توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

بقلم: بكر عويضة

في الموجز أن الخبر ليس جديداً، وأما العنوان فليس دقيقاً. وفي التفاصيل أن إعجاز غزو جهاز آلي (روبوت) لاستديو الأخبار في التلفزيون، وقراءة النشرة للجمهور، حدث وقع منذ زمن، إذ بدأ في اليابان مطالع العام الماضي، ثم وصل مذيع الصين الآلي أواخر 2018. أما أحدث اللاحقين بالصرعة، وبالتأكيد ليس آخرهم، فهو «روبوت» روسي يُدعى «أليكس» فوجئ المشاهدون به يقدم نشرة أخبار على شاشة قناة «روسيا 24» في التاسع عشر من الشهر الحالي، فبدا كأنه بشر من عظم يكسوه لحم، ويجري في الشرايين منه الدم. كلا، ليس تماماً. كان الوجه جامداً، والابتسامة تقول صراحة إنها مصطنعة، يضاف إلى ذلك أن «أليكس» لم يأتِ بأي خبر، إنما تمتم ما لُقِن، وهذا يشرح غياب دقة العنوان أعلاه، المقتبس من صيحة شهيرة أطلقها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد منذ قرون خلت، لكنها تفصح، في أيامنا هذه، بشكل ما، عن كثير مما يدور حولنا، ويحار أغلبنا في فهمه:

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباء من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ
أثَمَّ مبرر أوجب استحضار قصة المذيع الآلي «أليكس»، وإيقاظها من نوم عميق؟ نعم. أليس يوصف هذا النهار - أول مايو (أيار) في معظم دول العالم، بيوم العمال؟ بلى. حسناً، تلك في حد ذاتها مناسبة للتذكير بزحف خطر «الروبوت» الساعي للاستيلاء على أدوار مذيعات ومذيعي التلفزيونات والراديو، ليس في قراءة الأخبار فحسب، بل تحرير نصوصها كذلك، واختيار العناوين المناسبة لها، وترتيب أولوياتها في النشرة، يضاف إلى هذا كله ما يتردد عن تدريب «أليكس»، إلى جانب زملاء له وزميلات، على إجراء الحوارات، ومحاججة كبار المسؤولين، ومشاهير الفنانين، بأسئلة من العيار الثقيل، ولكم، ولكن، في مهارات حسناء آلية تُدعى «صوفيا»، وأُخرى اسمها «أليكسا»، وثالث يحمل اسم «فورهات»، خير مثال يحذر من استفحال خطر «الروبوت» الزاحف في كل اتجاه، تقريباً. تُرى، هل وصلت الرسالة؟
الخطر المقصود هنا هو تزايد احتمالات الاستعانة بأشكال «روبوت» مختلفة في مجالات عدة، كي تؤدي وظائف يُفترض أنها مهمات يقوم بها البشر تجاه بعضهم البعض. بمعنى أكثر تفصيلاً، ليس في تركيب «إنسان آلي» ما يوجب الاعتراض على منطق تقدم مسيرة الإنسان - الذي كُرِّم بالعقل ممن خلق فسوّى - في مجالات العلوم كافة. بل على النقيض من ذلك، الأحرى أن يقابل هذا التقدم بالترحيب، خصوصاً إذا أمكن للبشر الإفادة من إمكانات أي «روبوت» يُطرح في الأسواق، لجهة تقديم العون بغير ميدان، مثل الاستماع لمشكلات تواجه بعض الناس، واقتراح حلول لها في غير مجال، ومنها الطب، وعلم النفس، أو المساعدة بتسريع إجراءات السفر في مطارات وموانئ، كما يفعل «فورهات»، مثلاً. رغم ما سبق، مفهوم أن يرافق الحذر ترحيبَ الإنسان بالمنافس الآلي. وهو حذر يقوم على أكثر من سبب. من ذلك أن خطر استيلاء «الروبوت» على وظائف البشر يتمدد سريعاً في حقول عدة، من بينها حقل تصنيع «الإنسان الآلي» ذاته. خذ، مثلاً، كشفت مجموعة «ABB»، السويسرية عن وجود برامج لديها لإنشاء مصنع في شنغهاي تعمل فيه مخلوقات آلية، مهمتها إنتاج ما يماثلها. السبب؟ لأن التكلفة أقل كثيراً عندما تُقاس بارتفاع أجور العمالة البشرية. من الطبيعي أن يثير هكذا توجه قلق شرائح كثيرة بين الناس، خصوصاً العمال، في مختلف أنحاء العالم. فحتى وقت قريب، بدا أن «الروبوت» خطر يتمدد في مواقع عمل ذوي الياقات البيضاء، أو الزرقاء، ليس مهماً اللون، المهم أن الخطر موجه نحو وظائف العاملين، والعاملات، في مكاتب كبريات المصارف، أو شركات الطيران، أو غيرها من المؤسسات، بما فيها تلك السابحة في فضاءات الإعلام باختلاف وسائلها. إزاء تسارع وتيرة التقدم التقني، على صعيد عالمي، واضح أن الخطر لم يعد مقتصراً ضمن نطاق محدد، بل الأرجح أنه أضحى قريباً من كل قطاع يمكنه الوصول إليه.
يذكرني يوم العمال العالمي، كما غيري من أترابي، بالشعار القديم: «يا عمال العالم اتحدوا». تُرى، هل بات منطق حتمية التغيير يوجب إعادة التفكير على نحو أن يا معاشر العمال انتبهوا: «الروبوت» في الطريق إليكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يأتيك روبوت بالأخبار يأتيك روبوت بالأخبار



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt