توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكساس ــ ألاسكا... عن أميركا المأزومة

  مصر اليوم -

تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل هي مصادفة قدرية أم موضوعية، أن تنشغل الولايات المتحدة، من أقصى الشمال، إلى أدنى الجنوب، وفي هذا التوقيت الحرج والحساس، دفعة واحدة في إشكاليات داخلية وخارجية مزعجة؟

لا يهم الجواب فلسفياً، بقدر رصد الواقع المتفجر في الداخل الأميركي، في حاضرات أيامنا، فمن تكساس، الولاية الحدودية الجنوبية، تنفجر أزمة قد تمثّل عند لحظة معينة بدايةَ تساقط أحجار دومينو الاتحاد، إلى ألاسكا التي يلاحقها الروس حديثاً، عبر فكرة الحقوق التاريخية.

أزمة الجنوب في تكساس، ثاني أكبر ولاية أميركية من حيث المساحة، وواحدة من أهم الولايات ذات التأثير الزراعي والمالي، والصناعي والتجاري، عطفاً على كونها مصدراً من مصادر النفط الرئيسية للبلاد، تتعاظم يوماً تلو الآخر.

هل القصة هي خلاف بين بايدن، ممثل الفيدرالية الأميركية، وغريغ آبوت، حاكم الولاية، حول أسوار شائكة، يريد الأخير أن يواجه بها المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك؟

مؤكَّد هذا ظاهر المشهد، أما باطنه فحديث آخر، موصول بفكرة الولايات الغنية من جهة، والفقيرة من جهة ثانية، والأولى تتساءل منذ سنوات طوال خلت عن السبب الذي يُرغمها على أن تتحمل أعباء الثانية، ومن هنا تراودها فكرة الاستقلال، وإعلان ذاتها جمهورية مستقلة.

تاريخ تكساس مثير بالفعل، فقد كانت يوماً جمهورية مستقلة عن المكسيك، وظلت على هذا النحو تسعة أعوام، قبل أن تضمها الولايات المتحدة إلى فيدراليتها الوليدة.

اليوم يكاد فيروس الانفصال يسري في عروق كثير من الولايات الكبرى، وبنوع خاص تبدو كاليفورنيا أكبر ولاية من حيث المساحة، تتجهز منذ وقت غير قريب للمضيّ منفردة.

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لولاية تكساس 2.4 تريليون دولار، فيما نظيره بكاليفورنيا يصل إلى 2.9 تريليون دولار، ما يعني أن الواحدة منهما تتجاوز اقتصادياتها دولاً مستقلة في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، وعدد من الدول الأوروبية.

تكاد الأرقام تشير إلى صراع طبقي محموم بين الولايات، قائم على أسس اقتصادية، مما يعني أن أحد أهم الأركان التي قامت عليها فكرة «الاتحاد» الأميركي، والمتمثلة في التماسك الاجتماعي، والإيمان بالوحدة العضوية للعقد الذي يجمع الولايات الخمسين، ربما لن يدوم.

يُظهر التعاطف الذي أبداه حكام خمس وعشرين ولاية مع غريغ آبوت، أن الخلل عضوي، لا سيما بعد أن طفت على السطح، ملامح العنف المسلح، من خلال جماعات يمينية تجد في الأمر فرصة سانحة للوصول إلى مرادها.

هل ستصل الولايات المتحدة إلى نقطة الحرب الأهلية مرة جديدة؟

قد يكون في التساؤل اليوم نوعاً من أنواع المبالغة، لكنّ الاحتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات، وبخاصة إذا ما أصرت إدارة الرئيس بايدن على مواجهة الحرس الوطني في تكساس، والجماعات المسلحة الداعمة لقرار آبوت.

من ناحية أخرى، ستكون أزمة تكساس حالة مخيفة في سماوات النظام القضائي الأميركي، بعد رفض تكساس قرار المحكمة العليا، ضد فكرة إقامة الجدران العالية في مواجهة المهاجرين غير الشرعيين.

هل هناك لمسة خفية ما في أزمة تكساس، تُظهر حقيقة أميركا – الواسب الخائفة من قادم الأيام، والمرتجفة من فكرة «وعاء الانصهار».

ذلك كذلك قولاً وفعلاً، فالرجل الأبيض، الناظر إلى نفسه بوصفه صاحب البلاد الأصلي، وإن كان هذا المفهوم غير حقيقي، يطالع البيانات الإحصائية التي تُبدع فيها مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية، وتحمل له ما يقطع بأنه في عام 2040 ستتراجع أكثريته، وبمرور العقود سيضحى أقلية، ومن هنا تتبدى إشكالية الصراع العرقي القائم والقادم في الداخل الأميركي.

من تكساس في الجنوب، إلى ألاسكا في أقصى الشمال، تكاد رياح باردة خطيرة تهب على الولايات المتحدة، حتى إن كانت لها ملامح البروباغندا والدعاية السياسية أكثر من الحقيقة المدعومة بالأدلة والبراهين.

على مقربة من انتخابات الرئاسة الروسية في مارس (آذار) المقبل، أي خلال بضعة أسابيع، فتح القيصر بوتين طريقاً جديدة للبحث عن ممتلكات روسيا من زمن القياصرة، إلى عهد الرفاق الشيوعيين، وصولاً إلى زمن ما بعد الغلاسنوست والبريسترويكا لصاحبهما مايكل غورباتشوف.

بدأ فلاديمير بوتين سعيه بالفعل في هذا السياق، حين ضمّ في 2014 شبه جزيرة القرم، التي قدمها الرمز الشيوعي الدموي، جوزيف ستالين، هدية لأوكرانيا ذات مرة.

مع أوائل العام الجديد وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً جديداً يتعلق بممتلكات موسكو العقارية التاريخية في الخارج.

دفع القرار المراقبين لسياسات بوتين الخارجية إلى التساؤل: هل يسعى القيصر لرد الصفعات التي وُجِّهت إليه من جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وتمثلت في صورة عقوبات مالية وربما في القريب مصادرة ممتلكات عقارية وأراضٍ تخص روسيا الاتحادية حول العالم؟

ربما يكون الأمر على هذا النحو، لكن على الرغم من أن بوتين لم يأتِ على ذكر ولاية ألاسكا، فإن الكثيرين تناولوا شأن هذه المنطقة الجغرافية، وسرت الإشاعات حول اعتقاد بوتين بأن صفقة بيعها لم تكن قانونية.

هل ألاسكا هي بيت القصيد؟ الأمر أوسع، بل أخطر كثيراً جداً، فالمقصودة هي منطقة القطب الشمالي، بما فيها من ثروات طبيعية، من معادن نادرة، ونفط وغاز، وصولاً إلى أحاديث سرّية حول وجود قواعد عسكرية في منطقة جوف الأرض في تلك الأراضي الواسعة والشاسعة، وحيث تدور الشائعات عن تعاون بين الأميركيين وكائنات فضائية من كواكب أخرى.

يعن لنا طرح علامة استفهام: هل تمثل أزمات تكساس وإرهاصات ما يحدث في ألاسكا عوامل أزمة لأميركا في الوقت الراهن؟

قطعاً كلما تعرّض الداخل للوهن ارتدّ ذلك على النفوذ والهيمنة في الخارج، ولدى واشنطن جراحات ثخينة مفتوحة في الشرق الأوسط والخليج العربي، ومعركة ثأر لم تُكتب نهايتها حتى كتابة هذه السطور، ناهيك بتوابع الأزمة الأوكرانية.

وبين هذه وتلك هناك معركة العداء الاقتصادي للصين، من جراء الأمر التنفيذي 14105 الذي أصدره بايدن، ويمثل حصاراً خانقاً للاقتصاد الصيني.

وفوق هذا، تتدثر انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم بغطاء أبوكاليبس مرعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt