفق هواه أو يفسدها..! وأدركوا منذ اللحظة الأولى أن مصلحة الوطن.. أرض النيل.. سمائه.. كرامة المواطن.. أحلامه.. آماله.. آلامه لن يتركوها إلا بعد تحقيقها ليرسموا بأصابعهم علامة النصر.

ولأن التاريخ -كما يقولون- يعيد نفسه، لم تدرك الملايين التى تُوجت تحركاتها مساء 11 فبراير بإعلان «ساكن قصر العروبة» تنحيه عن موقعه الرئاسى أنهم بتركهم الميادين احتفالاً بنجاح ثورتهم إنما أعادوا أسطورة «حصان طروادة» مرة أخرى فى الألفية الثانية، إذ تروى الأساطير أن حصار الإغريق لـ«طروادة» دام 10 سنوات كاملة فابتدع الإغريق حيلة جديدة، إذ بنوا حصاناً خشبياً ضخماً أجوف يبلغ من الطول 108 أمتار ومن الوزن 3 أطنان وملأوه بالمحاربين الإغريق، أما بقية الجيش فظهر كأنه رحل بينما كان فى الواقع يختبئ فخُدع الطرواديون فى أن «الحصان» ما هو إلا عرض سلام وهدية من جانب الإغريق بالرغم من تحذيرات البعض بأنه مجرد خدعة، فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة فى احتفال كبير واستغرق الطرواديون فى حالة سُكر واضح وعندما ساد الليل خرج الإغريق وفتحوا بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبوا وسرقوا بلا رحمة، وقتلوا كل الرجال بلا رحمة، وأخذوا كل النساء والأطفال كعبيد!

هكذا أعاد «الإخوان الإرهابيون» صفحة من الأساطير بعد أن اختطفوا الثورة وحادوا بها عن طريقها المرسوم، مستغلين الضغوط المعيشية لملايين من البشر عانوا طوال 30 عاماً من إهمال واضح واستثمروا عجز الملايين -بسبب الجهل- عن فك «شفرة لغة» ينطقونها شفهياً دون أن تتاح لهم الفرصة لفك طلاسمها كتابة وقراءة.. وخداعهم بأنهم «الصراط المستقيم» إلى الخلود فى الجنة وتجنباً لإرهاب نار جهنم وتخليص إرادتهم من الضغوط التى فرضتها عليهم ظروف معيشتهم الصعبة..!

ولأن لكل بداية نهاية.. فقد خرج الملايين يوم 30 يونيو ثائرين ثورة نبيلة.. غاضبين غضباً راقياً.. ليضعوا نهاية لخداع «الإخوان» مُتمسكين بحقهم دون مزايدة ومُصرين على انتزاعه، ولكن دون تخريب، فالثورة ليست مجرد إشعال للحرائق أو الهدم.. بل بحث عن نظام جديد يحترم آدمية المواطن ويراعى احتياجاته ويحافظ على كرامته ويصون حاضره ويخطط لمستقبل أفضل لتتم فى النهاية عملية إنقاذ الوطن بعد أن كان قد «اختنق بأيادى قلة من الأهل والعشيرة» وغرق فى فساد من قبلهم..!

وبدأت مرحلة جديدة من الإصلاح ولملمة أشلاء الدولة وإعمال قواعد الحق والعدل لضم فئات عدة من البائسين تحت جناح المواطنة، فالوقت قد حان لـ«الإضافة».. والإضافة فقط على الرغم من تلك الإجراءات الاقتصادية غير الجماهيرية التى فرضتها قواعد الإصلاح وإنقاذ الوطن من الضياع..!

ولأننا عدنا متحضرين.. على الرغم من أننا غاضبون‏ مما جرى لنا فى أوقات سابقة.. ولأننا لسنا همجيين‏ ‏ ولا ندعو للانتقام فإننا نطالب بتنفيذ كامل أحكام القضاء بالقصاص.

ولكننا فى نفس الوقت حريصون على ألا يُظلم أحد، فقد حانت ساعة الحق والعدل لإعادة حق شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطن يحترم آدمية المواطن ويراعى احتياجاته ويحافظ على كرامته ويصون حاضره ويخطط لمستقبل أفضل يجد كل طفل فيه مكاناً يمسك بيده قلماً ليتعلم «ز ر ع.. ح ص د»، وليضمن لكل من يجمع قروشاً لـ«يستر البنت» فرصة لأن يحقق ما يتمنى أن تراه عيونه قبل أن يغمضها إلى الأبد.. ولمن يتمنى بيتاً يضمه وأهل بيته فيه أربعة جدران تحميه من العيون.. ولمن يتألم مرضاً من أن يجد مكاناً فى مستشفى عام ليضع نهاية لألمه.. ولمن لا يخاف من غدر الزمن وهو يتلقى بيد تهزها سنوات العمر وأحكام الزمن معاشاً يكفيه.. ولكِ يا أحلى اسم فى الوجود ولأبنائك الحاليين والأجيال المقبلة السلام دائماً.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

25 يناير ÷ 3  30 يونيو 25 يناير ÷ 3  30 يونيو



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 10:57 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
  مصر اليوم - مفاجآت كبيرة في فيلم الست لمنى زكي

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon