توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلاح البطل وصلاح المُضَلل

  مصر اليوم -

صلاح البطل وصلاح المُضَلل

بقلم - بكر عويضة

ما أوسع الهوة، ما أبعد الشبه، ويا لهول الفارق، بين محمد صلاح، وصلاح عبد السلام. الأول تفوّق في ملاعب كرة القدم فأبدع في بلده وبين أهله بمصر، وإذ شد أنظار آخرين على امتداد العالم إليه، فانتقل إلى ملعب فريق نادي ليفربول البريطاني، تألق أكثر في جمال اللعب، وألقى من الكُرات في مرمى الخصم ما استحق معه لقب بطل تسديد الأهداف بلا منازع. أما الثاني، فصعد من مغمور لم يسمع باسمه أحد إلى منصات أضواء إعلام الكوكب كله، إنما عبر ارتكاب جُرم قتل أبرياء بلا أي وجه حق. محمد صلاح انتزع إعجاب جمهور «اللعبة الجميلة» - كما تُسمى عالمياً ليس في بريطانيا وحدها، بل في أصقاع العالم كله. صلاح عبد السلام، البلجيكي المولد، الفرنسي الجنسية، والعربي الأصول، لم يُدخل الفزع إلى شوارع الفرنسيين فحسب ليل تفجيرات باريس (13/ 11/ 2015)، بل أشاع الرعب بأنحاء المعمورة كلها. كم شاسع هو الفاصل بين الصلاحين.
إنما، رغم اتساع ما يفرّق الاثنين، يظل من اليسير، بل الهيّن، لكل ذي سمع وبصر، رؤية أسباب الفارق وفهم مبرر الفاصل بينهما. الشاب الآتي من ملعب فريق مصري محلي إلى نجومية نادٍ عالمي، هو نتاج تنشئة رأت في وقت مبكر موهبته الكروية، فقدمت لها ما تستحق من رعاية، وأعطتها التشجيع اللائق بها، فأنتجت نبتاً حسناً سرعان ما أثمر نجاحاً لافتاً. في المقابل، وُلِد صلاح عبد السلام لأب مغربي مهاجر في بروكسل، وكما غيره من أطفال الأسر المهاجرة إلى أوروبا، نشأ الصبي بريئاً من كل تلوث يبرر أي شكل للعنف، ومن المؤكد أن آخر ما خطر على بال والديه أن ولدهما سوف يخرج على الناس في باريس، أو غيرها، شاهراً قنابل الإرهاب ورشاشات سفك الدماء. هدية مصر لعالم كرة القدم، بمغارب الأرض والمشارق، تعلّم من نهج يقول إن البشر سواءٌ، وشرب من نبعٍ يساوي بينهم، ليس يفرّق في التعامل معهم سوى الارتقاء لمستوى مكارم الأخلاق أو الانحدار إلى قاعها، فتحقق له النجاح في قريته أولاً، وخارج وطنه تالياً. أما المتعلم في مدارس فرنسا تلميذاً، واللاعب بحواريها صبياً، والمُعالج بمشافيها مريضاً، فقد وقع في مصائد مناهج ضلال التطرف، وخضع لجرّاح مهمته غسل خلايا دماغ ضحاياه حتى تقبل بالزعم القائل إن القتل هو سبيل إبلاغ الناس برسالة الإسلام، وإذ نجح الغاسل في زرع منهج الإرهاب، تخرّج من معمله صلاح عبد السلام كي يُحاكم بتهمة تصفه بالقاتل. حقاً، بئس الزرع ويا لسوء الحصاد.
مثالان ليس من جامع بينهما. شاب ينجح في الجمع بين قويم الخُلق وبذل الجهد والعَرق في المكان الصحيح، فإذا به مضرب مثلٍ في إدخال الفرح إلى قلوب الناس كافة وبيوتهم. محمد صلاح مثال يبشّر بهوية إسلام صحيح ليس يفرّق بين البشر على أساس عِرق أو دين أو جنس. تجاوز الإعجاب بإبداع الشاب المصري حاجز ملاعب الكرة، فانطلق بعض المعجبين يشهر اعتناق الإسلام. بصرف النظر عن العدد، أو مدى الجديّة، يكفي محمد صلاح أن يغرّد معجبون به بما مضمونه أنهم رأوا فيه أنموذج المسلم المشجّع على الدخول في الدين الذي يعتنق. بالمقابل، انظر ماذا يفعل إجرام الإرهاب الصانع لشبان مثل صلاح عبد السلام. الواقع أنه ما أفلح إلا في التنفير من الإسلام، وتفعيل كراهية المسلمين. آخر الأمثلة على ذلك، طالبة مصرية شابة تُدعى مريم مصطفى توفيت قبل أيام في مستشفى بمدينة نوتنغهام بعد تعرضها لاعتداء فتيات عليها بالضرب المبرح. ورغم غياب دليل قاطع أن دافع الجريمة هو الكراهية، يبقى أن باب جرائم كهذه مفتوح دائماً كرد فعل على ما يُرتكب باسم الإسلام من إرهاب، بل إن الشرطة في هذا البلد تحقق في منشورات جرى توزيعها قبل أسبوعين في بعض المناطق وتتضمن صريح التحريض ضد المسلمين.
المصري محمد صلاح، ومن قبله العداء الصومالي محمد فرح، وقبلهما النجم الجزائري المتألق زيد الدين زيدان، وكل الناجحين أمثالهم، في الميادين والمجالات كافة، يشكلون الوجه الناصع لما ينتمون إليه، ديناً وتراثاً وهويةً. إلى ذلك، وانطلاقاً من مبدأ أنه لن يصح سوى الصحيح، فإن مثل النجاح الإنساني الذي يضربون هو الظاهر، في الآخِر، على باطل إرهاب الضلال، أياً كان الشعار، أو الرايات.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح البطل وصلاح المُضَلل صلاح البطل وصلاح المُضَلل



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt