توقيت القاهرة المحلي 00:00:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مروان و«الملاك الزائف»

  مصر اليوم -

مروان و«الملاك الزائف»

بقلم : بكر عويضة

مفهوم أن كل شخصية تتصدى للعمل العام تفقد إمكانية التحكم في ضبط ما يُكتب، أو يذاع، أو يُنشر، أو حتى يُشاع همساً بين الناس، فيما يخص شأن الجانب الأوسع من خصوصياتها. لكن ما يصعب أن يُفهم، أحياناً، هو تعمّد نبش القبور، بقصد تجريح شخصية عامة وتشويه صورتها على نحو يبدو كأنه اغتيال لها حتى بعد مماتها. الأرجح أن يصح هذا القول في شأن فيلم مثير للجدل يعرض سيرة حياة أشرف مروان، صهر جمال عبد الناصر، الزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي منذ منتصف خمسينات، وطوال ستينات القرن الماضي، خصوصاً على صعيد المواجهة العربية - الإسرائيلية، حتى وفاته نهار 28 - 9 - 1970 بعد يوم من جهد مضنٍ لوقف أنهار الدم الأردني - الفلسطيني في عمان.

مضمون الفيلم، الذي يحمل عنوان «الملاك»، ويجري إطلاقه رسمياً في الرابع عشر من الشهر المقبل، يريد، وفق ما يتضح مما نُشر عنه في غير موقع إخباري، توصيل رسالة للمشاهدين مؤداها أن أشرف مروان هو أهم جاسوس عمل لصالح إسرائيل خلال القرن العشرين.

يس من المبالغة القول إن هذا المضمون هو نوع من الافتراء، ومن ثم فإن هذا «الملاك» الذي يُراد به تصوير أشرف مروان هو «ملاك زائف» ويرقى لدرجة محاولة اغتيال سمعة الرجل في قبره، بعدما تعذّر الإثبات، بالدليل القاطع، تورط جهاز «الموساد» في الدفع به من الطابق الخامس في البناية التي كان يسكنها نهار 27 - 6 - 2007، ثم محاولة ترويج قصة إقدامه على «الانتحار»، إذ بعد ثلاث سنوات على مصرعه المأساوي، انتهت محكمة التحقيق العليا في بريطانيا يوم 14 - 7 - 2010 إلى إصدار حكم أدرج وفاة أشرف مروان في قائمة الوفيات غير معروفة الأسباب، وهو ما وجد القبول، يومها، من جانب حرمه، السيدة منى، لمجرد أن الحكم استبعد فرضية «الانتحار»، مع ملاحظة أنها اتهمت في تصريح لصحيفة «الأوبزيرفر» (عدد 11 - 7 - 2010) جهاز «الموساد» الإسرائيلي باغتيال زوجها، استناداً إلى بوح أشرف لها أن حياته مستهدفة.

واضح أن الفيلم يتناول من منظور إسرائيلي حياة شخصية عربية غير عادية، ارتبطت بصلة مصاهرة متميزة، فأتاحت لها تولي مواقع بالغة الحساسية. يدعم هكذا افتراض أن سيناريو الفيلم، وفقاً لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، يستند إلى كتاب وضعه يوري بار جوزيف، الأكاديمي والكاتب الإسرائيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، ونُشر بالعبرية أولاً تحت عنوان «الملاك: أشرف مروان»، ثم صدر مترجماً للإنجليزية بعنوان «الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل». كما ترون، كلها عناوين تتعمد توريط الرجل في أمر ليس سهلاً، ولا ممكناً، للعقل أن يقبل به. التعامل المصري، رسمياً، إزاء مصرع أشرف مروان الغامض، شدد على رفض أي مزاعم إسرائيلية بشأن التجسس لصالح تل أبيب. تشييع الجنازة اتسم بحضور رسمي وبمستوى عالٍ لافت. الرئيس حسني مبارك أكد أن أشرف مروان مارس أدواراً وطنية مهمة، لكنه نفى أنه تجسس لصالح أي طرف. مع ذلك، راجت في الوقت ذاته مزاعم ادعت أن الرجل أدى دور «العميل المزدوج» بمعرفة الأجهزة المعنية في القاهرة، ولصالحها، وأنه نجح في تضليل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عشية حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إن صحت هكذا ادعاءات، فليس من الصعب تصوّر احتمال الانتقام البشع من قبل الطرف المُضلل.

أياً كانت حقيقة الأمر، سواء فيما يخص أشرف مروان أو غيره ممن تشبه خاتمته خواتيمهم، أو نهاياتهن، يبقى دائماً لكل نهاية لفّها الغموض بعدها المأساوي. تغوص في أعماق ملفات حروب تجسس الدول على بعضها البعض، قصص نهايات بقدر ما سوف يظل غموضها محيّراً للمؤرخين، ولكل باحث عن الحقائق، قدر ما سيبقى الغموض ذاته مؤلماً لذوي العلاقة مع أصحاب تلك النهايات المفجعة. أما الأمر المؤكد فخلاصته أن اسم أشرف مروان أُضيف، يوم مصرعه المريب، إلى قائمة أغلب الظن أنها لن تتوقف أبداً عن استقبال أسماء جديدة.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مروان و«الملاك الزائف» مروان و«الملاك الزائف»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 12:13 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف
  مصر اليوم - أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 18:39 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل
  مصر اليوم - يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل

GMT 12:25 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة
  مصر اليوم - انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة

GMT 22:27 2019 الخميس ,04 تموز / يوليو

وزيرة الصحة المصرية تعلن فحص 89 ألفا و287 امرأة

GMT 02:59 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الفساتين الحمراء موضة صيف 2019 لإطلالة لا تُنسى

GMT 19:54 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

كوت ديفوار يزاحم المغرب في صدارة مجموعته

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 10:50 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل حادث محطة مصر

GMT 10:17 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

4 أعراض تحذيرية للإصابة بأزمة ارتفاع ضغط الدم

GMT 19:40 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

فوز صعب يقود دورتموند للابتعاد بصدارة الدوري الألماني

GMT 02:42 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة سهلة لتحضير مرق الدجاج والبازيلا بالكاري

GMT 19:57 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

جون انطوي يقود هجوم "المقاصة" أمام "بيراميدز"

GMT 15:16 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"السيسي" يرتدي ملابس عسكرية أثناء تفقد القواعد الجوية

GMT 21:20 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مراهق بريطانى يقطع رأس زوجة أبيه بالسيف

GMT 10:08 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

"جنايات المنصورة" تقضي بإعدام عامل قتل ابن جاره

GMT 09:04 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ديور" تطرح مجموعتها الجديدة من حقائب الربيع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon