توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حسن نصر الله يتعرف على لبنان

  مصر اليوم -

حسن نصر الله يتعرف على لبنان

بقلم - نديم قطيش

قسوة الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وسقفه المرتفع، لم يكونا مفاجأة. في الظاهر يبدو موضوع توزير أحد النواب السنّة الفائزين في الانتخابات النيابية اللبنانية بالتحالف مع «حزب الله»، هو ما يستحق مثل هذا التصعيد؛ فـ«حزب الله» ضغط لاعتماد النسبية والصوت التفضيلي في القانون الأخير الذي جرت بموجبه الانتخابات، وفي ذهنه قبل كل شيء اختراق الساحة السنية، وكسر أحادية التمثيل أو شبهها التي اتسمت بها الحريرية السياسية. وحين نجح في منح الفرصة لهؤلاء السنة أن يتمثلوا نيابياً جاء دور تكريس نهاية الأحادية الحريرية، من خلال فرض أحدهم وزيراً في الحكومة المقبلة، في حين أُقفل تمثيل الطائفة الشيعية لصالح الكيان الثنائي الحاكم لها؛ أي «حزب الله» و«حركة أمل».
ولما شعر «حزب الله» بأن الحكومة شارفت على الولادة من غير الأخذ بموقفه الداعي لتمثيل سنّة المعارضة، وجد نفسه أمام السبب الحقيقي لتصعيده الأخير. وجد نفسه أمام الامتحان الذي تعرض له كل الأقوياء في لبنان ممن سبقوا نصر الله إلى سدة القوة، واختبروا حدودها أمام ضوابط النظام السياسي اللبناني. لن يعدم السياسيون اللبنانيون الوسيلة لابتكار تسوية قد تؤدي إلى توزير أحد سنة محور إيران، وهذا رائج في تاريخ التسويات اللبنانية الكثيرة.
ما يضير نصر الله هو ما عبر عنه من تبرم بالتواضع قائلاً بالحرف الواحد، إن التواضع مضرّ في لبنان، وإنه تصرف بترفع؛ أكثر من اللزوم. وهو حقاً في موقع يدعو للتبرم؛ إذ كيف يكون نصر الله وحزبه من صناع المعادلات في المنطقة ومغيّري السياسات والرهانات، ومثبتي مشروعات ومسقطي أخرى على امتداد الشرق الأوسط، بحسب دعاية «حزب الله»، وتعجزه متطلبات التوافق اللبناني عن توزير من يرى حقاً في توزيره؟ كيف سيرضى هذا القوي بحدود قوته والضوابط عليها؟
من المفيد أن يكون نصر الله قد تنبه لهذه السمة التي تطبع النظام السياسي اللبناني، ومن المفيد أنه بدأ النقاش من حيث يجب أن يبدأ، متعرّفاً على لبنانيته السياسية ومختبراً المداخل والمخارج إلى النظام السياسي؛ فـ«حزب الله» لم يدخل الحكومة إلا بعد عام جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005، وبعد حرب تموز 2006 خرج منها، ثم عاد إليها بعد جريمة «السابع من أيار» 2008 حين وجه «حزب الله» سلاحه إلى اللبنانيين العزل في بيروت وجبل لبنان، وبدأ يتدرج بالحيل التي تتيح له الوصول إلى تركيبة حكومية، تمكنه من الإمساك بقرار السلطة التنفيذية. حفلت مذّاك الأدبيات السياسية اللبنانية بمفردات «الثلث المعطل»، و«الثلث الضامن»، و«الوزير الملك»... وغيرها من مفردات تصب جميعاً في هدف واحد: زيادة الهيمنة على السلطة التنفيذية في غياب أي مسالك دستورية تسمح بذلك.
وهنا تكمن أزمة «حزب الله» الحقيقية... فائض قوة حقيقي، وملموس؛ سلاحاً وديموغرافيا وحزباً وأجهزةَ تعبئة وإعلاماً وشراكةً خارجيةً هائلةً في كل ساحات الإقليم، وفي مقابل كل ذلك، ضوابط نظام سياسي لا يني يذكر نصر الله وحزبه بحدود القوة وعدم قابليتها للصرف في لبنان بغير منطق الاعتداء والاستيلاء والمصادرة.
عجيبة هذه المفارقة... يجاهر حسن نصر الله بضيقه من التواضع و«الآدمية»، في مقابل القول الأشهر لرفيق الحريري: «ما حدا أكبر من بلدو». فهِم رفيق الحريري مبكراً ما لا يزال نصر الله يعجز عن فهمه. هو الآخر كان كبيراً بشخصه وثروته وتقاطعاته واندراجه في موجة عالمية عنوانها العربي الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، ومن بعده الملك عبد الله، رحمهما الله، وعنوانها الغربي الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وبين القطبين صلات عميقة بعظم عواصم العالم. ومثل نصر الله؛ كان يدور في خلد رفيق الحريري ربما، أنه طاقة أكبر من لبنان، لكنه بعكسه مرّن نفسه على الاعتراف بأن هذا الاستنتاج خاطئ وخطير؛ خطير عليه أولاً قبل أن يكون خطيراً على لبنان، هذا البلد الصغير الذي ابتلعت رماله المتحركة ياسر عرفات، وكمال جنبلاط وبشير الجميل وموسى الصدر، كلاً وفق سياق تجربته وخصوصيتها.
يقف نصر الله في منطقة الاختبار هذه التي سبقه إليها آخرون، وعبر عنها بوضوح في خطابه الأخير الذي عُدّ في لبنان أنه خطاب انقلابي، وتهديدي، وما رأيت فيه إلا باباً قرر نصر الله متأخراً الدخول منه إلى واقع النظام السياسي اللبناني. في ذروة ما يظن أنها قوته، تتحرك الأمور من حوله بسرعات فائقة؛ فالعراق يسعى لإيجاد توازن داخلي وتوازن في العلاقة مع إيران، مختلف عما ساد العراق منذ 2003... في سوريا تحث موسكو الخطى باتجاه بدء العملية الدستورية الانتقالية، وفي هذا السياق سيلعب رباعي إسطنبول؛ الروسي - التركي - الفرنسي - الألماني، دوراً أكبر من ثلاثي آستانة؛ الروسي - التركي - الإيراني. حضرت إيران في الحرب وتبدو بعيدة في ترتيبات السياسة. غزة حماس تبحث عن مخارج من المرحلة الممتدة منذ انقلاب 2007، واليمن يتهيأ لجديده... كل ذلك يحدث في ظل عقوبات اقتصادية تجددت على إيران تعِد بأزمات أعمق وأخطر. لبنان بهذا المعنى الحصن الأخير لـ«حزب الله»، والإمساك به ضرورة يرى الحزب إلحاحها ويلمس استحالتها… ويغضب!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن نصر الله يتعرف على لبنان حسن نصر الله يتعرف على لبنان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt