توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكومة جديدة.. ولْنُقِمْ الصلاة بعد الوضوء!!

  مصر اليوم -

حكومة جديدة ولْنُقِمْ الصلاة بعد الوضوء

بقلم : عبدالعظيم درويش

 فى سوابق التشكيلات الوزارية، التى مررنا بها، كان المفترض أن يكون ترتيب كلمات «العنوان»، الذى يعلو هذه الأسطر، بالعكس: «حكومة جديدة.. لنُصَلِّ أولاً ثم نتوضأ»!!، فهذا ما اعتدناه؛ إذ كان اختيار الشخص أولاً لنحدد له بعد ذلك المهام التى عليه أن ينفذها، دون أن نحدد ما نحتاجه أولاً ثم نبحث عمَّن يمتلك وسائل ومؤهلات تنفيذها!

قبل نحو 12 يوماً، ومنذ الإعلان عن قبول استقالة المهندس شريف إسماعيل وحكومته وتكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة، بدأت علاقات تنمو وأخرى تتلاشى‏.. دوائر اهتمامات تتسع وأخرى تضيق حتى تختنق وتنتهى تماماً!!.. تليفونات تكاد تنفجر من كثرة الرنين‏.. وأخرى نسى صاحبها أصواتها نتيجة التزامها الصمت (فلم يعد أحد يضغط على أزرار التليفون ليطلب معاليه)‏.. «فهنا مرشح للوزارة».. أما هناك فقد أصبح «وزيراً سابقاً»!!‏

عيون تلمع وتكاد تدمع وتسكنها الحسرة‏ والألم، وأخرى فشلت جفونها فى السيطرة على نظرات الفرح التى تقفز منها‏!!.. جيران تنفسوا الصعداء بعد أن انتهت «ضوابط الأمن وتعليماته»، التى فرضها عليهم طاقم الحراسات الموجود على مدخل سكنهم.. وآخرون اكتسبت ملامحهم «زهواً» فقد أصبحوا جيراناً لشخصية «V I P»!

دراما إنسانية معتادة أكسبت الطرف الأول لقباً جديداً يسبق اسمه «سيادة الوزير أو معالى الوزير».. خدمة شرطية تصطف أمام منزله.. طابور سيارات التشريفة‏ يصاحبه فى زياراته لمواقع العمل المختلفة.. يتلقى دائماً باقة زهور تمتد بها يد طفلة اختيرت بعناية يثير شعرها «الكستنائى» وعيونها «الزرقاء» وبشرتها البعيدة عن السمرة شكوكاً حول مدى تمثيلها لأطفال تصادفهم فى الشوارع‏.. سجادة حمراء اللون تمتد من أسفل السيارة وحتى باب المكتب‏.. ثناء وإشادة دائمة بالحكمة التى يتمتع بها وبُعد النظر‏.. كلها دوائر ترسم دوامات تسحب من يستسلم لنشوتها إلى القاع!!

على الجانب الآخر، أعادت هذه الدراما للطرف الثانى لقبه مجرداً من كل شىء «سيادة أو معالى»، أو فى أفضل الحالات يضاف إلى آخره تعبير «سابقاً»‏!!.. ليعود مجدداً ليقف فى إشارات المرور بالشوارع بعد أن كانت تفتح له استجابة لـ«سارينة مميزة» لسيارة الحراسة التى تسبقه فى الطريق.. يصطف فى «طابور المواطنين» أمام «الكاشير» فى أى «سوبر ماركت» أو أمام «المصعد» انتظاراً لدوره فى الصعود..!

فما يجرى عند أى تشكيل جديد للحكومة يعد تكراراً للسيناريو ذاته بمشاهده التى اعتاد عليها كل من يقترب من دائرة الضوء قبل أن يتوارى عنه!‏

وحتى لا تغيب هذه الحقيقة عن ذهن «سيادة الوزير» -الذى يسمع هذا اللقب لأول مرة- فإن الارتباط بالمواطن هو الأبقى دوماً‏.. إلى جانب أن صياغة علاقة تكتسى بالشفافية والوضوح مع المواطنين هى التحدى الحقيقى للوزير الجديد، وهى فى الوقت نفسه أقرب الطرق للبقاء ليس على مقعد الوزارة بل فى وجدان وعقل المواطن‏.. ولعل أسهل الوسائل لتحقيق ذلك هى احترام عقلية وذكاء المواطن والانحياز الحقيقى لمحدودى الدخل، فهم كثر، دون أن يكون هذا الانحياز مجرد انحياز شفهى كما اعتدناه فى فترات سابقة‏!! فإننا قد تعبنا من كثرة الوعود والعهود التى تطلقها كل حكومة جديدة دون أن تقدم على تحقيق إنجاز حقيقى، «سوى القليل»، من بين ما تعهدت به، فهناك قائمة ممتدة من القضايا والمشكلات تواجه المواطن طال الصبر عليها أملاً فى حلها أو التخفيف من حدتها حان الوقت لأن تجد طريقها باتجاه الانفراج الحقيقى‏، حتى وإن كان هذا الانفراج لا يحقق كامل طموح المواطن، فيكفى أن تبدأ الحكومة ويكفى أن يكون هو «مجرد مواطن» له حقوق وعليه واجبات وليس «أسير حرب» أو «رهينة»‏!!‏

‏‏‏ على جانب التشكيل الجديد لمجلس الوزراء فإنه يتسم بظاهرة واضحة، هى صغر سن الوزراء، والاستعانة بعدد من الشباب كنواب للوزراء، إضافة إلى ظهور العنصر النسائى بكثافة واضحة لدرجة أن نحو 25% من التشكيل الوزارى «سيدات» وهو ما يعد مؤشراً واضحاً على أنه حال استمرار الأمر بهذا المنوال فلا أستبعد أن يأتى يوم يكون التشكيل الوزارى كله «جمع مؤنث سالماً»!

وفيما يتعلق بتجربة الدكتور مصطفى مدبولى فى الموقع الوزارى الرفيع فهى الثانية له بعد أن جرى اختباره ونجح وقت أن كان «قائماً بأعمال رئيس الوزراء»، خلال فترة وجود المهندس شريف إسماعيل فى الخارج للعلاج، إلى جانب أن إعادة اختياره للمرة الثانية لهذا المنصب إنما تأتى كرد فعل لنجاحه فى موقعه السابق «وزيراً للإسكان» إذ إنه من الوزراء القلائل الذين تكون نتائج جهودهم «شاهقة» وحقيقة ملموسة أمام أعين المواطن.

بقى شيئان:

الأول، أن الكثيرين يتمنون أن تكون «أجهزة الرقابة» قد تأكدت فى تحرياتها من سلامة الذمة المالية للوافد إلى الحكومة ومن عدم وجود أى ميول لديه للانحراف أو الفساد حتى لا ينضم إلى قائمة من سقطوا فى «طبق عسل المنصب» بعد فترة ليست طويلة من شغله المنصب.

والثانى، فإن الرأى العام يأمل فى أن يكون اختيار شخوص الحكومة قد جاء لتنفيذ مهام وتكليفات محددة جرى إعدادها مسبقاً لتناسب تلك المرحلة التى نخطو باتجاهها حتى نتوقف تماماً عمّا نرتكبه من أخطاء، إذ كان يتم اختيار الوزير ثم تحدد له سياسات أو تكليفات بدلاً من أن نكون قد حددنا سلفاً ما نحتاج تحقيقه ثم نختار من هو قادر على تنفيذ هذه السياسات حتى تستقيم الأمور ونقيم «الصلاة بعد أن نتوضأ» لتصبح صلاتنا صحيحة وليست كما كانت تقدم عليه الحكومات السابقة التى اعتادت على اتباع منطق معكوس مثل من «يؤدى فريضة الصلاة ثم يسارع لكى يتوضأ»!!

نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة جديدة ولْنُقِمْ الصلاة بعد الوضوء حكومة جديدة ولْنُقِمْ الصلاة بعد الوضوء



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon